يستبق تقرير للعفو الدولية، يتهم بريطانيا بالتواطؤ مع السلطات البحرينية ضد المعارضة في البحرين التي تطالب بحقوقها، زيارة لرئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، ستقوم بها الشهر المقبل للبحرين، حيث ستلتقي ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة وقادة البلاد، وذلك تزامنًا مع قمة مجلس التعاون الخليجي التي ستستضيفها البحرين. ويبدو أن زيارة ماي للملك الذي يقمع المعارضة البحرينية لا تشكل نقطة إحراج لسياسة بريطانيا الخارجية، خاصة أن زيارتها المرتقبة للبحرين تأتي بعد زيارة ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز للبحرين في وقت سابق من هذا الشهر، علمًا بأن زيارة تشارلز تمت بالتنسيق بين الحكومة البريطانية وبلاط الملكة إليزابيث الثانية، وبالتالي يعد إعلان الحكومة البريطانية لزيارة رئيسة الوزراء بمثابة التأكيد على قوة العلاقة التي تربط بريطانيا بالملك البحريني من جهة، ومن جهة أخرى تعطي مؤشرات قاطعة بأن سياسة ماي في دعمها للسلطات البحرينية الجائرة لن تختلف عن سياسة سلفها السابق، ديفيد كاميرون. تقرير منظمة العفو.. المنامة ولندن قالت منظمة العفو الدولية في تقرير جديد نشرته الاثنين: بعد مرور أكثر من خمس سنوات على انتفاضة 2011 في البحرين، التي شهدت تعرض المتظاهرين السلميين للضرب، وإطلاق النار، والقتل في الشوارع، فإن الإصلاحات الرئيسية التي تم الإعلان عنها للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الأمن لم تحقق العدالة للغالبية العظمى من الضحايا وعائلاتهم. وتظهر المنظمة الحقوقية تواطؤ بريطانياوالبحرين في تقريرها المعنون "تجميل شكلي أم تغيير جذري؟ تقييم أداء هيئات الرقابة على حقوق الإنسان في البحرين"، حيث كشف النقاب عن أوجه القصور في أداء اثنتين من المؤسسات الحقوقية المتواجدة في البحرين، تحظيان بدعم المملكة المتحدة البريطانية، واللتين طالما هللت السلطات البحرينية والبريطانية لهما كدليل على التقدم الذي أحرزته البحرين في مجال حقوق الإنسان. فبريطانيا كثيرًا ما أشادت بديمقراطية السلطات البحرينية لمجرد أنها سمحت بإنشاء مؤسسات تُعنى بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، وكأن افتتاح المنظمات الحقوقية في البحرين هو الهدف الأساسي للحصول على شهادة حسن السير والسلوك للسلطات في البحرين، بغض النظر عن انتهاك هذه السلطات للحقوق الأساسية للشعب البحريني. وقالت لين معلوف، رئيسة قسم البحوث ونائبة مديرة المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت: إن "التغيير الحقيقي لا بد أن يكون أكثر من مجرد جراحة تجميلية، ولا يجوز أن تمضي السلطات البحرينية في تضليل العالم بالترويج لقشرة زائفة من الإصلاح، لا سيما في ظل ندرة المساءلة والمحاسبة على الانتهاكات المرتكبة، واستمرار تعرض منتقدي السلطات والمدافعين عن حقوق الإنسان للاعتقال التعسفي والمحاكمات الجائرة، أو الإدانة والسجن، أو المنع من السفر إلى الخارج، أو سحب الجنسية منهم. ويعود تاريخ المؤسستين الحقوقيتين المدعومتين من بريطانيا للأحداث القمعية التي وقعت في البحرين 2011، حيث استجلب قمع الحكومة البحرينية الوحشي لانتفاضة عام 2011 الكثير من الإدانات الدولية، الأمر الذي شكل ضغطًا على الحكومة البحرينية؛ ما اضطرها للاستجابة لتوصية اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي شكلها العاهل البحريني، بتعديل عدد من القوانين، وإنشاء عدة مؤسسات تُعنى برصد انتهاكات حقوق الإنسان، والتحقيق فيها، وملاحقة الجناة المشتبه في ارتكابهم تلك الانتهاكات، وتم بالتالي إنشاء "الأمانة العامة للتظلمات" بوزارة الداخلية، و"وحدة التحقيق الخاصة" التابعة للنيابة العامة في عام 2012، حيث تتلقى المؤسستان مساعدات في مجالي التدريب وبناء القدرات من المملكة المتحدة البريطانية، التي تُعد من أعتى حلفاء البحرين. ويبرز تقرير منظمة العفو الدولية الحالي كيف تقاعست المؤسستان حتى الساعة عن ردع انتهاكات حقوق الإنسان بشكل ملموس، حيث تقاعستا عن حماية المحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، كما أنهما لم تحققا بفاعلية في التهم الموجهة للمحتجزين، وعدم حصولهم على الرعاية الطبية. وفي هذا السياق قالت معلوف: "إن وصف حكومة المملكة المتحدة للأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة على أنهما من المؤسسات النموذجية، لهو وصف غير حكيم بالنظر إلى أوجه القصور التي يبرزها التقرير، وبدلاً من سرد أنصاف الحقائق على العالم بشأن التقدم الذي تحرزه البحرين، حريٌّ بالمملكة المتحدة وغيرها من الحلفاء الدوليين أن تتوقف عن إعطاء الأولوية للدفاع والتعاون الأمني على حساب حقوق الإنسان". وتبرز من بين تلك القضايا غير المحالة قضية الفتى علي حسين نعمة (16 عامًا) الذي سقط قتيلًا بنيران الشرطة في سبتمبر 2012، وأثبتت الأدلة المصورة، وشهادة الوفاة، أنه تم إطلاق النار عليه من الخلف، ومع ذلك خلصت وحدة التحقيق الخاصة إلى أن الشرطي أطلق النار دفاعًا عن النفس، ما يعفيه بالتالي من الملاحقة الجنائية، متذرعة بأن الفتى القتيل ألقى برفقة فتى آخر زجاجات حارقة (مولوتوف) على الشرطة. وهناك العديد من حالات الانتهاك التي سردها تقرير العفو الدولية عن البحرين، حيث يستند التقرير إلى أكثر من 90 مقابلة أُجريت منذ عام 2013 مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، وعائلاتهم، ومحاميهم، والمدافعين عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى اعتماده على المعلومات التي تم الحصول عليها من خلال المراسلات مع الحكومة البحرينية والمؤسسات المحلية المعنية. ويعتمد التقرير أيضًا على نتائج البحوث التي تجريها منظمة العفو الدولية باستمرار، ورصدها لتطورات حقوق الإنسان في البحرين. وكتب المحرر الدبلوماسي في الجارديان، باتريك وينتور، حول التقرير الحقوقي، "إن منظمة العفو الدولية، وبعد استجواب عشرات من الناشطين الحقوقيين في البحرين، خلصت إلى أن من "منتهى المخادعة" أن تزعم الحكومة البريطانية أن البحرين تقوم بإصلاحات ملموسة في مجال حقوق الانسان"، مشيرًا إلى أنه لم تتم محاكمة أي ضابط أو مسؤول بخصوص الانتهاكات الخطيرة التي مورست خلال انتفاضة 2011. الجدير بالذكر أن بريطانيا تعد مصدرًا أساسيًّا للأسلحة التي تصدر إلى البحرين، الأمر الذي يفسر غضّ طرفها عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في البحرين.