رابط استخراج صحيفة أحوال المعلم 2025 بالرقم القومي عبر موقع وزارة التربية والتعليم    استقرار نسبي..اسعار الذهب اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويفى    أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    قاض أمريكي يوقف إدارة ترامب مؤقتًا عن نشر قوات الحرس الوطني في بورتلاند بولاية أوريجون    إسرائيل توافق على خط الانسحاب الأولى وتواصل قصف القطاع بشن غارات عنيفة (فيديو)    لهذا السبب.... فضل شاكر يتصدر تريند جوجل    بن غفير يهدد بالانسحاب من حكومة نتنياهو    استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا.. حلمي طولان يعلن قائمة منتخب مصر الثاني المشاركة في بطولة كأس العرب    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. بيراميدز وبرشلونة والسيتي    حالة الطقس.. انخفاض طفيف في درجات الحرارة وأجواء خريفية معتدلة اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    رابط مباشر ل تحميل التقييمات الأسبوعية 2025 عبر موقع وزارة التربية والتعليم    تامر حسني يشعل افتتاح مهرجان المهن التمثيلية بكلمة مؤثرة: "كنت زيكم وها توصلوا زي العظماء"    عمرو سعد يبدأ مغامرة سينمائية جديدة من ألمانيا بعد نجاح "سيد الناس"    «ابننا الغالي».. إلهام شاهين تهنئ نجل هاني رمزي بمناسبة زفافه (صور)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في محافظة الأقصر    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    شوبير يكشف موعد إعلان الأهلي عن مدربه الجديد    «مش عايزين نفسيات ووجع قلب».. رضا عبدالعال يشن هجومًا لاذعًا على ثنائي الزمالك    وزارة الأمن الداخلي الأمريكية: هجوم مسلح على دورية شرطة في شيكاغو    الداخلية السورية: الاستحقاق الانتخابي المقبل الأهم منذ 60 عامًا    في اليوم العالمي للصيادلة.. نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات مديرية الصحة والمتفوقين من أبناء الصيادلة    حماس: إسرائيل قتلت 70 شخصا رغم زعمها تقليص العمليات العسكرية    اسعار اللحوم اليوم الأحد 5 اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «اعتداء ضابط على بائع متجول» بالإسكندرية    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    بعد وصولها ل30 جنيهًا.. موعد انخفاض أسعار الطماطم في مصر (الشعبة تجيب)    «تهدد حياة الملايين».. عباس شراقي: سد النهضة «قنبلة نووية» مائية على وشك الانفجار    9 أيام إجازة في شهر أكتوبر 2025 للطلاب والقطاعين العام والخاص.. موعد اَخر عطلة رسمية في العام    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    نجل فضل شاكر ينشر صورة لوالده بعد الكشف عن تسليم نفسه    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    عمر كمال يعلن تعاونه مع رامي جمال في أغنية جديدة من ألحانه    مهرجان روتردام للفيلم العربى يقاطع إسرائيل ثقافيا تضامنا مع فلسطين    ألونسو يكشف حالة مبابي وماستانتونو    وليد صلاح الدين: ملف المدير الفنى الجديد تحت الدراسة.. ولا توجد ترضيات للاعبين    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    بمكونين بس.. مشروب واحد قبل النوم يزيد حرق الدهون ويحسن جودة النوم    لا مزيد من الروائح الكريهة.. خطوات تنظيف البط من الريش والدهون    بدر عبد العاطي وحديث ودي حول وقف الحرب في غزة وانتخابات اليونسكو    المؤتمر: اتحاد الأحزاب تحت راية واحدة قوة جديدة للجمهورية الجديدة    لسرقة قرطها الذهبي.. «الداخلية» تضبط المتهمة باستدراج طفلة القليوبية    مصرع طفل وإصابة شخصين في حادث دراجة نارية بالفرافرة    ضربة جديدة لحرية الرأي والبحث العلمي ..دلالات الحكم على الخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    مصرع 3 عناصر إجرامية شديدة الخطورة خلال مداهمة وكرهم ببني سويف    صادر له قرار هدم منذ 53 عامًا.. انهيار جزئي لعقار في جمرك الإسكندرية دون خسائر بشرية    أخبار × 24 ساعة.. قافلة إغاثية لمتضرري ارتفاع منسوب نهر النيل في المنوفية    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    دوري أبطال أفريقيا.. قائمة بيراميدز في مواجهة الجيش الرواندي    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    شريف فتحي يشارك في اجتماع غرفة المنشآت الفندقية بالأقصر    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول الطلاب بالصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من تجليات الصوفية المصرية "2"
نشر في البديل يوم 08 - 12 - 2016

ابن عطاء الله السكندري واحد من أبرز المتصوفة المصريين الذين ساهموا بصورة كبيرة في نشر تعاليم الطريقة الشاذلية، وفي إكمال مسيرة مدرسة الصوفية المصرية التي تميزت بالتقوى والزهد والتواضع والورع والعدل والحكمة والمحبة، هذه الصفات التي نرى ظلالها في حياته وتجلياته، "ليس المحب الذى يرجو من محبوبه عوضًا أو يطلب منه غرضًا فإن المحب من يبذل لك ليس المحب من تبذل له"، "الخذلان كل الخذلان أن تتفرغ من الشواغل ثم لا تتجه إليه، وتقل عوائقك، ثم لا ترحل إليه".
