مر عام تقريبًا علي بدء جائحة كورونا في مصر، عشنا جميعًا خلاله أوقاتا عصيبةً، ما بين الحجر المنزلي، وتخفيف العمالة، وإغلاق المنشآت، ومنع بعض النشاطات، والتباعد الاجتماعي، وغيرها من الإجراءات الاحترازية، فضلاً عن التوتر والقلق، وألم فقدان أعزاء رحلوا عن الحياة، بالإضافة إلي الجدل حول جدوي اللقاح. واستمرت الحياة رغمًا عن المحنة، وبعد الإجراءات الصارمة المطبقة في بداية الأزمة، عادت الحياة تدريجيًا لمسارها المعتاد، واكتسب المواطن خبرات جديدة، ووعيًا مختلفًا، فأدرك أهمية التباعد الاجتماعي، وضرورة الالتزام بسبل الوقاية ومنها الكمامات والمطهرات، وبات الوعي الصحي هو خط الدفاع الأول من أجل مكافحة كورونا، وقد لعب الإعلام منذ بداية الجائحة دورًا توعويًا لا يمكن تجاهله، ولكن.. . منذ أيام قليلة، ظهر إعلامي شهير يقدم برنامجًا يوميًّا- كبديل مؤقت لمقدم البرنامج الأصلي الخاضع حاليًا للعلاج لإصابته بكورونا- وعلامات المرض بادية علي وجهه، وصوته- شفاه الله وعافاه- فتساءل المشاهدون فورًا، هل ظفر المرض بإعلامي آخر؟ وبعد دقائق، جاءت الإجابة علي لسان الإعلامي ذاته، ليؤكد مرضه ب(دور برد عادي) لم يفقده حاستي الشم والتذوق!! وفكرت، هل هذا الموقف يعد التزامًا من الإعلامي بواجبه المهني؟ أم أنه استهتار بواجبه المجتمعي؟! إن تشابه الأعراض الأولية لكل من كورونا والإنفلونزا المعتادة صار معلومة معروفة لكل الناس، و(إذا شعرت بأعراض، اعزل نفسك احترازيًا) باتت نصيحة متداولة حتي بين البسطاء الأقل وعيًا وتعليمًا، فكيف لإعلامي مستنير يتابعه ملايين المشاهدين، ومنوط به التأثير فيهم، أن يضرب عرض الحائط بالإجراء الواجب اتباعه، ويطل عبر شاشة التليفزيون المصري بكل أريحية، وهو يسخر من الوباء؟! ألم يخطر بباله أن يكون بالفعل مصابًا، وحاملاً وناقلا للفيروس؟! لم يمر يومان حتي صادفت مشهدًا من جلسة للبرلمان، والكادر الشامل يوضح بما لا يقبل الشك أن ارتداء الكمامة ليس وجوبيًّا داخل القاعة، ومع اقتراب الكاميرا من المتحدث، ظهر علي الشاشة 6 أعضاء بخلافه، والجميع بدون كمامات باستثناء عضوة واحدة!! إن المشهدين تعبير دقيق للعبارة الدارجة (سلم لي علي كورونا)!! فكيف يمكن إقناع المواطن العادي البسيط بالالتزام واتباع الإجراءات الصحية الوقائية وهو يشاهد في الوقت ذاته من يفترض بهم توعيته، وتوجيهه لا يراعون أبسط الاحترازات!!