عملية إرهابية خسيسة أطلقتها الجماعات المسلحة الإرهابية في حي الراشدين غرب حلب، استهدفت المدنيين الفارين من جحيم الحرب، في محاولة لعرقلة اتفاق التبادل بين الجيش السوري والجماعات المسلحة، المُسمى باتفاق البلدات الأربع، ورغم وقوع التفجير، إلا أنه تم إنجاز المرحلة الأولى من الاتفاق، فيما يظل مصير المرحلة الثانية مجهولا. تفجير دامٍ استهدف تفجير إرهابي، أمس السبت، نقطة تجمّع حافلات أهالي كفريا والفوعة بحي الراشدين غرب مدينة حلب، ففي الوقت الذي تجمعت فيه الحافلات التي بلغ عددها نحو 75 لنقل 5 آلاف شخص، ونحو 20 سيارة إسعاف كانت ترافق أهالي كفريا والفوعة، قاد أحد الإرهابيين سيارة مفخخة كان من المفترض أن تكون مُحملة بالمواد الغذائية للأطفال والمدنيين الخارجين من بلدتي كفريا والفوعة ومتوجهين نحو حلب، وأسفر التفجير الإرهابي عن سقوط نحو 118 قتيلًا معظمهم من النساء والأطفال، وجرح ما يقرب من 224. اتفاق البلدات الأربع عملية التبادل التي بدأت قبل يومين، جاءت بموجب الاتفاق الذي تم عقده أواخر الشهر الماضي، بين الحكومة السورية والجماعات المسلحة، على رأسها "هيئة تحرير الشام" و"حركة أحرار الشام"، برعاية قطرية إيرانية، حيث كان من المفترض أن تتوجه حافلات الفوعة وكفريا إلى مدينة حلب ومنها ينتقل أهالي البلدتين إلى محافظات تسيطر عليها قوات الجيش السوري، على أن تتجه حافلات مضايا والزبداني إلى محافظة إدلب، أبرز معاقل الفصائل المسلحة، كما من المفترض أن تتم عملية الإجلاء على مرحلتين، حيث يبلغ عدد سكان الفوعة وكفريا 16 ألف شخص، مقابل خروج من يرغب من سكان مضايا والزبداني. محاولات عرقلة فاشلة التفجير الإرهابي يعتبر ضمن محاولات العرقلة المستمرة التي تنفذها الجماعات المسلحة منعًا لعقد أي اتفاق يستهدف خروج المدنيين من البلدات، حيث سبق وعطلت خروج المواطنين من بلدتي الفوعة وكفريا من خلال استجوابهم وتشديد التفتيش على أمتعتهم الشخصية، وفي محاولة أخرى لتعطيل تنفيذ الاتفاق، أصرت هيئة تحرير الشام على إعادة نحو 100 من الفوعة وكفريا ممن خرجوا، وإرجاعهم إلى بلداتهم بريف إدلب الشمالي الشرقي، حتى يتم إخراج مقاتلي الزبداني والمتبقين من المسلحين فيها، وجاء ذلك بعد استياء الهيئة من عدم إخراج مقاتلي الزبداني وأسرهم المتبقين فيها مع قافلة مضايا. كل هذه العراقيل محاولات لإحباط الاتفاق، حيث تعتبر الجماعات المسلحة وجود المدنيين في أماكن المعارك سلاح قوي وورقة ضغط يمكن استخدامها ضد النظام السوري، من خلال استخدامهم كدروع بشرية في حالة وجود أي هجوم من جانب الجيش السوري، أو استغلالهم في مجازر وتلفيق الاتهامات للنظام. محاولات عرقلة اتفاق الإخلاء وإن نجحت مؤقتًا، عجزت عن إسقاط الاتفاق ككل، حيث توقفت حوالي 75 حافلة من الفوعة وكفريا أكثر من 35 ساعة في منطقة الراشدين، فيما انتظرت نحو 65 حافلة من مضايا والزبداني لنحو 20 ساعة في منطقة الراموسة التي تسيطر عليها قوات الجيش السوري قرب مدينة حلب أيضًا، لكن بعد ساعات من التفجير تحركت 50 حافلة من الراموسة التي تقل مسلحي مضايا وذويهم إلى حي الراشدين مكان التفجير، وبالتزامن مع ذلك دخلت 75 حافلة تقل أهالي الفوعة وكفريا إلى حلب، لتنتهي المرحلة الأولى من اتفاق البلدات الأربع، بدخول 5 آلاف من أهالي بلدتي كفريا والفوعة إلى حلب، ومغادرة ألفي و350 مسلحًا مع عوائلهم من مضايا باتجاه إدلب. ورغم إتمام المرحلة الأولى من اتفاق البلدات الأربع، إلا أن العديد من المراقبين رجحوا أن تتراجع الجماعات المسلحة عن إتمام المرحلة الثانية، خاصة بعدما تواردت أنباء عن رغبة المسلحين في تعديل الاتفاق ووضع شروط جديدة لتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، الأمر الذي يهدد مصير باقي العالقين في القرى الأربع السورية، كفريا والفوعة والزبداني ومضايا. إدانات دولية أدانت إيران الجريمة الإرهابية، حيث أكد المتحدث باسم خارجيتها، بهرام قاسم، تضامن بلاده مع الشعب السوري وأهالي الشهداء في الجريمة التي وصفها ب"البشعة"، وتابع أن ما جرى يضيف صفحة عار أخرى للممارسات الدنيئة والسجل القاتم للإرهابيين وحماتهم، فيما عبرت وزارة الخارجية العراقية عن إدانتها للعمل الإرهابي، مؤكدة وقوف دولتها إلى جانب الشعب السوري في محنته الحالية، داعية المجتمع الدولي إلى إظهار الجديّة في حل المشكلة السورية سلميًا بعيدًا عن سعي بعض الدول لتحقيق مصالحها السياسية على حساب معاناة وآلام سوريا وشعبها. ومن جانبه، أدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، التفجير الإرهابي وطالب بملاحقة ومحاسبة الفاعلين، ودعا في بيان للأمانة العامة كل الأطراف إلى تأمين سلامة الأهالي الذين يجري إجلاؤهم ضمن اتفاقية البلدات الأربع، فيما أدانت ألمانيا أيضًا التفجير وطالبت بحل سياسي للأزمة السورية، وقالت إنّ ما حدث في الراشدين أمر مروع للغاية وقلوبنا مع ضحايا كفريا والفوعة وأهاليهم.