بعد مرور أقل من 100 يوم على رئاسة ترامب، وبعد الغارة الجوية الأمريكية على سوريا، تبين أن آخر سبعة رؤساء أمريكيين أطلقوا عملية عسكرية جديدة كليًّا ضد الإرهابيين أو الحكومات المعادية، رغم أن كلًّا منهم دخل إلى منصبه آملًا في تجنب نزاعات جديدة أو الانتقال إلى الشرق الأوسط بشكل أفضل وأكثر سلامًا. رد جيمي كارتر على أزمة الرهائن الإيرانية بعملية عسكرية فاشلة ضد طهران، كما قصف رونالد ريغان ليبيا وتدخل في لبنان، وتدخل جوروج دبليو بوش الأب في الكويت بقوة ساحقة من عاصفة الصحراء، وأطلق عملية إنسانية في الصومال أدت في النهاية إلى معركة مقديشيو، وهاجم بيل كلينتون الرئيس العراقي صدام حسين بصواريخ كروز، وقام جورج بوش الابن بغزو العراق في عام 2003، وأطلق باراك أوباما عمليات جديدة كليًّا في ليبيا وسوريا أثناء إدارته الحروب القائمة بين العراق وأفغانستان. وحتى الآن قام دونالد ترامب بتصعيد العمليات العسكرية الجارية في اليمن وسوريا، فضلًا عن مشروع الضربة الجوية ضد الرئيس السوري بشار الأسد. يرغب الأمريكيون بشدة في فك هذا الارتباط العسكري والتحرك بعيدًا عنه، حيث إن الإرهابيين والرجال الأقوياء لا يزالون في وجوهنا، ويعلنون أنهم لن يتم تجاهلهم، لذلك فإن الأمريكيين يواجهون مرة أخرى خيارات رهيبة وطريق سلام غير واضح، كما كان الحال دائمًا. هناك من يلقون باللوم على التدخل العسكري الأمريكي المستمر في الصراعات الأجنبية كنتيجة للعولمة، والمحافظات الجديدة، والنيوليبرالية، والاستعمار، والجشع النقي، أو مزيج مما سبق. ليس هناك شك في أن الأيديولوجية تلعب دائمًا دورًا في السياسة الخارجية، إلا أنه لا يمكن لأي من هذه الأيديولوجيات البغيضة تفسير ميل الرؤساء المختلفين للتورط في نفس المكان، وشن الضربات العسكرية على الرمال الساخنة في الشرق الأوسط. فشلت الجهود الرئاسية الأخيرة في عملية السلام بشكل مروع، فقد حاول كلينتون بشكل كبير الوصول إلى تسوية سلمية إسرائيلية فلسطينية، وانتهت بالقنابل والرصاص للانتفاضة الثانية، أما جوروج بوش الابن فحاول إعادة بناء العراق، إلا أن الأمر انتهى بدموية، كما أن تاريخ باراك أوباما معروف جيدًا، فقد حصل على جائزة نوبل للسلام نتيجة قوة وعود حملته الانتخابية، وحاول تحقيق السلام جزئيًّا من خلال القفز بعيدًا عن النصر في العراق، ولكنه شاهد الإبادة الجماعية تتكشف في سوريا، وترك منصبه وسط زيادة القوات الأمريكية التي تقاتل في دول أكثر مما كانت عليه عندما تولى منصبه. في نهاية المطاف يتخطى الواقع الأيديولوجية، ويقيد خيارات الرؤساء، ويجبرهم على اتخاذ القرارات الدموية، وهم لا ينظرون إلى أن الصراع المستمر في الشرق الأوسط يهدد حياة الأمريكيين والمصالح الاستراتيجية الأمريكية الحيوية. الرؤساء الذين لديهم أفكار ومعتقدات مختلفة يواجهون تقارير الاستخبارات نفسها والهجمات الإرهابية، وحين يكون الخيار المباشر بين الدفاع عن أمريكا وفك الارتباط النموذجي، يسود الأول عادة. وحتى عندما يكون الأمن القومي غير معرض للخطر، كما كان الحال في الهجوم الكيميائي الأخير في سوريا، فإن الجمع بين الغضب الأخلاقي المبرر والآثار من الدرجة الثانية مثل أزمة اللاجئين المتزايدة يعد نتيجة للتقاعس الأمريكي وانجرار الولاياتالمتحدة إلى الأزمة بشكل أقرب. إن السياسيين الأمريكيين والشعب الأمريكي مثقلون بمجموعة معقدة من الرغبات والأهداف المتناقضة، حيث يريدون إبقاء الإرهابيين بعيدًا، بجانب وقف الإبادة الجماعية، خاصة مع التحقق من استخدام أسلحة دمار شامل، وفي نفس الوقت لا يريدون سقوط ضحايا مدنيين، ويكرهون الحروب التي لا نهاية حاسمة لها. يريد الأمريكيين ما لا يستطيعون أمتلاكه، والسياسيون يريدون أصوات الناخبين، وبالتالي يعدون بما لا يمكنهم تحقيقه وسط استمرار الحروب. يتعلم دونالد ترامب نفس الدروس من أسلافه الستة، حيث إن أعداء أمريكا الشرق أوسطية شياطين، ويرغبون في تدميرنا وتدمير حلفائنا، وكثيرًا ما يرتكبون القتل في شكل الإبادة الجماعية، ولكن كان هناك خيار أفضل من الضربة العسكرية التي قام بها ترامب على سوريا. حان الوقت للأمريكيين أن يتوقفوا عن التفكير في نهاية اللعبة العسكرية، وأن يعلنوا صراحة الالتزام بالمحاكمات الحكيمة للصراعات العسكرية الفوضوية الجارية. المصدر