النشأة
هو تاج الدين أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن الحسين بن عطاء الله الجذامي، الملقب "بقطب العارفين" و"ترجمان الواصلين" و"مرشد السالكين"، وُلد ابن عطاء الله في القرن السابع الهجري بمدينة الإسكندرية، ونشأ كجدهِ لوَالده الّشيخ أبى مُحمد عبد الْكريم بن عطَاء الله، فَقيهاً يَشتغلُ بالعُلومِ الشَرعية حيث تلقي منذ صباه العَلوم الدينية والشرعية واللغوية، وكان في بداية حياته ينكر على المتصوفة اعتقادهم بحكم نشأته وثقافته الفقهيه المتقيدة بظاهر النصوص، حتى تعرف على الشيخ أبي العباس المرسي، وصار من تلامذته ومريديه وأخذ عنه طريق الصوفية وكرس حياته للدعوة إلى طريق الله وأصبح من رموز الطريقة الشاذلية، وقد تنبأ له الشيخ أبو العباس بمنزلة كبيرة قائلًا " والله لا يموت هذا الشاب حتى يكون داعياً إلى الله وموصلاً إلى الله".
ابن عطاء والطريقة الشاذلية
تقوم تعاليم الطريقة الشاذلية على مجموعة من المبادىء من أبرزها تقوى الله في السر والعلانية، والإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار، والرضا عن الله في القليل والكثير، والرجوع إلى الله في السراء والضراء، والقول بمبدأ اسقاط التدبير والاختيار وهو أحد المبادىء الخلافية بين العديد من الفرق الإسلامية وقد شرحه ابن عطاء الله السكندري في كتابه "التنوير في إسقاط التدبير"مقسمًا إياه إلى نوعين تدبير مذموم يرفضه وتدبير محمود يقبله، وفي هذا يقول "فالتدبير المذموم هو كل تدبير ينعطف على نفسك بوجود حظها لا لله قياما بحقه، كالتدبير في تحصيل معصية، أو حظ بوجود غفلة، أو طاعة بوجود رياء، والتدبير المحمود هو ما كان تدبيرا لما يقربك إلى الله، كالتدبير في براءة الذمة من حقوق المخلوقين، إما وفاء أو استحلالا، وتصحيح التوبة إلى رب العالمين، والفكرة فيما يؤدى إلى قمع الهوى المردى والشيطان المغوي، فكل ذلك محمود لا شك فيه".
وقد ساهم ابن عطاء الله السكندري في التأصيل للطريقة الشاذلية فكان أول من دون وصايا وحكم وتعاليم وأدعية الشيخان أبي العباس المرسي والشاذلي أبي الحسن في كتابه " لطائف المنن في مناقب الشيخ أبي العباس المرسي وشيخه الشاذلي أبي الحسن" وبهذا حفظ التراث الروحي للطريقة الشاذلية، وقام ابن عطاء الله بتقديم أول مصنف في بيان آدب الطريقة الشاذلية النظرية والعملية، التي من خلالها حققت الطريقة الشاذلية انتشارًا كبيرًا داخل مصر وخارجها.
في مواجهة ابن تيمية
رغم ما يتمتع به ابن عطاء الله السكندري من منزلة ومكانة كبيرة إلا أن السلفيين دائمًا ما يهاجمونه بسبب الدور الذي قام به في مواجهة أفكار ابن تيمية، فقد كان من معاصريه ويروي أنه كانت هناك مناظرات ومجادلات عديدة بينهما، ومن أبرزها نقاش أقر فيه ابن تيمية بعلم وفضل ابن عطاء الله السكندري، ونذكر هنا جزء من هذا النقاش الذي يرويه المتصوفة وينكره السلفيون، وجاء كالتالي: قال ابن عطاء: ماذا تعرف عني يا شيخ ابن تيمية؟
فأجاب ابن تيمية: "أعرف عنك الورع، وغزارة العلم، وحِدَّة الذِّهن، وصِدقَ القول، وأشهد أني ما رأيتُ مثلكَ في مصر ولا في الشام حبًّا لله، أو فناءً فيه، أو انصياعًا لأوامره ونواهيه، ولكنه الخلاف في الرأي، فماذا تعرف عني أنت، وتَحكم عليَّ بالضلال إذ أُنكِر استغاثة غير الله؟".
قال ابن عطاء الله: "إني أعجب لك يا فقيه، فأنت نَصير السنَّة، تَستوعِب الآثار حِفظًا وفهمًا، كامل الفِكر، سريع الإدراك، ولكنك تُطلِق عبارات أحجَم عنها الأولون والآخِرون، وتَخرُج فيها عن مذهب إمامك أحمد، ومذاهب سائر الأئمة".
فقال ابن تيمية: "مَن تعصَّب لمذهب بعَينه، فقد أشبه أهل الأهواء".
