رغم أنه تم اكتشافه بالصدفة، والانتهاء من أعمال الحفر منذ عشر سنوات، إلا أنه الأكثر شهرة بين آثار مدينة الإسكندرية، وأصبح المقصد الأول للسائحين، ويستقبل كبرى الاحتفالات الفنية العالمية واللقاءات الثقافية. يعد المسرح الروماني، الكائن بمنطقة كوم الدكة بالإسكندرية، أحد أكبر المسارح الرومانية في العالم، والذى تم إنشاؤه في القرن الرابع الميلادى. اكتشف هذا المسرح المفتوح بالصدفة عام 1960، أثناء تنقيب البعثة البولندية عن مقبرة الإسكندر الأكبر بكوم الدكة، فعندما بدأت البعثة في إزالة التراب الناتج عن الحفر، ظهرت المدرجات الرخامية، وحينها ثار الجدل عن هذا المبنى ووظيفته، واستمر التنقيب لمدة ثلاثين عامًا بواسطة مركز آثار البحر المتوسط والبعثة البولندية وجامعة الإسكندرية، إلى أن تم اكتشاف بعض قاعات الدراسة في شهر فبراير عام 2004؛ لينتهى التنقيب في هذا التوقيت، وينتهي الفكر السائد لدى الباحثين بأن هذا المبنى كان يستخدم مسرحًا للأطفال فقط، حيث كان يستخدم قاعة محاضرات للطلاب. يأخذ المسرح شكل حرف "U" أو حدوة الحصان، ويتكون من 13 صفًّا من المدرجات الرخامية والمصتوعة من أحجار شديدة الصلابة، وبها أرقام يونانية، تحدد تنظيم الجلوس، ويتسع المدرج لحوالي 600 شخص، ويوجد أعلى هذه المدرجات خمس مقصورات لم يتبقَّ منها الا مقصورتان، حيث سقطت الثلاث الأخرى منها على أثر زلازل قوي تعرضت لها الإسكندرية في القرن السادس الميلادي ،وسقف هذه المقصورات ذو قباب مكون من مجموعة أعمدة، وكان الهدف من بناء هذه القباب حماية الجالسين من عوامل الطقس الخارجية، كالأمطار وحرارة الشمس، بالإضافة إلى وظيفتها الأساسية في عملية التوصيل الجيد للصوت. وتقع في منتصف المدرج منصة مساحتها 45 مترًا بعمق 38 مترًا مصنوعة من الخشب، وكانت مكانًا لعزف الموسيقى (الأوركسترا). ومع وجود بعض النقوش والرسومات على بعض الأجزاء المكتشفة بالمسرح، تم التأكيد من أن المسرح الروماني مر على ثلاثة عصور، هي: الروماني والمسيحي والإسلامي، وظهر هذا مع طراز العمارة والمواد المستخدمة فيه مقارنة بالمباني الأخرى المقامة في هذه الحقبة. وللمسرح الروماني مدخلان أحدهما جهة الشمال، والآخر جهة الجنوب، من خلال مابين قوسين في الجدار الخارجى، تم غلقها بعد ذلك في العصر البيزنطي، بجانب حجرتين كبيرتين في المدخل إحداهما جهة الشمال، والأخرى جهة الجنوب، كانتا تستخدمان كأماكن انتظار. ويضم المسرح الروماني عدة قطع أثرية من عصور مختلفة، منها لوحة كبيرة عليها تصوير للملك سيتي الأول يقدم قربانًا لهيئة غير واضحة، ولوحة أخرى له وهيئة المعبود سيتي، كما يوجد تمثال على هيئة أبو الهول لرمسيس الثاني، ومثله للملك بسمتيك نفردايب رع، ولوحة عليها رأس البقرة "حتحور"، كما يضم المسرح مجموعة من الحمامات الرومانية، بالإضافة لمجموعة من بقايا أعمدة من عصور مختلفة.