كتب: هاجر حمزة وماهيتاب عبد الفتاح حالة من الغضب والخوف، وموجة من التساؤلات حول أوضاع الرعاية الصحية للسجناء أثارتها حالة الطالب أحمد الخطيب، الذي تدهورت حالته الصحية إثر لدغة من "حشرة الرمال" في سجن وادي النطرون تسببت في إصابته ب"داء الليشمانيا الحشوي"، وهي الحالة التي أثيرت في ندوة المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، وتمت مناشدة رئيس الجمهورية لاستخدام صلاحياتة في اتخاذ قرار الإفراج الصحي عن الطالب السجين حفاظا على حياته، ومناشدة الحكومة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بعلاجه. دقت حالة الخطيب، جرس الإنذار حول أوضاع السجناء الصحية، وانطلقت حملات على الفيسبوك تطالب بعمل مسح صحي شامل لجميع سجون مصر، من أجل تحسين الوضع الصحي للسجناء من نظافة ورعاية، والإفراج الصحي عن كافة المرضى بأمراض مزمنة. الدكتور أحمد وافي، أخصائي أمراض الدم، قال إنه يجب إجراء مسح طبي شامل لكافة سجون مصر, خاصة أن مرض الليشمانيا مرض نادر للغاية، وبما أنه أصاب أحد السجناء فهذا يعني أن الباعوضة الناقلة للمرض ليست بعيدة عن مصر, مشيرا إلى أن الباعوضة تسمى "ذبابة الرمل" وتنتشر في فصلي الربيع والصيف بالأخص, كما تتواجد في الأماكن المظلمة المهجورة والجدران والكهوف، كما أن مصابا واحدا يمكنه أن ينقل المرض إلى كافة نزلاء السجن، فيما أكد أن أخطر أنواع الليشمانيا هي الليشمانيا الحشوية التي تصيب الأحشاء الداخلية للجسد. وقال الدكتور عبد الرحيم خليل، أخصائي المخ والأعصاب، إن موضوع الليشمانيا غاية في الخطورة ويجب أن يخضع كافة السجناء إلى الفحص الطبي حتى يتم علاج المصابين كما يجب عزلهم عن باقي المسجونين. وأضاف خليل ل"البديل" أن عدد الأطباء الذين يستطيعون تشخيص المرض قليلون للغاية نظرًا لعدم انتشاره في مصر بصورة موسعة، كما أن العلاج غير متوفر أيضًا لأنه مرض نادر، مؤكدا أن سجن وادي النطرون بالأخص يجب أن يلقى اهتماما موسعا من حيث تنظيفه واستخدام المطهرات، لأن إصابة الخطيب تعني وجود الباعوضة المسببة للمرض به, ويجب أن يكون هناك وعي تام بطبيعة المرض الذي تعتبر السجون بيئة خصبة لظهوره. فيما أكد الدكتور أيمن السيسي، استشارى الأمراض الجلدية، ل"البديل" أن مرض "الليشمانيا" الجلدي غير معدٍ، حيث لا تنتقل العدوى من مريض إلى مريض، ولكن الإصابة تحدث مباشرة بعد لدغة "ذبابة الرمل"، وتصاحبها أعراض مباشرة من التورم والقرح الجلدية وتتفاقم هذه الأعراض لتصل إلى إصابة الأعضاء الداخلية كالكبد والطحال مما يؤدي إلى الهزال وارتفاع درجة الحرارة. وأوضح أن تدهور الحالة الصحية للسجين تعكس الإهمال الطبي وعدم الاهتمام الكافي بالأعراض التي حدثت منذ البداية، موضحا أنه من غير المعتاد أن تؤدي الإصابة "بالليشمانيا" إلى هذه المضاعفات الخطيرة التي يعاني منها السجين، ما يعكس غياب التشخيص الصحيح منذ البداية لحالته الصحية. وأكد السيسي، ضرورة تنفيذ إدارة السجن لإجراءات الوقاية الكافية من التهوية الجيدة وتركيب الأسلاك على الشبابيك لمنع دخول الذباب أو الحشرات، فضلا عن غسيل أرضية العنابر بالمنظفات والمطهرات واستخدام المبيدات الحشرية، مشيرا الى أهمية الكشف الدوري على السجناء لاستكشاف أي مرض في مراحله الأولى حتى يتم تشخصيه وعلاجه بشكل ناجح. من جانبها، قالت الدكتورة سوزان فياض، الطبيبة بمركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، إن الأوضاع الصحية في السجون بالغة السوء، وهناك المئات من السجناء ينتظرون الموت بسبب غياب الرعاية الصحية والحد الأدنى العلاج، مشيرة إلى أن قانون السجون فيما يتعلق بالرعاية الصحية لا يطبق على الإطلاق، حتى الحالات الخطيرة التي يتأكد فيها الضباط من ضرورة علاجها كالسرطان، لايحركون ساكنا تجاهها. يذكر أن قانون السجون المصري رقم 396 لسنة 1956 يتضمن عددا من المواد التي تضع القواعد العامة لعلاج السجناء والمحتجزين داخل السجن، وكثيرا من التفصيلات التي تتضمن دور الطبيب في التأكد من عجز السجناء عن العمل، ودوره في اعتماد الإفراج الصحي.