عقد الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين اليوم الثلاثاء مؤتمرًا تحت عنوان "الحرية والمواطنة التنوع والتكامل"، بمشاركة وفود من أكثر من 50 دولة، وسط اهتمام عربي ودولي كبير، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي. ناقش المؤتمر الأبعاد المشرقية والعالمية للتجربة العربية الإسلامية والمسيحية في العيش المشترك والمتنوع وقضايا هذا العيش ومشكلاته وتحدياته؛ للنظر في الإمكانيات المتجددة للحاضر والمستقبل، والعمل معًا على التفكير بعقد توافقي جامع ومتكافئ، يتمتع بمقتضاه الجميع بالحرية والمسؤولية والانتماء الحر والحقوق الأساسية والرؤية الواعدة للمستقبل. وقال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن المؤتمر جاء في ظروف استثنائية وفترة قاسية تمر بها المنطقة العربية والإسلامية واندلاع نيران الحروب، دون سبب معقول ومبرر منطقي يتقبله إنسان القرن الحادي والعشرين. وأشار الطيب إلى أنه من المحزن تصوير الدين في هذا المشهد وكأنه نيران هذه الحروب، والتزيين للناس زورًا أن الإسلام هو أداة التدمير التي انقضت بها جدران مركز التجارة العالمي، ومحطات المترو، وسحقت بتعاليمه أجساد الأبرياء في مدينة نيس، وغيرها في مدن الشرق والغرب، موضحًا أن رسالة الأنبياء تصطدم اصطدامًا مدويًا بكل التفسيرات المغشوشة التي تخطف بها النصوص المقدسة؛ لتصبح في يد القلة المجرمة الخارجة عليها، وكأنها بندقية للإيجار، تشعل النار لمن ينقض الثمن المطلوب من سمسارة الحروب وتجار الأسلحة ومنظري فلسفة الاستعمار الجديد. ومن جانبه قال البابا تواضروس الثاني إن الإنسانية في وقتنا الراهن بحاجة إلى نشر المحبة وإقرار السلام الحقيقي، فما زالت مصر والعالم العربي يعانيان من الإرهاب والتطرف والفهم الخاطئ للدين، موضحًا أن الإرهاب له عدة أوجه، منها الإرهاب بالمتفجرات والإرهاب الفكري، والإرهاب المعنوي. وأضاف تواضروس أن أسباب هذا التطرف والعنف قائمة على التربية الخاطئة، والذات الطائفية وعدم احترام ثقافة الآخر، فلا يحترم الآخر حتى في حريته الشخصية، مشيرًا إلى أنه يجب تقديم القيم الدينية بشكل مستنير، فالفكر المتطرف يمكن مواجهته، مؤكدًا أن الدين حل للمشكلة وليس جزءًا منها، فالمسيحية جوهرها المحبة. وأوضح الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن المؤتمر رسالة قوية لمن يراهنون على وحدة المصريين جميعًا؛ باعتباره يرسخ لمفهوم المواطنة تحت راية الوطن، الذي يعيش فيه المصريون، مشيرًا إلى سعي القائمين عليه لنشر ثقافة البناء والعمل المشترك، وقبول الآخر؛ لأجل النهوض بالوطن المصري وقطع الطريق أمام من يحاولون بث الفتنة بين أبنائه. وأشار البطريرك مار بشارة الراعي، بطريرك الموارنة بلبنان، إلى أن الدين لا يشكل عائقًا، بل هو عامل أساسي لانطلاقة نحو تحقيق وحدة وتعايش أفضل في المنطقة والعالم، مشددًا على أهمية تحقيق التعايش بين مختلف الديانات في المنطقة العربية، مشيرًا إلى أن التجربة اللبنانية أثبتت إمكانية التعايش بين الديانات المختلفة في تآلف حقيقي. حضر المؤتمر شيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية والبطريرك مار بشارة الراعي بطريرك الموارنة بلبنان والبطريرك يوحنا العاشر اليازجي بطريرك الروم الأرثوذكس بسوريا والكاثوليكوس وأرام الأول كشيشان بطريرك الكاثوليك بلبنان والقس الدكتور حبيب بدر رئيس الطائفة الإنجيلية بلبنان.