لعبة عض الأصابع أو لي الأذرع هي التي تسيطر على مشهد الحرب الدائرة في اليمن بعد مرور أكثر من 700 يوما منذ بدء العدوان السعودي نهاية مارس 2015م ، حيث بينما أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا جديدا ينص على تمديد العقوبات في سياق الدعم الدولي للتحالف السعودي، كشفت صنعاء عن سلسلة مفاجآت عسكرية على مستوى التصنيع المحلي وتطوير منظومة الدفاع الجوي إضافة إلى تصعيد العمليات العسكرية في جبهة ماوراء الحدود. ويبدو أن قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية ترد بطريقتها على استمرار الدعم الدولي للتحالف وذلك عبر التصعيد العسكري المتمثل في سلسلة مفاجآت صادمة أبزها إسقاط ثلاث طائرات وإعلان خيارات عسكرية يمنية خالصة من شأنها أن تدحض ذرائع التحالف التي يعلق عليها فشله في حسم المعركة. خيبة أمل يمنية من قرار مجلس الأمن: قرار مجلس الأمن رقم 2342 الذي يُعد الثاني من نوعه، الخاص بتمديد عمل لجنة العقوبات لسنة جديدة بعد تمديد سابق عام 2016 ، بينما اكتفى بالحديث عن الحاجة إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية بناءً على المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة اعتبره مصدر سياسي مطلع بأنه مجرد إعطاء فرصة للعدوان ليحقق نتائج أفضل. وأوضح المصدر السياسي المقرب من دوائر القرار بصنعاء في حديث للبديل أن القرار يأتي في سياق التجديد الدوري لصلاحيات لجنة العقوبات، وأضاف بالقول: فشل العدوان في تحقيق أيا من أهدافه دفع مجلس الأمن لتمديد العقوبات ومن ضمنها التدخل العسكري والحصار الاقتصادي بحجة مراقبة تدفق الأسلحة. واكتفى القرار بالتعبير عن أسفه للوضع الإنساني المتدهور في اليمن وسيطرة القاعدة وداعش على مناطق واسعة باليمن كنتيجة لغياب الدولة ومخاطر ذلك على أمن المنطقة واليمن، دون أن يتخذ أي قرارات لمواجهة تداعياتها، وفي هذا السياق شدد المصدر على أن الوضع الإنساني وسيطرة الجماعات الإرهابية على الجنوب نتيجة للعدوان والحصار، لافتا إلى أن القرار تجاهل الكثير من الحقائق التي تضمنها تقرير لجنة الخبراء التي كان يمكن أن يستند إليها، خاصة فيما يخص الوضع الإنساني والجماعات الإرهابية والمحافظة على أجهزة ومؤسسات الدولة في صنعاء والمحافظات التي تقع تحت إدارتها. ووصف القرار الدولي بأنه جاء مخيبا لآمال حكومة الإنقاذ بصنعاء، التي وصفته بالمتجاهل لجرائم العدوان بحق المدنيين وغير الحاسم فيما يخص الحل السياسي، مشددة على أنها لن تتعامل مع القرار، حيث أكد مصدر بوزارة الخارجية في صنعاء اوضح أن قرار مجلس الأمن تجاهل وبشكل واضح وصريح واقع العدوان اليومي في اليمن واتخاذ الإجراءات والتدابير التي طالب بها المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين في احاطتيهما الأخيرة. وبنفس القدر الذي نوهت الخارجية اليمنية به إلى أن القرار أغفل إلى حد كبير التصعيد العسكري للتحالف السعودي وأتباعه خاصة في جبهة الساحل، فإنها اعتبرت تركيزه على تمديد العقوبات مضيعة للوقت ومحاولة لإلهاء العالم وإرضاء العدوان السعودي الإماراتي والرئيس الهارب هادي منصور، بحسب الخارجية اليمنية. وبخصوص الحل السياسي، أكد المصدر بالخارجية اليمنية على عدم قبول قوى صنعاء أي حلول تنتقص من سيادة اليمن أو تسويات تسمح باستمرار الوصاية على البلاد. طائرات بدون طيار يمنية الصنع: في الوقت الذي يرى فيه مراقبون أن مجلس الأمن أعطى فرصة جديدة للعدوان السعودي ليحقق أهدافه في اليمن، دشنت قوات الجيش واللجان الشعبية مرحلة جديدة من التحدي العسكري من خلال إزاحة الستار عن أسلحة وخيارات محلية الصنع والتطوير ذات أبعاد استراتيجية، كان آخرها الكشف عن تشكيلة طائرات بدون طيار محلية الصنع. ويعتبر الحدث الأبرز في تلك التطورات التي تشهدها القوة العسكرية اليمنية بعد مرور ما يقارب العامين منذ بدء العدوان هو امتلاك الجيش واللجان الشعبية القدرة على التصنيع والتطوير العسكري الاستراتيجي، وبالتزامن مع تمكن قوات الدفاع الجوي من إسقاط طائرتي استطلاع إحداهما في منطقة العقبه بمحافظة الجوف والأخرى في أجواء منطقة الفريضة بجيزان السعودية، كشف قسم التصنيع الحربي اليمني عن تشكيلة طائرات بدون طيار محلية الصنع، وبحسب بيان صادر عن دائرة التصنيع العسكري التابعة