أصبحت معاناة الشعب المصري مع الأسعار شبه يومية، فلا يمر يوم إلا ويجدون زيادة جديدة في السلع، ورغم تحمل الشعب فوق طاقته، ما زال الرئيس عبد الفتاح السيسي يكلف الحكومة ب "ضبط الأسواق"! وأكد المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، اهتمام الحكومة بمراقبة الأسواق وضبط الأسعار؛ لضمان توافر السلع للمواطنين بأسعار مناسبة، منوهًا ببذل جهود كبيرة خلال هذه الفترة، من خلال تكثيف الحملات على الأسواق، موضحًا أن الرئيس كلف الحكومة بضرورة ضبط الأسواق. كما أعلن رئيس مجلس الوزراء، في تصريحات صحفية، أنه لم يعد هناك مشكله في الأدوية؛ خاصة بعد الأسعار الجديدة التي أعلنها وزير الصحة، مؤكدًا اتجاه الحكومة نحو إصلاح الشركات الوطنية العاملة في مجال صناعة الأدوية وتعزيز قدراتها الإنتاجية، بحيث تكون لها حصة أكبر بالسوق المصرية؛ مما ينعكس بالإيجابية على توافر الدواء. تصريحات الحكومة والرئيس بضرورة ضبط الأسعار تكررت أكثر من مرة، وتكليفات الرئيس بضبط الأسواق لم يلمسها المواطن المصري في أرض الواقع، وبعد نجاح أصحاب مصانع الأدوية في فرض أسعار جديدة على سوق الدواء، انتهت مشكلة الأدوية؛ لتبدأ مشكلة المواطن في معاناته لتوفير مال لشرائها. اشتعال الأسواق ناتج عن عدم قدرة الحكومة على التدخل لضبط السوق، لقلة المعروض وزيادة الطلب، وبالتالي لن تنجح الحكومة في ضبط الأسعار إلا إذا تمت زيادة المعروض؛ ليغطي الطلب، ومع عدم وجود تنمية وإنتاجية للمصانع المملوكة للدولة، لن تنجح الدولة في السيطرة على الأسعار. محمود العسقلاني، رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، أكد ل«البديل» أن زيادة الأسعار ستستمر إن لم تتدخل الدولة بتحديد هامش ربع للتجار أو تحديد الأسعار، وبدون أحد هذين الحلين لن تستطيع الحكومة أو الرئيس أن ينتهوا من هذه الأزمة، مهما كانت التكليفات؛ لعدم وجود ضوابط تسير عليها الحكومة للحل. وأضاف العسقلاني أن حل أزمة الأسعار يكمن في إصدار قرار بقانون من البرلمان بتفعيل وضع أسعار للسلع؛ حتى لا يتعداها التاجر، ولكن البرلمان لم يتدخل حتى الآن. وأوضح سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، أن تكليفات الرئيس للحكومة بضبط الأسواق المشتعلة لن تجدي نفعًا؛ لأن الخطورة في اختفاء السلع وليست زيادة أسعارها، فطالما هناك ندرة في السلع، لا يمكن الحديث عن الأسعار، حيث إن الوضع الطبيعي أن تتوفر السلعة التي يحتاجها المواطن في الوقت الذي يريده، وأن تكون آمنة، وهذا الوضع غير موجود في مصر. وأكد سليمان ل«البديل» أن الأسعار ستتزايد، ولن تقدر الحكومة على السيطرة عليها؛ لأن الإنتاج لا يغطي الطلب، وبالتالي تلجأ إلى الاستيراد، ويزداد الطلب على الدولار، ومن هنا يظهر تلاعب التجار بالسلع، وشراء السلع التي تعرضها الحكومة بسعر أرخص؛ لبيعها بسعر أعلى، فالحكومة ليست لديها أدوات جديدة من أجل التحكم في الأسواق. وأكد أن العقول الموجودة الآن في الحكومة هي التي صنعت الأزمة من البداية، وتسعى الآن لحلها، وهذا لن يحدث؛ لأنهم لو كانوا يمتلكون الحل، لما وقعوا في أزمة زيادة الأسعار من الأول، ورغم كل القرارات الاقتصادية التي تأخذها الحكومة، لن تنجح؛ لأن الناتج المحلي لم يزد بمعدل يفوق 7%.