تحديات عدة تواجهها الحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي برئاسة سعد الدين العثماني، تتوزع بين السياسة والاقتصاد والأمن، فبعد أكثر من 6 شهور من الفراغ الحكومي، نالت حكومة العثماني الثقة من البرلمان الاربعاء الماضي، في وقت يتحدث فيه كثيرون عن المشاكل والأزمات التي تواجهها وسبل حلها، بعد أن خرجت إلى النور. وبالإضافة إلى الأمور الاقتصادية والأمنية والسياسية يبدو الملف الاجتماعي على رأس التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة، حيث مكافحة الفساد والبطالة والاستقرار الاجتماعي في بلد كان أقل الدول العربية تأثرًا بأحداث الربيع العربي. ومنح مجلس النواب المغربي الحكومة الجديدة الثقة وصدَّق على برنامجها، بأغلبية 208 أصوات من أصل 395 مقابل معارضة 91 نائبًا، وامتناع أربعين عن التصويت، وكانت الأحزاب الستة المكونة للأغلبية الحكومية (العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية، والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي) أعلنت دعمها للعثماني، بينما صرح حزب الاستقلال بأنه سيمتنع عن التصويت. وتتشكل الحكومة المغربية من 39 وزيرًا وكاتب دولة، حيث تضم 11 وزيرًا من حزب العدالة والتنمية، إضافة إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني (61 عامًا)، و7 وزراء تكنوقراطيين (مستقلين)، و7 من حزب التجمع الوطني للأحرار (يمين)، و5 من الحركة الشعبية (يمين)، و3 من التقدم والاشتراكية، و3 من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (يسار)، فضلًا عن وزيرين من الاتحاد الدستوري (يمين). الحفاظ على الاستقرار تشهد المغرب استقرارًا نسبيًّا عن كافة الدول الإفريقية والعربية المحيطة، فابتعادها عن ثورات الربيع العربي التي بدأت في 2011 كان سببًا في تجنبها حالة الفوضى التي ضربت دولًا عربية كبرى، الأمر الذي أدى إلى الحفاظ على أمنها الداخلي في ظل محيط مضطرب، وهو ما ساعد إيجابيًّا في النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى تحول المغرب لواجهة سياحية جديدة. كما أن احتواء المغرب للإسلاميين كان له أثر إيجابي على الاستقرار والأمن في هذا البلد، ولذلك تسعى المملكة إلى الحفاظ على أمنها، حيث سيكون أمام الحكومة الجديدة تحدي مواجهة عودة الإرهابيين والمقاتلين المشاركين في النزاعات والحروب في الشرق الأوسط، حيث ارتفعت أعداد العائدين من صفوف (داعش) إلى المغرب خلال 2016 إلى 47 عنصرًا، ولذلك قد يكون على جدول الحكومة وضع قانون لفرض قيود على هؤلاء الأشخاص؛ للحد من تأثيرهم وخطرهم في المجتمع المغربي، لا سيما بعد ما أعلنت السلطات أنها أحبطت العام الماضي عمل أكثر من 19 خلية إرهابية مرتبطة بتنظيم داعش. الاقتصاد ومحاربة البطالة من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة المغربية والعالم العربي أجمع مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، مع مراعاة الأوضاع الاجتماعية للمواطنين المغاربة في ظل تحدٍّ آخر، سيكون على عاتق الحكومة، وهو محاربة البطالة، الوعد الذي قدمته حكومة بنكيران السابقة أكثر من مرة. ويعتبر ملف البطالة من الملفات الشائكة، خاصة في الوقت الذي يرتفع فيه نسبة خريجي الجامعات، حيث وصلت نسبة البطالة إلى 9.44 %، وقالت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب إن واحدًا من بين أربعة شباب (مليون و685 شخصًا)، تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، في البلاد، لا يعملون، ولا يدرسون، ولا يتابعون أي تدريب. وفي ظل كل ذلك تعتزم الحكومة المغربية بحسب التقارير والمؤشرات إطلاق مشوار الإصلاح الاقتصادي الذي يمثل فيه الدعم الأهمية القصوى، حيث من المفترض أن تقدم الحكومة الجديدة مشروعًا لرفع الدعم عن بعض المواد الحيوية، كالسكر والمواد البترولية، حيث أثير الجدل في الأيام القليلة بشأن هذا المشروع وتأثيره على الاستقرار الاجتماعي، وهو أمر يتطلب بذل الحكومة المغربية جهودًا لإقناع المتضررين من هذا الإجراء. مكافحة الفساد من الملفات الضرورية الأخرى التي قد تعصف بالتأييد الشعبي والاجتماعي للحكومة الجديدة إدارة ملف مكافحة الفساد، لاسيما بعد فشل رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران وإقراره بهذا الأمر، حيث استخدمت الحكومة السابقة حقها في عزل وإعفاء المسؤولين وكبار الوزارات الذين تحوم حولهم شبهات فساد، لكن رغم ذلك لم تسلم الحكومة من انتقاد الجمعيات والمنظمات المعنية بمكافحة الفساد؛ بسبب عدم تحقيق نتائج كبيرة في هذا الملف. إفريقيا وملف الصحراء المغربية وقعت المغرب العديد من الاتفاقيات في الآونة الأخيرة مع الدول الإفريقية، حيث أطلق الملك المغربي أثناء زياراته الإفريقية الأخيرة على مشروع مد خط أنابيب إقليمي يربط نيجيريا بالمغرب، ويمر عبر 11 بلدًا، وإلى جانب ذلك هناك استثمارات مغربية تم إطلاقها نوفمبر الماضي بإثيوبيا، تبلغ قيمتها 3.7 مليار دولار، وهي عبارة عن ضخ استثمارات في أكبر مصنع للأسمدة، بالإضافة إلى ذلك فإن الزيارات التي خاضها الملك المغربي محمد السادس لعدد من الدول الافريقية أسفرت عن التوقيع على 75 اتفاقية معها. وفي هذا الإطار تنتظر من الحكومة الجديدة تفعيل هذه الاتفاقيات والاهتمام بالقارة الإفريقية، لا سيما وأنه لا يحفى على أحد أن المغرب تواجه تحديات في قضية الصحراء المغربية، الأمر الذي يفرض تجنيد الجهود لتعزيز النفوذ المغربي في القارة السمراء.