تنتشر في صعيد مصر طريقة الدفن بحسب «الوصية» التي يتركها المتوفى، كأن يوصي الرجل بدفنه إلى جوار زوجته أو أمه في قبر واحد، مما يثير جدلًا حول عادة الجمع بين أكثر من متوفى في قبر واحد، ولا سيما الجمع بين الرجال والنساء، وحول موقف الشريعة الإسلامية من تلك العادة. ويتعامل بعض من يتمسك بتلك العادة وينفذها بمبدأ «الضرورات تبيح المحظورات»، فيضطرون لجمع العظام على بعضها بعضًا من أجل الإفساح للجثمان الجديد، رغم إمكانية وجود متسع لحفر قبر جديد. وطريقة الدفن بمصر في العقيدة الإسلامية والمسيحية تقوم على غرار الدفن الفرعوني، الذي يبيح الدفن بشكل جماعي في مقبرة واحدة، واستناد العقيدة المسيحية لطرق الدفن من خلال العادات الفرعونية؛ لأن أغلب الدفن يكون في صناديق. كما تشهد بعض قرى الصعيد حالات للدفن الجماعي؛ بسبب عدم تواجد مناطق للدفن وامتلاء المقابر، مما جعل الأهالي يجمعون العظام القديمة كافة على بعضها؛ لإفساح المجال للجثمان الجديد. وقال الدكتور صابر سيد، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بأسيوط: دفن الرجال مع النساء في قبر واحد مخالف للشريعة، طالما أن هناك مجالًا متسعًا لتواجد قبر جديد، والاستناد إلى وصايا الآباء بالدفن في قبر الزوجة أو الأم إنما هو خطأ، ولا يجوز إلَّا في حالة الضيق فلا يجوز الجمع بين أكثر من متوفى في نفس القبر إلَّا في حالة الضرورة القصوى، والمتمثلة في الافتقار إلى مكان الدفن، فحينئذ يجوز دفن أكثر من ميت في القبر الواحد، ويوضع الأموات بجوار بعضهم بعضًا في قبر واحد، إضافة إلى الدفن في طوابق، وذلك بدفن الأطفال في طابق والكبار في آخر سفلي في بعض المقابر، موضحًا «الضرورة هنا تبيح المحظورات». وأضاف أن الدفن يعني أن يتم الحفر للميت والردم عليه، مشيرًا إلى أن الأصل في القبر أن يدفن المرء وحيدًا، في إشارة إلى أنه من الأفضل ترك الميت سنة على الأقل لحين تحلل الجثة. وأشار إلى أن الدفن الشرعي يتم عن طريق «اللحد»، وهو أن تحفر حفرة في قاع القبر من جهة القبلة، قدرها متران في الأرض، ويوضع الميت بها، ثم يوضع حجر عليه، ويتم ذلك في الصحراء، وغالبًا في الأماكن التي لا توجد بها المياه الجوفية، أما عن «الشق» فهو أن يشق في وسط قاع القبر، ويدفن الميت ويتم وضع التراب عليه. وقال الدكتور أحمد سيد أبو رحاب، أستاذ الآثار بكلية الآداب بجامعة أسيوط: الدفن في مصر يتخذ الطريقة الفرعونية المتوارثة، من خلال الدفن بشكل جماعي في قبر واحد، تمثلًا بالمصريين القدماء في دفن موتاهم، علاوةً على الدفن في عيون داخل الحوائط، ويتم وضع غطاء حجري عليها منقوش عليه اسم المتوفى على غرار التقاليد الإغريقية في الدفن. وأضاف أن القدماء كان يحفرون بئرًا اتساعها 10 أمتار تقريبًا وعمقها حوالي ثلاثين مترًا، وتشيد في قاع هذه البئر حجرة دفن مربعة الشكل، سقفها على شكل قبو حجري به ثلاث فتحات تغلق بأوانٍ فخارية، بحيث تكون قاعدة الأواني إلى أسفل، وتثبت جيدًا فى موضعها، وبعد ذلك يحفر العمال بئرًا موازية أقل اتساعًا، وتتصل بحجرة الدفن، عن طريق دهليز أو ممر ضيق أفقي يسد بثلاث كتل حجرية ضخمة. وعن الدفن في العقيدة المسيحية قال الأنبا ماكسيموس، قسيس بالدير المحرق بأسيوط، إنه مستند على أن «إكرام الميت في دفنه»، ولا يكون هناك أي طرق تعترض على الدفن، خلاف حرق البعض للجثمان، أو إلقائه في البحر، وهذا يتم خارج مصر، والدفن يكون فى حفرة من 3 إلى 5 أمتار ومربعة على شكل حرف «T»، مقلوب، وأغلب الدفن يكون في الأرض داخل صناديق، وبعض الأماكن تدفن الرجال والنساء على حدة، مثل منطقة البجوات بالوادي الجديد، وتم اتخاذ طريقة الدفن من الفراعنة، لكن اختلفت في قيام الفراعنة بوضع كل ما يمتلكونه من متاع الحياة داخل المقبرة.