حالة من الغضب اجتاحت الشارع البورسعيدي عقب تصريحات اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، بمنع إقامة موائد الرحمن التي اعتاد القادرون من الشعب على إقامتها للفقراء كأحد طقوس شهر رمضان، وامتنع غالبية المواطنين عن إقامة موائد الرحمن خوفًا من المخالفة والغرامة، فيما طاردت شرطة المرافق من أقامها، ولجأ الفقراء لموائد الجيش التي لم تقترب منها شرطة المرافق، وتسبب ذلك في تكدس وزحام شديد على تلك الموائد، وسط آلاف الشكاوى والانتقادات لمحافظ بورسعيد، الذي علق قائلًا: «فهمتوني غلط». وقال محمد ربيع، أحد التجار ببورسعيد، إن عائلته تقيم مائدة الرحمن بمنطقة التجاري بحي العرب، منذ أكثر من 25 سنة، وهو تجمع المحلات التجارية لعائلاتهم، ودائمًا يحضر المائدة ويفطر بها المغتربون الذين يحضرون لشراء البضائع أو غيرها، وتسع حوالي 200 فرد، وتكثر الموائد في هذا الشارع التي يقيمها التجار منذ عشرات السنوات، وحتى بعد الظروف الاقتصادية الطاحنة لم تتأثر الموائد، وحرص الغالبية على استمرارها، حتى جاء قرار المحافظ بمنعها بعد أن اعتبرها إشغالات. وتابع أن تلك القرارات ليست بغريبة على المحافظ، فهو الذي أزال مبردات المياه كافة من شوارع المحافظة لنفس الأسباب وحجة الإشغالات، وكأنها تركزت بموائد الرحمن ومبردات المياه، تاركًا الإشغالات الحقيقية والتي يتبع أصاحبها البلطجة ولا يستطيع أحد إزالتها، فضلًا عن الأراضي التي استولى عليها رجال أعمال ومسؤولون ولم يتم سحبها في الحملة الأخيرة، بناء على توجيهات رئيس الجمهورية، واكتفوا بالأكشاك والأراضي الزراعية والبنايات البعيدة عن رجال الأعمال وأصحاب السلطة والنفوذ. وناشد ربيع المحافظ بإرجاء قرار منع إقامة موائد الرحمن، حيث يعد ذلك هدمًا لطقس شعائري ديني روحاني لشهر واحد طوال العام، مؤكدًا أن شرطة المرافق أبلغته بضرورة إزالة الصوان الخاصة بمائدة الرحمن، ولولا وجود مواطنين على الكراسي لأخذوها ضمن حملاتهم، ومع ذلك حرروا عدة محاضر مخالفة له بأرقام خرافية بسبب مائدة الرحمن. وقال أحمد السيد، صاحب إحدى شركات الملاحة وأحد القائمين على موائد الرحمن، إنه يقيم مائدة رحمن مع والده منذ عشرات السنين أمام مصلحة الشهر العقاري بحي المناخ، وتسع من 150 إلى 200 فرد يوميًّا طوال شهر رمضان، ويتوافد عليها غالبية العمال المتمركزين بجوار مستشفى النصر المركزي وعمال التراحيل واليومية والمغتربين والمسافرين. وتابع أن تلك العادة التي يقوم بها المقتدرون ترفع العبء عن كاهل الغلابة والمواطنين البسطاء الذين لا يجدون قوت يومهم على الأقل لشهر واحد طوال العام، مطالبًا المحافظ بضرورة إلغاء عن هذا القرار واستمرار موائد الرحمن حتى لا نتحول إلى مخالفين تنتظرنا الغرامات والمخالفات، حتى لا نكون مطاردين من شرطة المرافق بسبب عمل خيري وشعائر دينية. ويقول إسماعيل محمد، أحد التجار بحي العرب، إنه امتنع عن إقامة مائدة هذا العام بسبب قرار المحافظ، وتوافد شرطة المرافق منذ اليوم الأول من شهر رمضان ومنع إقامتها من الأساس، وتهديد محل الفراشة بأخذ الكراسي والصوان وتحرير محضر له وكذلك تحرير محضر لصاحب المائدة، مؤكدًا أنه سيعوضها بأعمال خيرية أخرى رغم أنه حزين جدًّا على عدم إقامة مائدة هذا العام، ومنع طقس سنوي يقيمه منذ عدة سنوات بسبب قرار من المحافظ غير مبرر، بحسب قوله. وشهدت موائد القوات المسلحة في بورسعيد زحامًا شديدًا فى شتى الأحياء، حيث تمت إقامة مائدة بشارع محمد علي، أحد شوارع المحافظة الرئيسية؛ كما أقيمت أخرى بجوار مسجد التوحيد، الكائن بمدخل حي الزهور، وتشهد هذا الزحام بسبب منع الموائد التي كان يتكفل بها فاعلو الخير؛ بسبب المخالفات ومطاردة المرافق لموائدهم. من جانبه قال اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، إن ما قاله حول منع موائد الرحمن تم فهمه بطريق الخطأ مرددًا: «فهمتوني غلط» حيث إن ما قصدته هو وصول المساعدات التي يهبها الأغنياء في هذا الشهر الكريم لمنازل الفقراء دون أن جرح مشاعرهم، فمنهم من يستحي من الذهاب إلى هذه الموائد . وأكد الغضبان أن الموائد رغم تجريحها لمشاعر الفقراء تشوه شكل المحافظة، التي وعد بأن يجعل شكلها حضاريًّا، ووجه النصح والإرشاد إلى استبدالها بوصول وجبات تلك الموائد أو ما يقابلها من نقود إلى الفقراء في منازلهم، مشيرًا إلى أنه بالفعل تمت الاستجابة لتلك الدعوة من قِبَل بعض رجال أعمال المحافظة.