اعترف التحالف الأمريكي بمقتل مئات المدنيين في غاراته على سورياوالعراق خلال عامين، حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية مؤخرًا عن مقتل 352 مدنيًّا على الأقل؛ جراء قصف نفذته الولاياتالمتحدة ضد تنظيم " داعش" في العراقوسوريا منذ 2014. لكن جماعة المراقبة "إيرورز" أكدت أن العدد الحقيقي يفوق المعلن بعشرة أضعاف، حيث يصل العدد إلى 3 آلاف مدني. الولاياتالمتحدة وقتل المدنيين في العراقوسوريا لا يكاد يخلو يوم دون أن تحلق طائرات الموت الأمريكية في سماء العراقوسوريا، وفي كل يوم تدفن قنابل واشنطن "الذكية" أحلام الإنسانية من أطفال ونساء ورجال لم تقِهم "مدنيتهم" من القتل بدم بارد، وبعد ارتفاع الضحايا المدنيين جاء الاعتراف الأمريكي متأخرًا بقتله للمدنيين وهو في طريقه للقضاء على ما يسمى بتنظيم داعش في العراقوسوريا. الاعتراف نفسه يشكل إدانة لواشنطن لما ترتكبه طائراتها وطائرات حلفائها بحق المدنيين، والأرقام التي أعلنها البنتاجون كانت معرض رد وتفنيد من قبل جماعات المراقبة الدولية التي تعنى بشؤون الحروب، فمؤسسة "إير وورز"، الدولية المحايدة، أكدت أن طائرات التحالف الأمريكي شنت ما يزيد على 21 ألف غارة على العراقوسوريا منذ بدء التحالف ضرباته ضد جماعة داعش أغسطس 2014، كانت حصة العراق منها أكثر من 12 ألف غارة، بينما نالت سوريا ما يزيد علة 8 آلاف غارة، تسهب المجموعة في شرحها، وتقول إن العدد التقريبي من المدنيين الذين راحوا ضحايا تلك الغارات وصل إلى 3164 شخصًا، وهو ما يؤكد كذب ادعاءات واشنطن حيال تلك المجازر، والتي كانت تقول إن سياستها تجنيب المدنيين من الاستهداف. ولاحظ متابعون أن تكتيكات التحالف الأمريكي فتحت الطريق لاستهداف المدنيين، وخففت من معايير حمايتهم، كما حصل في الموصل والمجزرة الشهيرة المروعة التي أودت بحياة مئات المدنيين في 17 مارس الماضي، حيث شنت طائرات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة غارات على أحياء الموصل الجديدة في الجانب الغربي من مدينة الموصل، أدت الغارات إلى مقتل أكثر من 300 شخص جلهم مدنيون، وتعتبر هذه الغارات الأشد فتكًا بالمدنيين من بين جميع العمليات الجوية التي نفذها الجيش الأمريكي منذ غزو العراق عام 2003. وبينما لم تحسم المعارك بعد في سورياوالعراق، فإن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ومن خلال سياسته المتهورة والتي يغلب عليها الطابع العسكري، مستعد للوصول إلى مدينة الرقة السورية والموصل العراقية مهما كلفه الأمر، مما يعني المزيد من دماء المدنيين، كما حصل في قرية المنصورة والطبقة بريف الرقة الغربي، حيث أدت الغارات الأمريكية لمقتل 140 مدنيًّا. والحقيقة الأخرى هنا الوهم المختلق من دول التحالف الأمريكي عن مزايا ما يسمى بأسلحة الدمار الذكية، فكيف يطلق اسم القنابل الذكية على أسلحة تدمر الحجر وتفتك بالبشر؟! وإذا كانت هذه الأسلحة ذكية كما تدعي واشنطن، فلا يمكن إلا الأخذ بحقيقة واحدة، وهي تعمد طائرات التحالف استهداف المدنيين، مع الأخذ بالاعتبار أن طائرات التجسس والمراقبة الأمريكية لا تفارق سماء المنطقة، وتعطي بنك معلومات كبيرًا عن تحركات الإرهابيين، وبالتالي رمي واشنطن للكرة في ملعب الحكومة العراقية على سبيل المثال بتقديم الأخيرة معلومات خاطئة لقوات التحالف الأمريكي والتي تم على أثرها استهداف المدنيين في مجزرة الموصل تبرير مغلوط وغير مسؤول؛ نظرًا للقدرات التكنولوجية التي تزعم واشنطن امتلاكها في حربها ضد الإرهاب. ملف قتل الولاياتالمتحدة للأبرياء في سورياوالعراق يشير وبكل بساطة إلى عدوان أمريكي عن سبق الإصرار والترصد، فواشنطن تجاوزت القانون الدولي منذ عام 1991 أي منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، حيث لم يعد القانون الدولي الذي هو في الأساس مطواع سياسي لما تريده الدول الكبرى له جدوى، فتدخلات واشنطن العسكرية في المنطقة جاءت في كثير من الأحيان خارج نطاق موافقة حكومات وشعوب المنطقة على مثل هذه التدخلات، كما أن التدخلات الأمريكية لم تعد مرتبطة بمظلة أممية كإجماع مجلس الأمن. ويبدو أن البنتاجون يعلم جيدًا أن الأرقام التي أعلن عنها في قتله للمدنيين، والتي بلغت المئات فقط، لن يصدقها أحد، لذلك ترك الأبواب مفتوحة لأي إضافات أخرى، حيث قالت قوة المهام المشتركة في تقييمها الشهري للقتلى المدنيين لعمليات التحالف الأمريكي، إنها لا تزال تعكف على تقييم 42 تقريرًا عن سقوط قتلى مدنيين. وبعد الإعلان الأمريكي عن ضحاياه في العراقوسوريا، لا عزاء لعوائل الضحايا غير الأسف الأمريكي، حيث قال البنتاجون في بيان له "نأسف للخسائر غير المتعمدة لأرواح المدنيين، ونعبر عن خالص تعاطفنا مع العائلات والمتضررين الآخرين من هذه الضربات". من جانبه أكد عضو لجنة الامن والدفاع النيابية، حسن سالم، أمس الاثنين، عزمه طرح قضية إعلان البنتاغون لقتله المدنيين بالعراقوسوريا للنقاش داخل اللجنة، مشددًا على ضرورة إصدار قرار برلماني يدعو الحكومة لمقاضاة الجيش الأمريكي ومطالبته بتعويض الضحايا والمتضررين، واعتبر أنها عمليات إرهابية وليست أخطاء عسكرية. وقال سالم إن "ما تعتبره أمريكا أخطاء عسكرية نحن على يقين بأنها تصرفات مقصودة منها؛ لدعم ذراعها تنظيم داعش بالمنطقة، وهي جزء من الإرهاب الأمريكي بالمنطقة الذي لمسناه بتهريبهم لقيادات إرهابية وغض النظر عن تحركات تلك المجاميع وإلقائهم الأسلحة والأغذية لهم في مناسبات عدة".