دخلت مصر خلال الفترة الراهنة، مرحلة تنازع السلطات؛ بعدما أحالت الحكومة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، التي بمقتضاها تؤول ملكية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة، إلى البرلمان، رغم نظر مدى صحة الاتفاقية أمام القضاء. الدستور أقر النظام الديمقراطي للحكم في مصر، والذي يؤكد الفصل بين السلطات وعدم تجاوز سلطة على أخرى، لكن ما يحدث على أرض الواقع مخالف تماما لما تضمنه الدستور والقوانين ونظم الحكم؛ فالسلطة التنفيذية تجاوزت حق السلطات الأخرى. ويمنع الدستور والقانون السلطة التنفيذية من التصدي لأمور منظورة أمام القضاء، فمازالت قضية تيران وصنافير تنظر أمام القضاء الذي حكم ببطلان توقيع الاتفاقية وأمر بإلغائها، واستباق الحكم النهائي للقضاء مخالفة صارخة للدستور غير مسبوقة ويعتبر تدخل من السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية. وفي مخالفة أخرى وتجاوز واضح من السلطة التنفيذية علي السلطة التشريعية، وافقت الحكومة علي الاتفاق الذي وقعته في أغسطس 2016 مع صندوق النقد الدولي بشأن إقراض مصر 12 مليار دولار دون الرجوع إلى البرلمان، مثلما حددت المادة 127 من الدستور، بأنه لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض، أو الحصول على تمويل، أو الارتباط بمشروع غير مدرج في الموازنة العامة المعتمدة، يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب. وقالت المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقا، إن تصرفات السلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومة ليست لها ضوابط دستورية وتتخذ قرارات تعد تجاوز للحدود الدستورية وتعدي علي السلطات الأخرى، مشيره إلى أن هذه المواقف التي تتخذها الحكومة تثير العجب في دولة مثل مصر ليست حديثة العهد بالدستور والقانون. وأضافت الجبالي ل«البديل» أن التجاوز الواضح من الحكومة دون تقديم طلب تفسير للمحكمة الدستورية علي القانون والدستور يضعنا أمام حيرة من أمر الحكومة التي لا تراعي المسافة الموجود بين السلطات التي يوجد فصل بينهما، وهذا يحتاج إلي وقفة سريعة أمام هذه التجاوزات من السلطة التنفيذية تجاه السلطات الأخرى. وأوضح الدكتور نبيل حلمي، أستاذ القانون وعميد كلية الحقوق جامعة الزقازيق السابق، أن التجاوزات واضحة من السلطة التنفيذية في حق السلطات الأخرى بالموافقة علي قرض الصندوق واتفاقية ترسيم الحدود، حيث إن المعاهدات الدولية وفقا للدستور والمادة 151 ألزمت السلطة بإحالة الاتفاقيات إلي البرلمان لمناقشتها والموافقة عليها من عدمه وغير ذلك يعد تجاوزا. وأكد أن هناك فصل بين السلطات حدده الدستور والقانون، ولذلك يمكن الطعن أمام محكمة القضاء الإداري علي أي قرار مخالف للدستور والقانون بتجاوز السلطة التنفيذية للسلطات الأخرى ويفصل فيه المحكمة الدستورية العليا.