قال ابن عطاء الله: "أما آن لك يا فقيه أن تَعرِف أن الاستغاثة هي الوسيلة والشفاعة، وأن رسول الله يُستغاث ويتوسَّل به، ويُستشفع به؟".
قال ابن تيمية: " أنا في هذا أتبَع السنَّة الشريفة، أما الاستغاثة ففيها شبهة الشرك بالله – تعالى – ولهذا منعها سدًّا للذرائع، قال – تعالى -: ﴿ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا).
قال ابن عطاء: " أصلحكَ الله يا فقيه، مَن مِن المسلمين الذين يؤمنون بالله ورسوله يَحسب أن غيره – تعالى – يَقضي ويُقدِّر ويُثيب ويُعاقِب؟، إنما هي ألفاظ لا تؤخذ على ظاهرها، ولا خوف مِن الشرك لنسدَّ إليه الذريعة، فكل مَن استغاث الرسول فهو إنما يَستشفِع به عند الله مثلما تقول أنت: أشبعَني الطعام، فهل الطعام هو الذي أشبعك أم أن الله – تعالى – هو الذي أشبعك؟، أما تحريمك الاستغاثة لأنها ذريعة إلى الشرك، فإنك كمَن أفتى بتحريم العِنَب لأنه ذريعة إلى الخمر، ويخصي الذكور غير المتزوِّجين سدًّا للذريعة إلى الزنا.
وأكمل ابن عطاء عاتبًا على ابن تيمية في آراءه العنيفة في حق ابن عربي "إنَّ الأخذ بظاهر المعنى يوقِع في الغلَط أحيانًا يا فقيه، ومِن هذا رأيُك في ابن عربي؛ فقد فهمتَ ما كتبَه على ظاهره، والصوفية أصحاب إشارات وشطحات روحية، ولكلماتهم أسرار، فكان يتعيَّن على مَن هو في مثل حذقك، وحِدَّة ذهنك وعلمك باللغة أن يبحث عن المعاني المكنونة الخفية وراء الكلمات؛ فالمعنى الصوفيُّ روح، والكلمة جسد، ثم إنك اعتمدت في حُكمِك على ابن عربي على نصوص قد دسَّها عليه خصومه".
الحكم العطائية
وبجانب الدور البارز الذي قام به ابن عطاء الله السكندري كفقيه وعالم وحافظ لتراث الطريقة الشاذلية فقد ترك العديد من الحكم والتجليات الصوفية التي ضمها كتاب "الحكم العطائية"، ومن أبرزها " تشوفك إلى ما بطن فيك من العيوب خير لك من تشوفك إلى ما حجب عنك من الغيوب"، "رب معصية أورثت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا"، "ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول وربما قضى عليك بالذنب فكان سبباً في الوصول"، "مَتى أَوْحَشَكَ مِنْ خَلْقِهِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ يُريدُ أَنْ يَفْتَحَ لَكَ بابَ الأُنْسِ بهِ"، "من مدحك فإنما مدح مواهب الله عندك … فالفضل لمن منحك لا لمن مدحك"، " إذا أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر فيما يقيمك"، "أَعانَهم على تَحمّل أَقْدَاره شهودهم حُسن اختياره"، "لا تفرحك الطاعةُ لأنها برزت منك … وأفرح بها لأنها برزت من الله اليك"، "المؤمن إذا مدح استحيى من الله تعالى أن يثنى عليه بوصف لا يشهده من نفسه، و أجهل الناس من ترك يقين ما عنده لظن ما عند الناس" ، "لا يخاف عليك أن تلتبس الطرق عليك .. إنما يخاف عليك من غلبة الهوي عليك"، "لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه ,لأن غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك فى وجود ذكره. فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة .. إلى ذكر مع وجود يقظة, و من ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور، ومن ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع غيبة عما سوى المذكور .. و ما ذلك على الله بعزيز"، "لو أنك لا تصل إليه إلا بعد فناء مساويك, ومحو دعاويك ,لم تصل إليه أبدا, ولكن إذا أردت أن يوصلك إليه,غطي وصفك بوصفه, ونعمتك بنعمته, فوصلك إليه, بما منه إليك, لا بما منك إليه".
ومما يُذكر في فضل ابن عطاء الله السكندري تأكيده على قيمة العدل في الإسلام ووجوب نصح الحاكم ومعارضته إذا لم يعدل، فقد كان يرى أن من أهم مهام الصوفي السعي في نشر الرحمة والعدل والمحبة ورفع الظلم عن الضعفاء والفقراء.
المصادر
_كتاب "سير أعلام النبلاء" للإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
_كتاب "الطرق الصوفية في مصر نشأتها ونظامها وروادها" لعامر النجار.
_كتاب " التنوير في إسقاط التدبير" لابن عطاء الله السكندري.
_كتاب " لطائف المنن في مناقب الشيخ أبي العباس المرسي وشيخه الشاذلي أبي الحسن" لابن عطاء الله السكندري.
_كتاب " الحكم العطائية" لابن عطاء الله السكندري.
_كتاب "ابن تيمية الفقيه المعذب" لعبدالرحمن الشرقاوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.