عقدت منظمة شنغهاي للتعاون، الكتلة الأمنية بوسط آسيا التي تقودها الصين وروسيا، قمتها السنوية في كازاخستان في الأسبوع الماضي، وكانت أهم نتائجها انضمام الهند وباكستان ليصبحا عضوين جديدين منذ تأسيس المنظمة في عام 2001، ويبدو أن هذا التطور سيستمر لجذب إيران بالإضافة إلى تركيا، حتى باتت تلك المنظمة توصف بأنها ثقل شرقي مواز لحلف الناتو. إذا حدث هذا التوسع في منظمة شنغهاي لتشمل الشرق الأوسط، فمن المرجح أن يثير ذلك اهتمام الدول العربية لتطبيقها والانضمام أيضًا لها، حيث إن استجابة واشنطن المشوشة للنزاع الحالي بين دول مجلس التعاون الخليجي وقطر، بجانب انفصالها عن القيادة العالمية، تعطي قادة الشرق الأوسط سببًا في النظر لقوى خارجية أخرى لتصبح شريكة أمنية محتملة. وتعد إيران دولة مراقب منذ عام 2005 بمنظمة شنغهاي، وتقدمت بطلب عضوية كاملة في عام 2008، إلَّا أنها كانت تخضع لعقوبات من الأممالمتحدة، ولم يسمح ذلك بدخولها المنظمة وفقًا للوائحها، ومع رفع العقوبات عنها في العام الماضي، تعود فكرة الانضمام الإيراني لتصبح نقطة تحول رئيسية في جدول أعمال قمة 2016. وقال نائب وزير الخارجية الصيني، لي هايلاي، في مؤتمر صحفي عقده في بروكسل في ختام لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: نعتقد أنه بعد حل المشكلة النووية الإيرانية ورفع العقوبات التي فرضتها الأممالمتحدة، لم يعد هناك أي عقبات، وبالتالي نؤيد رغبة إيران في أن تصبح عضوًا رسميًّا في منظمة شانغهاي للتعاون، وقد أعرب الرئيس الصيني، شي جين بينغ، عن موافقته على عضوية إيران خلال زيارته إلى طهران في العام الماضي، ونظرًا لتوزيع السلطة في المنظمة، ستلعب الصين وروسيا دورًا كبيرًا في التأثير على شكل توسع المنظمة. ويمكن أيضًا أن تتوجه تركيا إلى المنظمة أكثر من الشرق الأوسط، فهي حاليًا شريك حوار مع المنظمة لكنها لم تعرب عن اهتمامها في الحصول على عضوية كاملة، وقد تحدَّث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن القيم المشتركة بين تركيا والدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، مما يشير إلى تباين العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي. وكان سفير الصين لدى أنقرة قد قال في الشهر الماضي: الصين مستعدة لقبول عضوية تركيا، والاندماج التركي في النظام الأوروبي الآسيوي، بعيدًا عن الاتحاد الأوروبي، له فوائد ومصالح اقتصادية وأمنية لروسيا. انضمام إيرانوتركيا إلى المنظمة لا يعكس فقط طموحات الصين في التوسع، لكنه يتسق أيضًا مع رؤية الصين لمبادرة حزام واحد طريق واحد، وخطتها لإنشاء طريق الحرير الجديد عبر أوراسيا. وتعد إيران شريكا مهمًّا في المبادرة، حيث إن الممر الاقتصادي بين الصين ووسط غرب آسيا يأتي من خلال إيران، وهي تعتبر نقطة النهاية التي تربط بين الدولتين من خلال مشاريع الاستثمار في البنية التحتية، كما شهد النمو الاقتصادي ارتفاعًا كبيرًا بين الصينوإيران في السنوات الأخيرة، حيث قفزت التجارة الثنائية من 8.5 مليار دولار في عام 2005 إلى 31.6 مليار دولار في العام الماضي. تركيا أيضًا شريك مهم للصين، وهي نقطة نهاية أخرى في الممر الاقتصادي بين الصين ووسط غرب آسيا، والتعاون الكثيف بين البلدين في مشروعات البنية التحتية يهدف إلى زيادة الربط الإقليمي، وقد تم الانتهاء مؤخرًا من إنشاء خط سكة حديد فائق السرعة عبر تركيا، تم بناؤه من قِبَل اتحاد صناعي صيني تركي مشترك، مول جزئيًّا بقرض صيني بقيمة 750 مليون دولار، وهذا يمهد الطريق أمام مشاركة صينية أكبر في مشاريع البنية التحتية الأخرى في تركيا. وفي علاقاتها مع مجلس التعاون الخليجي، فإن توسع منظمة شانغهاي للتعاون مع إيرانوتركيا يمكن أن يؤدي إلى تعقيدات للصين، التي تحصل على أكثر من 30% من واردتها النفطية من السعودية والكويت وعمان وقطر، وتعد السعودية والإمارات أكبر شريكين تجاريين للصين، بحجم 114 مليار دولار في عام 2016، وبالتالي فإن دول مجلس التعاون الخليجي عامل مهم في سياسية الصين بالشرق الأوسط، ويمكّن لعلاقات أوثق مع إيرانوتركيا. ورفضت الصين اختيار الجانبين ودعت إلى إيجاد حل دبلوماسي، وشددت على ضرورة الاستقرار في الخليج، وهذا يتفق مع نهج الصين تجاه المنطقة، فعندما زار العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، بكين في مارس الماضي، على سبيل المثال، عرض وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، القيام بدور الوساطة للحد من التوترات بين المملكة العربية السعودية وإيران، لكن مع الحديث عن عضوية إيران في منظمة شانغهاى للتعاون، هناك تصور بأن الصين قد اختارت جانبها في منطقة الخليج. ويؤكد التنافس السعودي الإيراني على المشكلات الدبلوماسية التي يمكن أن تحدث للصين في الشرق الأوسط، حال حصلت إيران أو تركيا على عضوية منظمة شنغهاي، لكن في الوقت ذاته، يعطي رؤية محتملة لمزيد من التوسع ي المنطقة، حيث أظهر انضمام الهند وباكستان أن المنظمة مستعدة لقبول الدول المتنافسة. ومع اقتراب إيران من الحصول على العضوية الكاملة، لن يكون مفاجئًا إذا أعربت السعودية وشركاؤها في مجلس التعاون الخليجي عن اهتمامهم بالانضمام، حيث إن المنافسة السعودية الإيرانية وسياسة الولاياتالمتحدة غير الواضحة تجعل الخليج مسرحًا للقوى الخارجية الطموحة ذات المصالح الإقليمية، ومن المتوقع أن تقيم دول الخليج العربي علاقات مع هذه القوى، مما يجعل الخليج يبدو أشبه بنظام متعدد الأقطاب أكثر من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب الباردة. المقال من المصدر