كارثة صحية يتعرض لها الآلاف من مواطني محافظة سوهاج وتهدد حياتهم بمزيد من الأمراض، بسبب استخدام مصانع العصائر لعبوات سبق استخدامها من قبل، وتم تجميعها من مقالب القمامة واشوارع، وتقوم المصانع بإعادة استخدامها دون أدني نوع من التعقيم، والاكتفاء فقط بغسلها في أحواض ممتلئة بالمياه، إلى جانب أن كثير من هذه المصانع تعمل دون ترخيص، وتستخدم مواد حافظة صناعية بنسب غير مسموح بها. وتعتبر المنطقة الصناعية بحي الكوثر بمحافظة سوهاج، من أكثر المناطق التي تنشتر فيها تلك المصانع التي تنتج سموما على هيئة عصائر، وتعمل بعيدا عن أعين الأجهزة الرقابية نظرا لبعد موقعها في المنطقة الجبلية، كما أنها تستخدم علامات تجارية مقلدة وغير مسجلة بوزارة الصحة، ثم تروج منتجاتها في القرى والنجوع، مستغلة عدم وعي المستهلكين وأصحاب المحال بخطورة منتجاتهم، فضلا عن بعد تلك القرى عن الحملات التموينية والصحية التفتيشية. "م.ع" صاحب أحد مصانع العصائر بالمنطقة الصناعية بحي الكوثر، قال ل"البديل" إن أصحاب المصنع يتفقون مع بعض جامعي النفايات الذين ينبشون القمامة وأكوام نفايات المستشفيات على توريد الزجاجات الفارغة المستعملة مقابل مبلغ مادي بسيط، ثم يقوم عمال المصانع بغسلها في أحواض كبيرة وإزالة العلامات التجارية من عليها لتجنب المساءلة القانونية، تمهيدا لوضع علامات خاصة بالمصانع، مؤكدا أن المنتج يخرج من المصنع إلى مخازن تجار الجملة في ساعات الليل المتأخرة وعبر طرق غير رئيسية لتفادي الكمائن المنتشرة على الطرق الرئيسية . من جانبه، أكد أحمد فؤاد عمران، مدير إدارة مراقبة الأغذية بمديرية الصحة، أن هناك حملات مستمرة لملاحقة أصحاب تلك المصانع التي تهدد صحة مواطني محافظة سوهاج، موضحا أن هناك مصنعين بالمنطقة الصناعية بحي الكوثر ينتجان زجاجات العصير بشكل يومي، وأنه تمت مخاطبة مدير المنطقة لإغلاق هذين المصنعين، لافتا إلى أنه في حالة ورود أي معلومات لإدارة مراقبة الأغذية بوجود مصانع "بير سلم" تستخدم مواد مجهولة المصدر يتم التحرك فورا وأخذ عينات من المنتج للتأكد من عدم صلاحيته للاستخدام الآدمي، وبعدها يتم تحرير محاضر لأصحابها تمهيدا لتشميعها. المحاسب أحمد حسين، وكيل وزارة التموين بسوهاج، قال إن مفتشي التموين بالمديرية يقومون بحملات مكبرة مع مديرية الصحة ومباحث التموين لضبط تلك المصانع وخاصة غير المرخصة التي تنتج السلع والمواد الغذائية وليس العصائر فقط لتحجيمها ومنع انتشارها، مشيرا إلى أن "مدخل المديرية" امتلأ بكميات العصائر المجهولة والضارة المصادرة من قبل المديرية. فيما قال المهندس محمود الشندويلي، رئيس جمعية المستثمرين بسوهاج، إن إغلاق المصانع المخالفة هو مسؤولية مدير المنطقة ومسئول الأمن الصناعي بالمحافظة، موضحا أن جمعية المستثمرين دورها مقتصر على حل مشاكل المستثمرين مع الجهات التنفيذية. وقال الدكتور محمد عبد الحميد سرور، رئيس قسم الصناعات الغذائية بكلية الزراعة جامعة سوهاج، إن العبوات المعاد استخدامها لها أضرار كبيرة على الصحة العامة، خاصة وأن عمليات التصنيع داخل غالبية المصانع تتم دون تعقيم، مما يؤدي إلى تلوث المنتج وتغيير طعمه ولونه ورائحته عن طريق حدوث بعض التخمرات والتغيرات الكيميائية والميكروبيولوجية، خاصة إذا كانت العبوات ملوثة، موضحا أن العبوات الزجاجية أقل ضررا على الصحة بشرط تعقيمها، وأن العبوات البلاستيكية المعاد استخدامها شديدة الضرر. وأضاف أن التركيب الكيميائي لمادة البلاستيك يختلف من حيث جودته بحسب درجة نقائه، ولذا فإن بعض الأنواع يسمح بدخولها في صناعة عبوات وأوان تستخدم في تعبئة وتناول المواد الغذائية، بينما كثير منها لا تدخل سوى في صناعة الأدوات المنزلية وأدوات النظافة وتعبئة المنتجات المغلفة.