لوزارة الدفاع اليمنية بصنعاء فإن أربع طائرات يمنية بدون طيار دخلت المعركة منها واحدة هجومية وثلاث استطلاعية. المفاجآت المتوالية توجت بافتتاح رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد ورئيس الوزراء عبدالعزيز بن حبتور صباح الأحد معرضا حوى نماذج من تلك الطائرات التي تم الكشف عن تفاصيلها وخصائصها ومهامها، حيث تتميز الطائرة "قاصف 1" بكونها هجومية طولها 2.5 متر وعرضها 300 سنتيمتر وتحلق بزمن مدته ساعتان ومدى يصل إلى 150 كيلو متر، وتحمل عدة أنواع من الرؤس الحربية التي يزن الواحد منها 30 كيلوجراما، بينما تتميز الأنواع الثلاثة الأخرى مثل "راصد، ورقيب، وهدهد" بكونها استطلاعية فقط تتعدد مهامها بين رسم الخرائط وتحديد الإحداثيات وتصويب الضربات المدفعية والصاروخية على الاهداف، إضافة إلى مرافقة الزحوفات البرية، وتتفاوت أجحامها وأطوالها بين مترين إلى مترين ونصف ومداها بين 15- 35 كيلو متر وزمن التحليق بين ساعة ونصف إلى ساعتين. وقال نائب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية العقيد ركن عزيز راشد: يجب أن نقرأ الحدث بأنه تطور جديد في مسار المواجهة مع العدوان و نقلة نوعية ومرحلة متقدمة ومتطورة وقفزة فنية نحو الأمام، مؤكدا في تصريحات خاصة ل "البديل" على أن أهم رسائل هذا الإعلان الاستراتيجي تقول أنه لا مجال للتراجع أمام عدوان همجي يقصف ويدمر كل مقومات الحياه للدولة اليمنية والشعب اليمني ويستهدف الأطفال والنساء والبنى التحيتة، منوها إلى إن إعلان تشكيلة الطائرات بدون طيار ليست إلا بداية لمنظومة تصنيع وتطوير مستمرة في كافة المجالات العسكرية. تطور الدفاع الجوي وإسقاط الطائرات: جاء إعلان تشكيلة الطائرات بدون طيار يمنية الصنع بعد أسبوع من إعلان القوة الصاروخية تحييد الباتريوت الأمريكي الذي تستخدمه السعودية في اعتراض الصواريخ الباليستية اليمنية، وبين الحدثين كانت وحدات الدفاع الجوي قد بدأت بتشغيل منظومة مطورة تمكنت من إسقاط طائرة طراز أف 16 أردنية فوق أجواء نجران قبل يومين. وكان قد كشف الإعلام الحربي اليمني أمس الأحد عن مشاهد وصور لحطام طائرة أف16 الأردنية التي أسقطتها الدفاعات اليمنية الجمعة في نجران، وظهر المقاتلون اليمنيون وهم يعتلون حطامها في صحراء خباش، الأمر الذي قرأه مراقبون بكونه يعكس عمق سيطرتهم داخل أراضي نجران. وبينما كان التحالف السعودي قد عزى سقوط الطائرة إلى خلل فني فإن وكالة الأنباء الاردنية "بترا" قد أكدت أن الطائرة تعرضت لحادث ما، وهو ما يتسق مع رواية وحدات الدفاع الجوي التابعة للجيش اليمني واللجان الشعبية التي أكدت أن الطائرة تم إسقاطها ولم تَسقط. ويأتي إسقاط الطائرة الأردنية بعد أقل من أسبوعين منذ أن أعلن زعيم جماعة أنصارالله عبد الملك الحوثي عن مفاجآت في مجال الدفاع الجوي والمنظومة الصاروخية، إضافة إلى كشفه عن صناعة طائرات بدون طيار يمنية، وفي السياق نفسه نوه نائب الناطق الرسمي للجيش اليمني العقيد ركن عزيز راشد إلى وجود مفاجآت جديدة، وأضاف خلال حديثه للبديل: سوف يكون هناك المزيد من عمليات التطوير والإنجازات العسكرية خلال الفترة القادمة. ولفت راشد إلى أن ما جاء في خطاب عبد الملك الحوثي الأخير يجري تنفيذه بأبعاده الهادفة إلى خلق قوة ردع تواجه تكنولجيا العدو المتطورة، مشيرا إلى أن ما وصلت إليه وحدة القوة الصاروخية من تحييد منظمومة الباتريوت3 الأمريكية الحديثة يسمح بوصول الصواريخ البالستية اليمنية إلى الأهداف العسكرية السعودية بالكامل دون اعتراض وهو ما يعد إنجازا استراتيجيا هاما، لا سيما في ظل الحصار المستمر برا وبحرا وجوا. وقال راشد: كل هذه الإنجازات تأتي ثمرة لصمود الشعب اليمني نتيجة لاستغلال القدرات العسكرية والإمكانات نظرا للحاجة التي تفرضها حرب الإرادات الصلبة التي لا تكسر، وفي سياق حديثه عن وصول اليمنيين إلى مرحلة التصنيع العسكري رغم الحصار والعدوان المستمر لمدة عامين، لفت إلى أن العدوان بدأ يخسر وينهار اقتصاديا مقابل وصول قواتنا إلى التصنيع، مستشهدا على ذلك بالقروض التي تطلبها السعودية من الكويت و سياسة التقشف التي تتبعها، معتبرا أنها نتيجة طبيعية لشراء الأسلحة والتكنولوجيا من الدول الغربية المعادية للأمة العربية والإسلامية باعتبارها مراحل بداية السقوط لتلك الأنظمة.