الصدع بين إدارة أوباما وحليفتها الخليجية يتعمق إثر العدوان على اليمن، حيث علقت الإدارة الأمريكية بيع بعض أنواع الذخائر إلى المملكة العربية السعودية بسبب الخسائر المدنية التي سببتها ضرباتها الطائشة في اليمن. وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية أن البيت الأبيض قد اتخذ قرارا بمنع مبيعات أسلحة وذخائر شركة "رايثيون"، التي طورت قنابل ذكية تضرب الأهداف بشكل أكثر دقة. وتقدر قيمة تلك الصفقة المعلقة بحوالي 350 مليون دولار. لكنهم أيضا أكدوا على عدم فاعلية هذه القنابل بالشكل المطلوب بسبب فشل السعودية وتحالفها أو تعمدها اختيار أهداف غير صحيحة، وهذا هو مصدر القلق المتواصل منذ بداية حملة القصف. هذا العام، كانت الولاياتالمتحدة قد منعت بيع الذخائر العنقودية إلى السعودية على خلفية مخاوف مماثلة. يعتبر قرار الإدارة الأمريكية هو خطوة جديدة – بعد قانون "جاستا" – في توتير العلاقات السعودية الأمريكية كما أنه انتكاسة لشركة "رايثيون" التي دفعت بقوة لإتمام الموافقة على صفقة البيع. وقال مسؤولون أمريكيون أن الرئيس التنفيذي لشركة ريثيون، توماس كينيدي، ضغط شخصيا على توني بلينكن، نائب وزير الخارجية الأمريكي، وسعى للتواصل أيضا مع وزير الخارجية جون كيري وسوزان رايس مستشارة الأمن القومي. وقال جوش إرنست، السكرتير الصحفي في البيت الأبيض يوم الثلاثاء أن إدارة أوباما "أعربت طويلا عن بعض المخاوف الكبيرة إزاء ارتفاع معدل الضحايا المدنيين في الصراع اليمني". وأشار مسؤولون بالإدارة الأميركية إلى التفجير الذي وقع في أكتوبر من مجلس عزاء في اليمن والذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص وجرح مئات آخرين. اعترف التحالف العسكري الذي تقوده السعودية أن واحدة من طائراته نفذت الهجوم، وألقى اللوم على معلومات استخبارتية خاطئة. دفع تفجير الجنازة الولاياتالمتحدة إلى مراجعة مدى انخراطها في حرب اليمن والحد من دعمها العسكري لحملة المملكة في اليمن. وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية أنه إلي أن تتم معالجة ما أسماه "العيوب" في الأستهدافات ضد الحوثيين المدعومين من إيران، فإن الولاياتالمتحدة ستوقف بعض صفقات بيع الأسلحة للسعودية. تعليق مبيعات الأسلحة هو خطوة تضيف مزيدا من التدهور في العلاقة الهشة والمتوترة بالفعل بين الولاياتالمتحدة والسعودية، والتي تفاقمت في عهد إدارة أوباما، حيث تم إصدار قانون جاستا الذي يسمح بمقاضاة السعودية لتورطها في الهجمات الإرهابية وكذلك الاتفاق النووي الذي وقعته الولاياتالمتحدة وخمس دول كبرى أخرى مع إيران. وقد أعرب بعض الحلفاء العرب عن أملهم في تبني الرئيس الجديد دونالد ترامب لهجة أكثر تصالحية تجاه السعودية، ولكن يحذر خبراء السياسة الخارجية أنه لا أحد، في هذه المرحلة، لديه فكرة راسخة عن ماهية ترامب، الذي جعل محاربة الجماعات الإسلامية المتشددة المتطرفة هو محور حملته الانتخابية، وكيفية إدارته للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة. بالإضافة إلى وقف مبيعات بعض أنواع الذخائر، فإن البيت الأبيض يخفض أيضا العمليات الاستخبارتية المشتركة مع السعودية، في محاولة لمنع سقوط مزيد من الضحايا المدنيين في القصف السعودي لليمن. وقال مسؤول بارز في الإدارة الأميركية أن الولاياتالمتحدة ستعيد التركيز على التدريب مع القوات الجوية السعودية في كيفية اختيار أفضل أهداف للقصف. لكن الدعم الامريكي لازال مستمرا للعدوان السعودي على اليمن، الأمر الذي دعا منظمات حقوقية تؤكد أن حجب بعض الأسلحة لم يعد كافيا، حيث قالت سارة مارجون، مديرة مكتب واشنطن في منظمة هيومن رايتس ووتش "عدم وجود حظر أكثر شمولا، نظرا للضربات الغير قانونية الجارية وتواطؤ الولاياتالمتحدة المحتمل، يبعث على القلق الشديد"، مضيفة أن المنظمة ترى تلك المراجعة الأمريكية مخيبة للآمال نظرا لحجم ونطاق الخسائر في صفوف المدنيين في اليمن. نيويورك تايمز