تقلب سعر الدولار أصبح واقعًا خلال الفترة الماضية، ولذلك بقي حديث المجتمع المصري، خاصة مع هبوطه بدرجة كبيرة وصلت إلى 15.75 جنيه خلال الشهر الماضي، ثم عودته للارتفاع مرة أخرى خلال الأسبوع الماضي؛ ليصل إلى 18.2 جنيه، ثم تراجعه بدرجة بسيطة؛ ليسجل في بنوك مصر والأهلي والقاهرة 17.95 جنيه للشراء، و18.05 للبيع، وفي البنك التجاري الدولي 18.1جنيه للشراء، و18.2 للبيع، وفي بنك الإسكندرية 18.02 جنيه للشراء، و18.12 للبيع. لم يستطع المواطن تفسير سياسة البنك المركزي منذ تعويم الجنيه في 3 نوفمبر 2016 وحتى الآن حول تقلب سعر الدولار، رغم اعترافات الحكومة أن قرار التعويم ناجح، ويحقق مكاسب للسياسة النقدية في مصر، ومع استطاعة البنك المركزي زيادة الاحتياطي النقدي خلال الفترة الماضية ليصل إلى 28.5 مليار دولار لم يتأثر الدولار بالدرجة الكبيرة التي كانت تحدث في السابق، كما يقول بعض الخبراء الاقتصاديين بأن ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي يؤثر في الدولار بالتراجع. استمرار تقلب سعر الدولار في البنوك بين الارتفاع والانخفاض يعود إلى عدة أسباب، منها عدم تساوي العرض والطلب، فإذا زاد أحدهما قل الآخر، وهو ما يحدث في مصر، وعدم القدرة على توفير العرض أو تقليل الطلب، إضافة إلى انخفاض العائدات السياحة، فقد كانت من أهم مصادر العملة الصعبة داخل البلاد، ومع انخفاض الاحتياطي النقدي بسبب سداد مديونيات مستحقة على مصر يرتفع الدولار، ومع زيادته ينخفض الدولار. مصطفى السلماوي، الباحث الاقتصادي، قال إنه متعجب مما يفعله البنك المركزي، خاصة مع خفض سعر شراء الدولار إلى 17.95 جنيه في البنوك الحكومية فقط، بينما البنوك العربية والأجنبية تشتري فوق ال 18 جنيهًا، وهو أمر غير مفهوم. وعن تقلب سعر الدولار أوضح أنه في الفترة القادمة يميل للانخفاض؛ لأننا في فترة تَراجَع فيها الطلب على الدولار، وخصوصًا أن مصر استوردت كمية كبيرة من القمح بأكثر من 20% مقارنة بنفس الفترة السابقة، حسب تصريح أحد المسؤولين ل« سي إن بي سي» عربية، كما أنه لا توجد التزامات دولية حاليًّا على مصر سوى مديونيات نادي باريس ورد وديعة تركيا، مع احتمال كبير لموافقة السعودية علي تمديد وديعة ب 500 مليون دولار، وهو ما خفف الضغط على العملات الأجنبية. وأشار إلى أننا في مفترق طرق مهم، وهو الاتفاق مع الصندوق، فإن مضى قدمًا فإن مصر ستحصل على 1.25 مليار دولار، وسوف تقترض 9 مليارات أخرى لسد الفجوة التمويلية، وهنا ستحدث وفرة كبيرة، ستؤدي لتراجع سعر الدولار، لكنه هذه المرة لن يفقد مستوى ال 16 أو 16.5 جنيه ولفترة معينة، قد تمتد شهرًا، سيرتفع فيها الاحتياطي الأجنبي ليلامس ال 30 مليار دولار، بعد حصول مصر على الشريحة الثانية من القرض. وأوضح الباحث الاقتصادي أنه بعد شهر ستدخل مصر على 3 أمور مهمة، هي سداد 700 مليون دولار لنادي باريس، وتدبير مليار دولار وديعة تركيا، والبدء في سداد 3.6 مليار دولار لشركات النفط الأجنبية، وفي حال عدم الاتفاق مع الصندوق، لا سيما أن الحكومة في مأزق حيال رفع أسعار الطاقة, وتوسعة الضرائب لتصل إلى 604 مليارات جنيه، فان الأمر سيمثل ضغطًا رهيبًا على الجنيه المصري، فيزداد ضعفًا بدعم من غضب عالمي من عدم الاتفاق مع الصندوق، وبالتالي تبدأ معاناة جذب الاستثمارات، رغم تجهيز قانون سيفتح الأبواب على مصراعيها أمام الاستثمار الأجنبي، مؤكدًا أن سعر الصرف سيبقى متقلبًا، والاستقرار سيظل مغيبًا وغائبًا لحين أن تقر الحكومة التدخل؛ لكي تبني الاقتصاد بيدها لا بالمساعدات، وتدعم العملة مرة أخرى؛ حتى ينهض الجنيه المصري من كبوته أمام الدولار.