كتب – وسام حسين وجمال عبد المجيد ومحمد الحسيني وأحمد الأنصاري «الحاجة أم الاختراع».. مثل شعبي طبقه عدد كبير من الفلاحين بقرى الصعيد، خاصة محافظاتأسيوطوسوهاج والمنيا وبني سويف، إذ جمعوا كميات كبيرة من روث المواشي ووضعها في مكامر أو أحواض على عمق متر ونصف تقريبا، وبعد أيام قليلة ينتج عنها غاز الميثان، الذي يتم تحويله عبر خراطيم إلى المنازل، ومنه إلى البوتاجازات ليتم استخدامه بديلا لاسطوانات الغاز التي تخطى سعرها في السوق أربعين جنيها. أشهر القرى التي بدأت تنفيذ الفكرة حتى انتشرت سريعا بالصعيد، هي "بني عديات، ساحل سليم، نزلة حسين، كفر فرج، كوم بوها، صنبو، مسارة، أبو تيج وبني زياد" بأسيوط، وقرية دير البرشا بالمنيا، وقرى بني حميل، برديس، برخيل بسوهاج، وأهوة وعزبة الوقف ببني سويف. وقال لاوندي مكرم، أحد منفذي الفكرة بقرية دير البرشا بالمنيا، إن سوء أوضاع كثير من الفلاحين لا تجعلهم يتحملون أعباء إضافية تتمثل في شراء اسطوانات البوتاجاز لعدة مرات في الشهر، لذا بدأوا التفكير في استغلال ثروة متوفرة لديهم (روث المواشي)، مضيفا: "نعمل على تجميعها على مدار الأسبوع، ويتم وضعها في أحواض لا تزيد مساحتها عن مترين، ويخرج منها خراطيم آمنة، يتم توصيلها لمنازلنا، وبعد أقل من 3 أيام تقريبا من تجديد كمية الروث، نجد الغاز قد تجدد، ومن هنا نبدأ في استخدامه". أوضح مكرم ل"البديل" أن تنفيذ الفكرة ليس صعبا، والعملية لا تمثل خطرا على المواطنين، مثل اسطوانات البوتاجاز وخطوط الغاز، لكن الصعوبة تكمن في توفير مكان خاص للفلاح لعمل الأحواض؛ إذ لا يتوفر لكثير منهم وخاصة الفقراء أماكن بديلة لمنازلهم، مضيفا أن المتبقي من الروث بعد استخدامه غاز، يتم الاستفادة منه كسماد عضوي؛ فمن الممكن أن يكفي روث 5 أبقار أو جاموس بعد الكمر، كسماد لخمسة أفدنة من الأراضي الزراعية، بحسب تأكيده. وأكد الدكتور محمد سليمان، أستاذ الأراضي بكلية الزراعة جامعة سوهاج، أن توليد غاز الميثان من روث الماشية أو من العملية المعروفة ب"غاز البيوجاز" مهمة؛ كونها تساعد في تخفيف أزمة نقص اسطوانات البوتاجاز، خاصة في فصل الشتاء الذي يتزايد فيه الطلب عليها، مضيفاً أن الغاز الناتج من هذه العملية وهو الميثان ولا يمثل خطورة على حياة وصحة الإنسان كالخطورة التي يمثلها غاز البوتاجاز في حالة تسريبه. وأوضح سليمان ل"البديل" أن غالبية القرى التي تنتشر فيها عملية البيوجاز، حالتها الاجتماعية متوسطة، والمزارع ليس عليه سوا وضع كمية من روث الماشية باستمرار في تنك خاص حتى يتم إنتاج غاز الميثان بصفة يومية، مشيراً إلى أن الغاز الناتج عن العملية يمكن أن يستخدم في تشغيل فرن خبيز بلدية بجانب البوتاجاز المنزلي. وتابع سليمان أنه إذا تم تعميم الاستفادة من روث الماشية في توليد غاز الميثان، فإن البيئة الريفية سوف تصبح أكثر تقدما، وسيتم القضاء على الكثير من المخلفات المنتشرة بالشوارع والطرق المنتشرة بين المنازل، بالإضافة لتوفير عوائد اقتصادية جيدة. وفي السياق، بدأت بعض المؤسسات الحكومية في تنفيذ تجربة مشابهة في محاولة لتعميمها ببعض المناطق؛ حيث أنشأت جامعة بني سويف وحدة للبيوجاز بمطعم المدينة الجامعية للتخلص الآمن من مخلفات المطعم وإمداد المدينة الجامعية بالغاز وتوفير سماد عضوي تستخدم في مزارع كلية الزراعة ولتدريب طلاب كليات الزراعة والهندسة والعلوم، وتساهم التجربة فى التخلص من المخلفات العضوية وحل مشكلة الصرف الصحي الملوث للمياه الجوفية في القرى إلى جانب توفير نسبة كبيرة من غاز البوتاجاز. المهندس مدحت عوض، استشاري البيئة ببني سويف، أشاد بتجربة الفلاحين، قائلا إن مخلفات المواشي وبعض المخلفات الزراعية تعد ثروة كبيرة يجب الحفاظ عليها استغلالها بالشكل الأمثل، مضيفا: "لدينا مخلفات زراعية بما يعادل 33 مليون طن، والكميات المستفادة منها 15.594 مليون طن فقط، في حين أن مصر تحتاج سنويا إلى ما يزيد على 350 مليون متر مكعب من الأسمدة العضوية، لذا فإن فكرة الاستفادة من روث المواشي، وتحويلها إلى غاز واستغلال المتبقى منها كأسمدة يعد خطوة مهمة"، مؤكدا أن استغلال الروث في إنتاج غاز الميثان يعد من الخطوات الصديقة للبيئة، وغير المكلفة للجميع، سواء المواطن أو الحكومة، مناشدا بزيادة الوعي والبدء في تنفيذ مثل تلك الأفكار على نطاق أكبر.