"بالون اختبار" أطلقته وزارة التموين في شهر ديسمبر الماضي، عن طريق نشر أنباء تفيد بحذف 10 ملايين مواطن من منظومة التموين، وبعدها خرجت قيادات الوزارة تنفي هذه الأنباء، وتؤكد أنه حتى الآن لم يتم حذف أي مواطن مقيد ببطاقة التموين، وأن ما يتم حاليًّا تقدم المواطنين طواعية لمكاتب التموين؛ لحذف غير المستحقين من المتوفين والمسافرين والأسماء المكررة. ثم يأتي الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، ليصرح بشكل رسمي خلال اليومين الماضيين أنه سيحذف ما يزيد على 7 ملايين مواطن من المنظومة خلال الأسابيع القادمة، حيث كشف المصيلحي عن أن الوزارة تستهدف استبعاد نحو 10% من إجمالي عدد المواطنين المقيدين في منظومة الدعم حاليًّا والبالغ عددهم 71 مليون فرد، وذلك خلال شهري إبريل ومايو، دون أن يذكر ما هو المعيار الذي سيتم على أساسه استبعاد المواطنين. أزمات وزير التموين الجديد هذه ليست المرة الأولى التي يصرح فيها وزير التموين الحالي، الذي عين في يناير الماضي، لوسائل الإعلام، وبعد ذلك تحدث أزمة يدفع ثمنها المواطن المصري، حيث سبق وقرر خفض حصة الخبز للمواطن منذ شهرين، وتسبب ذلك في خروج المئات من المواطنين للشارع؛ اعتراضًا علي قرار الخفض؛ ليتراجع عنه بعد تدخل بعض الأجهزة الأمنية، محذرة من خطورة الوضع؛ ليعود مرة أخرى منذ أسبوع، ويعلن إلزام المواطنين باستلام سلع محددة، وهي الزيت والسكر والأرز داخل الحصة التموينية فيما عرف إعلاميًّا ب "الشنطة الحمرا"، ولكن لم يستطع تنفيذ هذا المقترح عي جميع المحافظات، فأصبح هناك تجار يستلمون هذه الشنطة وآخرون لا يستلمونها. ما هو معيار حذف المواطنين؟ تساءل مدحت الزاهد، القيادي بحزب التحالف الشعبي، عن المعيار الذي تم على أساسه حذف 7 ملايين مواطن من منظومة الدعم، وهل هذا الحذف تم وفق دراسة تحدد نسبة الفقر في مصر؟ وهل السلع التموينية التي ستتوفر بعد حذف هؤلاء المواطنين ستذهب إلى باقي المنظومة التي يتم دعمها بمبلغ هزلية لا تكفي كمصروف يومي لطفل، وهو 21 جنيهًا، الذي يمثل دولارًا واحدًا شهريًّا لكل مواطن؟! مشيرًا إلى أن الوزير الحالي جاء لتنفيذ برنامج الحكومة برفع الدعم عن المواطن وتطبيق سياسات صندوق النقد الدولي على حساب الفقراء. وأضاف الزاهد أن الحكومة الحالية تعمل على توفير الدعم لرجال الأعمال والمستثمرين، وتقترض من كل مكان مقابل البحث عن استثمار وهمي، مشيرًا إلى أن الأجيال القادمة هي التي ستتحمل تبعات هذا التخبط، وأن الحكومة تحاول يشتى الطرق رفع الدعم عن المواطن؛ بحجة إصلاح الاقتصاد، في حين أن إجمالي فاتورة الدعم لا يمثل 1 من 10 من القروض التي أخذتها الدولة بلا مبرر أو برنامج اقتصادي. تخبط داخل وزارة التموين انتقد النائب أحمد عبده الجزار، عضو مجلس النواب عن دائرة البساتين وعضو لجنة حقوق الإنسان، موقف وزير التموين وتوجهه لحذف ملايين المواطنين دون وجود رؤية أو برنامج محدد، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الموجودة حاليًّا، مشيرًا إلى أن هذه القرارات تكشف وجود تخبط داخل وزارة التموين، مضيفًا أن التلاعب في أسعار السلع التموينية أو حذف المواطنين أو إلزامهم بسلع معينه أمر يؤثر على محدود الدخل بشكل كبير. وتابع الجزار أن المواطن المصري تحمل خلال الشهور الماضية أعباء اقتصادية صعبة، خاصة بعد قرار التعويم الذي ضاعف أسعار السلع والمنتجات الأساسية، مشددًا على أن قرارًا بهذه الخطورة من جانب الحكومة لا بد من أن يدرس جيدًا، ولا بد أيضًا أن يكون المواطن الذي سيتم حذفه غير مستحق للدعم فعلًا، وأوضاعه الاقتصادية تسمح له بأن يعيش بلا دعم، وإلا ستكون هناك أزمة حقيقية لدى ال 7 ملايين مواطن.