بدأت التحركات الكويتية المستمرة منذ ما يقرب من شهر تؤتي ثمارها، بعد ظهور مؤشرات توحي ببعض المرونة الخليجية بشأن الحوار مع إيران، إثر محاولات وساطة عدة قادتها العديد من الدول العربية والغربية لتقريب وجهات النظر الإيرانية الخليجية، وكانت عادة تفشل قبل انطلاقها، لكن يبدو أن الوساطة الكويتية ستكون مختلفة هذه المرة. وأعرب نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله عن تفاؤله بانطلاق الحوار الخليجي الإيراني، وقال الجار الله، إن الكويت أطلعت قادة دول مجلس التعاون على فحوى الرسالة التي تسلمتها أخيرًا من إيران، وأضاف أنه من المقرر أن يعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعًا الخميس المقبل بالعاصمة السعودية الرياض، على أن يكون موضوع الحوار مع إيران على أجندة الاجتماع، مبينًا أنه ستتبع ذلك خطوات في هذا الاتجاه. يأتي الحديث عن قرب انطلاق حوار خليجي إيراني بعد جهود عدة عبر الرسائل وتبادل الزيارات بين الجانبين، حيث بدأت الجهود السياسية الكويتية منذ زيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح، للعاصمة الإيرانيةطهران في 26 يناير الماضي، ولقائه مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، حيث سلم الصباح رسالة إلى ظريف لإيصالها للرئيس الإيراني حسن روحاني، وأعلنت الكويت حينها أنه بعد القمة الخليجية الأخيرة في البحرين تم تكليفها بنقل رسالة دول مجلس التعاون الخليجي إلى إيران، واتصلت فعلًا بطهران لنقل وجهة النظر الخليجية فيما يتعلق بالحوار معها، ورغم عدم الإطلاع على فحوى الرسالة الكويتيةلإيران، إلَّا أن العديد من المحللين صنفوها على أنها تكليف موجه من دول مجلس التعاون الخليجي يحمل في مضمونه رغبة خليجية في تخفيف حدة التوتر، والترحيب بفتح قنوات اتصال لمواجهة المخاطر المشتركة ومحاولة احتواء التوتر والاحتقان في العلاقات الإيرانية الخليجية. من جانبها حاولت طهران أيضًا إظهار بادرة حسن نية، حيث قام الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بزيارة نادرة وقصيرة منتصف فبراير الماضي إلى دول الخليج، شملت سلطنة عمان ودولة الكويت، وكانت الأولى منذ توليه الرئاسة عام 2013، وأكد خلال زيارته القصيرة للكويت أهمية العلاقات بين البلدين، وكذلك بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي العربية، وأوضح روحاني حينها أن الدول الست في منطقة الخليج بعثت في الآونة الأخيرة برسالة عبر الكويت لحل سوء الفهم والارتقاء بمستوى العلاقات، مضيفًا أن طهران رحبت بمبدأ الرسالة وسيتم خلال زيارة اثنين من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي تبادل وجهات النظر في هذا المجال. في الإطار ذاته، رحبت وزارة الخارجية الكويتية بنتائج زيارة روحاني، معتبرة إياها فرصة للحوار بين إيران ودول مجلس التعاون، فيما أكد نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجارالله أن الكويت تلعب دورًا مهمًّا جدًّا لاحتواء التوتر والاحتقان في العلاقات الإيرانية الخليجية، وتبذل كل جهد لتنقية الأجواء بين دول مجلس التعاون وإيران. وخلال زيارة روحاني إلى مسقطوالكويت، دعت طهران أيضًا دول الخليج لاستغلال هذه الزيارة والتي وصفتها ب«الفرصة التي لن تتكرر» لتحسين العلاقات مع طهران، حيث قال نائب مدير مكتب روحاني، حامد أبو طالبي، في تغريدة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي تويتر: «مبادرة روحاني الإقليمية لقبول دعوة زعيمي سلطنة عمانوالكويت هي مؤشر على الحاجة لإقامة صداقات إسلامية واستعادة العلاقات الإقليمية»، وأضاف طالبي: «هذه المبادرة الإقليمية فرصة يتعين على أصدقائنا في المنطقة أن يستغلوها لأنها لن تتكرر، استغلوا الفرصة الطيبة»، وخلال الزيارة سلم سفير إيران لدى الكويت، علي رضا عنايتي، رسالة من الرئيس روحاني إلى أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح. وخرجت السعودية عن صمتها لأول مرة في 20 فبراير الماضي، وأظهرت بعض المرونة بشأن إطلاق الحوار مع إيران وحل الأزمات بين دول الجوار، حيث قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إن بلاده تدعم جهود الكويت في المنطقة لحل الصراع في اليمن؛ تمهيدًا لإعادة التعاون مع طهران، وأضاف حينها: نحترم إيران وتاريخها وهي بلد مجاور نتمنى أن يكون شريكًا مستقرًّا وايجابيًّا يمكن أن نتبادل معه العلاقات التجارية ونواجه معه تحديات الإقليم، لكن الجبير شدد على أن ذلك يتوقف على تغيير طهران سلوكها والتصرف كدولة وطنية تحترم المبادئ الأساسية للقانون الدولي ومبادئ حسن الجوار، والتخلي عن التدخل في شؤون الغير والسياسة الطائفية. مفاوضات تنظيم مناسك الحج التي أرسلت خلالها طهران وفدًا برئاسة رئيس منظمة الحج والزيارة بالجمهورية الإيرانية، حميد محمدي، نهاية فبراير الماضي، لبحث ترتيبات شؤون الحجاج الإيرانيين لأداء مناسك الحج لهذا العام، مع وزير الحج والعمرة السعودي، محمد بنتن، لا يمكن فصلها عن بوادر عودة العلاقات الإيرانية الخليجية، خاصة أن هذه المفاوضات أثمرت في 16 مارس الجاري عن اتفاق وحل الخلافات مع وزارة الحج السعودية، وأعلن مسؤول إيراني، اليوم الاثنين، أنه سيتم افتتاح مكتب لمنظمة الحج والزيارة الإيرانية في السعودية قريبًا، مشيرًا إلى أنه سيتم إيفاد أكثر من 86 ألف زائر إيراني إلى موسم الحج هذا العام.