حراك دبلوماسي عربي وغربي جديد ومفاجئ يكسر أجواء الصمت ويحرك المياه الراكدة في الأزمة الخليجية، زيارات جديدة ومبعوثون وجولات إقليمية تشير إلى انطلاق مفاوضات لمحاولة حل الأزمة الخليجية التي دخلت شهرها الثالث قبل أيام، لكن على الرغم من وجود تحركات ونشاط دبلوماسي جديد فإن أفق وجود حلول سياسية لا تزال مغلقة أو على الأقل بعيدة في الوقت الحالي. عودة الوساطة وصل إلى الكويت، اليوم الثلاثاء، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الخليج تيموثي ليندركينغ، والجنرال المتقاعد بمشاة البحرية الأمريكية أنتوني زيني، مبعوثا وزير الخارجية الأمريكي، في مساع لحل الأزمة الدبلوماسية بين قطر والدول المقاطعة لها، بحسب مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية قبل أيام، فيما قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون: هناك الكثير الذي يمكن أن نفعله من خلال الإقناع عبر الهاتف، لكننا ملتزمون بحل هذا الخلاف على الأرض واستعادة وحدة الخليج، لأننا نرى أن ذلك مهم للجهد المبذول منذ فترة طويلة لهزيمة الإرهاب في المنطقة. على الجانب الآخر، أرسل أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، أمس الإثنين، وفدًا إلى كل من مصر والسعودية برئاسة وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الحمد الصباح، يرافقه وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء محمد العبد الله الصباح، وسلّم الوفد الكويتي رسالة خطية من أمير الكويت للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، قبل أن يتوجه الوفد بعدها إلى مصر لتسليم رسالة خطية إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي. في ذات الإطار، توجه الصباح، اليوم الثلاثاء، إلى سلطنة عمان، لتسليم رسالة خطية أيضًا إلى السلطان قابوس بن سعيد، وبعدها سيتوجه إلى الإمارات لتسليم رسالة إلى رئيس الدولة خليفة بن زايد آل نهيان، كما سيزور مبعوث أمير الكويت أيضًا مملكة البحرين، لتسليم رسالة خطية إلى الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة. من جانبه بحث نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، مع السفيرين لدى موسكو، السعودي عبد الرحمن الراسي، والقطري فهد بن محمد العطية، خلال لقاءين منفصلين، مستجدات الوضع في الخليج، وأوضحت وزارة الخارجية الروسية أن لقاء بوغدانوف مع السفير السعودي جاء بمبادرة الجانب السعودي وتناول أيضًا مختلف جوانب التعاون الروسي السعودي وجدول الاتصالات الثنائية على مختلف المستويات، وحول اللقاء مع السفير القطري، أوضحت الوزارة أنه شهد تباحثا في القضايا الآنية بالشرق الأوسط مع التركيز على الأزمة المستمرة في العلاقات بين قطر وعدد من دول المنطقة، إضافة إلى الطرق المتاحة لتطبيع الوضع. في سياق هذا النشاط الدبلوماسي، زار وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، الكويت ضمن جولة إقليمية قادته ابتداءً إلى السعودية ومصر وعُمان وقطر، على أن تأخذه لاحقًا إلى البحرين والأردن والعراق، وسلّم مساهل، لأمير الكويت، خلال لقائه به في القصر الملكي، رسالة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أكدت على "مساندة بوتفليقة ما يقوم به سمو الأمير من دور في جمع الشمل بين الإخوة، وخصوصًا بين الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي"، وأعرب مساهل، عن تفاؤله بأن ينجح الأمير في هذه المهمة، مشددًا على "أننا في حاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن نجمع شملنا ونتعاون"، مشيرًا إلى أن "هذه سياسة الجزائر، لا نتدخل في شؤون الآخرين ولا نقبل أن يتدخل أحد في شؤوننا، وهذا كذلك ما لاحظناه عند إخواننا في الكويت". هل من نتائج مرتقبة؟ على الرغم من أن كافة الزيارات واللقاءات بقيت سرية ولم يتم الكشف عن فحوى أي منها، سواء رسائل الكويت لقادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، أو مفاوضات نائب وزير الخارجية الروسي مع سفيري السعودية وقطر، أو زيارة المبعوثين الأمريكيين إلى الكويت، إلا أن هذه الجهود الكويتية والروسية والأمريكية بقيت مجرد محاولة لكسر الجمود الذي سيطر على المشهد الإقليمي والدولي المتصل بالأزمة الخليجية خلال الأسابيع القليلة الماضية، لكن دون أن ينبئ بانفراجة قريبة خاصة مع استمرار حالة السجال السياسي والتراشق الإعلامي بين دول المقاطعة وقطر. في ذات الإطار فقد ربط بعض المراقبين بين التحركات الدبلوماسية خاصة الأمريكيةوالكويتية، وتوجه قطر نحو المنظمات الدولية والعالمية، حيث أعلنت منظمة التجارة العالمية، الجمعة الماضية، تسلمها شكاوى قطر ضد السعودية والإماراتوالبحرين، والتي قالت المنظمة إنها تتمحور حول إجراءات الدول الثلاث التي تعتبر قطر أنها "تقييد تجارة السلع والخدمات من قطر وحقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة". وفي الوقت نفسه، طالبت منظمة الطيران المدني الدولي في 31 يوليو الماضي، في أعقاب اجتماع طارئ لها في كندا بناء على طلب قطر، كل الدول الأعضاء فيها إلى الالتزام باتفاقية شيكاغو والامتثال لها لجهة مواصلة التعاون في ما يتعلق بسلامة الطيران وأمنه وكفاءة الطيران المدني الدولي واستدامته، وهو ما دفع البحرينوالإمارات إلى تخفيف القيود المفروضة على قطر في المجال الجوي، بدءًا من أمس الإثنين، في أعقاب توجيهات من قبل منظمة الطيران المدني الدولي، حيث قال المتخصص في الملاحة الجوية أليكس ماتشيراس، إن القرار يسري من أمس الإثنين، لكن من المقرر أن يتم فتح المجال الجوي على نحو أكثر فعالية بدءًا من 17 أغسطس الجاري.