في إطار المحاولات الصهيونية للتضييق على الفلسطينيين في قطاع غزة، من خلال الحصار الجائر وتدمير البنى التحتية هناك وقطع المرافق العامة عن القطاع، يأتي قرار الحكومة الصهيونية الجديد بتخفيض ساعات الكهرباء الواردة إلى القطاع، فيبدو أن الكيان الصهيوني قرر إظلام قطاع غزة وتكريس المعاناة التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني بلا كهرباء في قطاع يرزح في الأساس تحت حصار خانق منذ أكثر من 10 سنوات. تخفيض الكهرباء.. كارثية القرار أعلن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان، أن بلاده ستخفض تزويد قطاع غزة بالكهرباء، وأوردت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الحكومة قررت في اجتماعها الأسبوعي، الذي عقد الأحد الماضي، تخفيض حصة غزة اليومية من الكهرباء بمعدل 45 دقيقة يوميًّا، وذلك في وقت يحصل فيه سكان القطاع يوميًّا على ثلاث أو أربع ساعات من التيار الكهربائي فقط، وذلك في أفضل الأحوال، وردًّا على سؤال حول العواقب التي يترتب عليها قطع الكهرباء وإمكانية اندلاع حرب جديدة، أكد أردان أنه: ليس مؤكدًا أن يؤدي هذا الأمر إلى مواجهة عسكرية، من الممكن أن يدرك الفلسطينيون أن الكارثة بالنسبة لهم هي حركة حماس. من جانبها حذرت شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة، أمس الاثنين، من كارثة إنسانية غير مسبوقة، ستقع إن جرى تطبيق قرار تقليص كمية الكهرباء الواردة من إسرائيل إلى القطاع، وقال مدير العلاقات العامة والإعلام في الشركة، محمد ثابت، إن الشركة لم تبلغ حتى اللحظة بشكل رسمي بشأن إمكانية خفض كميات الكهرباء الواردة إلى القطاع، موضحًا أن تطبيق قرار التقليص سيكون له تداعيات خطيرة على كافة القطاعات الحياتية في القطاع، وينذر بكارثة حقيقية، وطالب ثابت الأممالمتحدة ومؤسسات حقوق الإنسان بالتدخل العاجل، من أجل الضغط على الاحتلال وتطويق الأزمة الإنسانية قبل أن تتفاقم. في ذات الإطار أشار "ثابت" إلى أن غزة تعاني في الأساس من نقص في الكهرباء، بسبب توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، والتي كانت تزوده ب150 ميجا واط، وذلك بعد نفاد الوقود اللازم لتشغيلها ورفض السلطات الفلسطينية رفع الضرائب عن الوقود، بالإضافة لانقطاع إمدادات الكهرباء المصرية عبر خطوط الكهرباء، حيث تزود إسرائيل قطاع غزة بعشرة خطوط، بما يوفر حوالي 125 ميجا واط، بالإضافة ل23 ميجا تزودها الخطوط المصرية المتذبذبة، والتي لا يمكن الاعتماد عليها. بدعم السلطة الفلسطينية المثير للغضب والاشمئزاز أن الوزير "أردان" ألقى بمسؤولية هذا القرار على السلطة الفلسطينية، حيث قال إن "السلطة الفلسطينية التي يترأسها محمود عباس قررت التقليل إلى حد كبير من الأموال التي تدفعها لإسرائيل من أجل أن تقوم بتزويد غزة بالكهرباء"، وأضاف "سيكون من غير المنطقي أن تدفع إسرائيل جزءًا من الفاتورة". يأتي هذا القرار بعد أقل من شهرين على قرار من السلطة الفلسطينية بوقف سداد ثمن الكهرباء التي تمد بها إسرائيل غزة عبر 10 خطوط تنقل 125 ميجا واط، أي ما يعادل 30% من احتياجات غزة من الكهرباء، وهو ما جاء في بيان صادر عن وحدة الاتصال العسكري الصهيوني مع السلطة في رام الله، وقد علقت حماس حينها على خطوة السلطة الفلسطينية، على لسان المتحدث باسم الحركة، فوزي برهوم، قائلة: بأن هناك تهربًا واضحًا من الرئيس محمود عباس، وحكومة الدكتور رامي الحمد الله، من استحقاقات المصالحة ومن التزاماتها تجاه قطاع غزة، ومن تسلم كافة مهامها والقيام بواجباتها تجاه 2 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع. وأرجع الكثير من السياسيين حينها خطوة السلطة الفلسطينية عدم سداد فواتير الكهرباء للقطاع بسعى الرئيس "أبو مازن" إلى زيادة مأسي الغزاويين، وبالتالي دفعهم للضغط على حركة حماس التي تُدير القطاع منذ عام 2007، حيث تتبع الحكومة والسلطة الفلسطينية مبدأ "العقاب الجماعي"، فكلما ضاقت الأفق وتشابكت الأزمات السياسية بين فتح وحماس، اتجهت السلطة إلى ممارسة المزيد من الضغوط على فلسطينيي غزة. مغامرة إسرائيلية الخطوة الإسرائيلية التي جاءت استجابة لطلبات السلطة الفلسطينية اعتبرها بعض الخبراء الأمنيين الإسرائيليين مغامرة سياسية وخطوة غير محسوبة، قد يدفع بعض المستوطنين والجنود الصهاينة فاتورتها، حيث تعتقد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن دعم قرارات السلطة الفلسطينية في قضية تقليص الكهرباء قد يدفع بحماس لإخراج غضبها تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتابعت القناة الثانية الإسرائيلية أن حركة حماس تعيش الآن حالة عزلة غير مسبوقة من مصر والسعودية وحتى السلطة الفلسطينية في رام الله، والتخوف يكمن في أن هذه العزلة قد تدفع بها لمواجهة مع جيش الاحتلال. الكهرباء.. أزمة في قائمة مطولة تأتي أزمة الكهرباء التي من المقرر أن تتفاقم خلال الأيام القادمة بناء على قرار الكيان الصهيوني، لتكون واحدة في قائمة أزمات مطولة يعاني منها القطاع المُحاصر منذ ما يقرب من عقد، فهناك أزمة المياه، حيث يعاني الشعب الفلسطيني من ندرة المياه، وخاصة في قطاع غزة، فالاحتلال يسيطر على معظم مصادر المياه الموجودة في الأراضي المحتلة، ويحرم الفلسطينيين من حقهم في الوصول إلى مصادر المياه أو الحصول على مصادر بديلة، حيث أكدت إحصائيات أن الاحتلال يسيطر على 85% من المياه المتدفقة من الأحواض الجوفية، فيما لم يُسمح للفلسطينيين بأن يحفروا أي بئر للمياه، مما يجبر الفلسطينيين إلى شراء المياه المتدفقة من أراضيهم المحتلة من شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت"، حيث وصلت كمية المياه المشتراة 63.5 مليون م3 عام 2014.