في مكان بعيد عن الواقع وأزمات الشعب المصري تسكن الحكومة، حتى إنها لا تستطيع أن ترى أن هناك أزمة تحدث للشعب، الذي أصبح يعاني بشكل كبير على أرض الواقع؛ بسبب الإجراءات التي تتخذها الحكومة، ولا ترى نتائجها، وتؤكد أن كل شيء يسير على أكمل وجه. كان لا بد من عقد مقارنة بسيطة بين الواقع الذي يعيشه الشعب في معاناة لا تنتهي والمكان الآخر الذي تعيش فيه الحكومة بعيدًا عن هذا الواقع. الشعب يشكو ويستغيث بعد اتخاذ الحكومة قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية وزيادة أسعار البنزين، حدثت زيادة ملحوظة في أسعار السلع والخدمات والأدوية وخاصة المستورد منها، وحسب تأكيدات غرفة صناعة الدواء فإن تكلفة إنتاج الدواء زادت 50 % بسبب تعويم العملة. كان دواء الأنسولين الخاص بمرضى السكر أكبر الأزمات التي ظهرت على الساحة، بعد نقص الدواء واختفائه من معظم صيدليات الجمهورية. تفاقم الأزمة على أرض الواقع جعل النائب محمد وهب الله، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، يتقدم ببيان للدكتور علي عبد العال، رئيس المجلس؛ لإلقاء تساؤلات موجهة لكل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة ووزير قطاع الأعمال العام، حول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بعد تحرير سعر الصرف لتوفير العملات الأجنبية وخاصة الدولار؛ لاستيراد الأدوية والخامات وألبان الأطفال، كذلك الأدوية المتعلقة بالأمراض المزمنة، كالأنسولين وأدوية القلب والسرطان وغير ذلك. والحكومة تنفي وتؤكد في مكان آخر بعيدًا عن أرض الواقع تعيش الحكومة المصرية بلا مشاكل ولا أزمات حقيقية، حيث إن كل ما يقال عن أرض الواقع تراه أنباء تثيرها وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي، مقتنعة أنه لا توجد أزمة "كما يقال". فقد أكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن وزارة الصحة والسكان أوضحت أن الأنباء التي تثار عن عدم وجود الأنسولين غير دقيقة, وأنه متوفر داخل الصيدليات والمستشفيات، مع وجود مخزون استراتيجي لديها؛ لضمان توافره بشكل عادل ومستمر لجميع المرضى وعدم حدوث أي أزمة. كما أن زارة الصحة أشارت إلى أن هناك حملات مستمرة تقوم بها إدارة التفتيش الصيدلي على الصيدليات ومخازن الأدوية, وكذلك جميع فروع الشركة المصرية لتجارة الأدوية؛ للتأكد من توافر كميات الأنسولين، موضحه أنه لا يوجد أيضًا عجز في أكياس الدم بالمستشفيات، ولا توجد أي فصيلة دم بها نقص, وأن كل ما نشر في هذا الشأن عارٍ تمامًا عن الصحة؛ بسبب حرص وزارة الصحة الدائم على حماية المريض وضبط سوق الدواء من أي تجاوزات، سواء المتعلقة بعمليات تهريب أو غش أو تخزين للأدوية بأماكن غير مرخصة بعيدًا عن أعين التفتيش الصيدلي، حيث يتم تتبع هذه الأماكن بالتعاون مع الجهات الرقابية المختلفة للسيطرة على السوق. وهكذا اختصرت الحكومة الأزمة في تصريحات براقة، وتحول دورها إلى كلام نظري عما ينبغي أن تقوم به، ولا علاقة له بالواقع العملي.