تأخذ الأحداث في اليمن خلال هذه الأيام منحى مختلف أبعاده متعددة داخليا وخارجيا، حيث في نفس الوقت الذي تشهد فيه المنطقة العربية إعلانا عن تحالف علني بين إسرائيل وبعض الأنظمة العربية على رأسها السعودية، فإن قوات الجيش واللجان الشعبية التي تواجه العدوان تذهب باتجاه قلب موازين المعركة من خلال استخدام خيارات وأسلحة عسكرية جديدة ذات أبعاد استراتيجية أبرزها تحييد منظومة الباتريوت الأمريكية التي تستخدمها السعودية لصد الصواريخ. لم يمر أسبوع منذ إعلان عبد الملك الحوثي زعيم أنصار الله عن مفاجآت على الصعيد الصاروخي والدفاعي، حتى أسقطت منظومة الدفاع الجوي طائرة عملاقة بدون طيار في أجواء محافظة مارب وتم إطلاق أكثر من صاروخ باليستي على مواقع استراتيجية سعودية أحدها استهدف مطار ابها الإقليمي بعسير والآخر استهدف محطة كهرباء الشقيق بجيزان. تحييد الباتريوت : فاجأت القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية في اليمن مؤخرا العدوان السعودي بإعلانها امتلاك تقنية عسكرية جديدة وصفت بأنها صادمة وتقلب الموازين العسكرية من خلال تحييد المنظومة الدفاعية الأمريكية الباتريوت طراز باك3 التي تمتلكها السعوديةوتمكنها من اعتراض بعض الصواريخ الباليستية التي تنطلق من اليمن. القوة الصاروخية وفي بيان صادر عنها عشية السبت أكدت أن الضربات الباليستية على الأهداف السعودية شهدت تطورا نوعيا في دقة الإصابة، وأضاف البيان أن القوة الصاروخية استطاعت تحييد الجيل الثالث من منظومة باتريوت التي تعتبر أحدث منظومات الاعتراض الأمريكية التي زودت بها السعودية العام الماضي. ويفهم من البيان أن تطوير القدرات الصاروخية الذي تجاوز المدى الواصل إلى الرياض والذي يمكن أن يصل إلى ما بعد الرياض، لننتقل إلى تحصين الصواريخ ضد منظومة الباتريوت التي ستصبح عاجزة عن اعتراضها. واعتبرت القوة الصاروخية أن تحييد منظومة باتريوت باك3 إنجاز نوعي كبير على صعيد حرب الأدمغة المشتعلة بين اليمن وقوى العدوان، منوهة إلى أنها تمكنت من إنجاز هذا التطور النوعي خلال فترة وجيزة وفي ظروف بالغة التعقيد وبعقول وطنية من تعديل ميزان الردع لصالحها بعد أن كان لصالح العدو. الحدث المفاجئ الذي احتفلت به صنعاء، كان من الطبيعي أن يلاقي ردة فعل من طرف العدوان، فلم تمضِ ساعة حتى جاء الرد على شكل غارات هيستيرية مكثفة شنتها طائرات العدوان على العاصمة صنعاء مستهدفة أكثر من موقع أبرزها مبنى كلية الطيران، واعتبر محللون وإعلاميون يمنيون أن الغارات تحمل دلالات التخبط والتعالي، لا سيما وأنها لم تحقق أي أهداف عسكرية. ضربات باليستية جديدة : وكانت قد استهدفت القوة الصاروخية خلال الأيام القيلة الماضية عددا من الأهداف داخل المملكة أبرزها ضربات باليستية متوسطة المدى، حيث بعد يومين من إطلاق صاروخ باليستي متوسط المدى نوع قاهر 1 على مطار ابها الإقليمي، أكد مصدر في القوة الصاروخية اليمنية ليلة السبت أن صاروخا بالستيا متوسط المدى استهدف محطة توليد الكهرباء وتحلية المياه في منطقة الشقيق بتهامة في جيزان جنوب السعودية. وأوضح المصدر الذي أفاد بأن الصاروخ أصاب هدفه بدقة، أن المحطة التي جرى استهدافها تغذي أغلب القواعد العسكرية في خميس مشيط وأبها، مضيفا أن إطلاق الصاروخ البالستي ياتي ردا على استمرار العدوان السعودي الأمريكي في ارتكاب المجازر وفرض الحصار على الشعب اليمني. وبحسب معلومات حصل عليها "البديل" فإن محطة الشقيق لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه تمثل المشروع الثاني من مشاريع إنتاج الماء و الكهرباء المستقلة بالمملكة، وتغذي مدن منطقة عسير ومنطقة جيزان من المياه المحلاة و الكهرباء وتقدر كمية المياه المنتجة ب 212,000 م3 يوميا و يتم توليد 850 ميجاوات من الطاقة الكهربائية. وذكرت المعلومات أن عدد وحدات توليد الطاقة الكهربائية تقدر ب 3 توربينات وطاقة توليدية 340 ميجاوات للتوربينة والتقنية المستخدمة للتوربينات هي تقنية التكثيف. كما تعتبر الشقيق التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة وتتبع منطقة جيران، مدينة تجارية وليست مدينة صيد وكان بها مرسى حربي ثم ميناء تجاري لم يتوقف إلا عام 1402ه . تحالف عربي إسرائيلي هدفه اليمن : في هذه الأثناء تشهد المنطقة إرهاصات مختلفة من حيث الشكل والمضمون محورها إعلان تحالف عربي إسرائيلي تتكتم عليه السعودية التي تتزعم الطرف العربي في حين تباهي به إسرائيل في أكثر من مؤتمر صحفي، حيث بعد اعتراف نتنياهو خلال مؤتمره الصحفي مع ترامب الأسبوع الماضي بكينونة التحالف، تحدث حسن نصرالله أن هناك معطيات ومعلومات تثبت أن إسرائيل تشارك في تحالف العدوان على اليمن منذ البداية، وهو ما لم تنفيه السعودية أو أي دولة من دول التحالف. كما كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن اتفاق سابق جرى خلال جلسة سرية جمعت نتنياهو مع الرئيس المصري السيسي وملك الأردن ووزير خارجية الولاياتالمتحدة السابق جون كيري مطلع 2016 يتضمن 6 مبادئ أبرزها الاعتراف بدولة يهودية بحدود 67 وعاصمتها القدس والسماح بقيام دولة فلسطينية بدون سلاح وجيش، وأن تبقى السلطة الأمنية لإسرائيل، وبحسب الصحيفة فإنه وبرغم موافقة الزعماء العرب إلا أن الاتفاق قوبل برفض نتنياهو. وعلى وقع ذلك تتسارع وتيرة إشهار التحالف السعودي الإسرائيلي، وهو ما عبر عنه التقارب الكبير بين وزير الحرب الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال مؤتمر ميونخ للأمن والذي جمع الاثنين في غرفة واحدة لأول مرة، حيث ظهر التناغم السعودي الإسرائيلي عندما قال ليبرمان إن إيران هدفها تقويض السعودية في الشرق الأوسط ودعا إلى حوار مع الدول العربية السُنية لهزيمة العناصر المتطرفة في المنطقة، وهو ما وافقه عادل الجبير عليه سريعا، الأمر الذي اعتبره سياسيون يمنيون إشارة واضحة إلى أن هذا التحالف هدفه اليمن التي تعتبر الحرب الوحيدة التي تخوضها السعودية، وما يعزز هذا الاعتقاد أن الجبير اتهم إيران بأنها تدعم الأسد في سوريا وأنصار الله في اليمن.