قال الشيخ «صفوت محمد عمارة» من علماء الأزهر الشريف، أن الإحتفال بذكري معجزة الإسراء والمعراج أمر مشروع ومستحب، فرحًا بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم، وتعظيمًا لجنابه الشريف، فلقد كانت رحلتي الإسراء والمعراج من أجل المعجزات، وأعظم الآيات التي كرَّم الله بها نبيه محمدًا صلي الله عليه وسلم، حيث جاءت بعد أن تعرَّض لكثير من المحن والابتلاءات، فلقد حاصرت قريش المسلمين حصارًا خانقًا لمدة ثلاث سنوات، حتي أنهم لجؤوا إلي أكل ورق الشجر، ثم توفي عمه أبو طالب، الذي صدَّ عنه كل أذي، وتُوفيت زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها، فلقِّب هذا العام بعام الحزن، وعندما ذهب الرسول صلي الله عليه وسلم، إلي الطائف ليدعوهم إلي الإسلام، تعرض إلي أذي شديد، فأتي ظل شجرة، فصلي ركعتين ثم ناجي ربه وقال: «اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني علي الناس، يا أرحم الراحمين! أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلي من تكلني؟ إلي بعيد يتجهمني؟ أم إلي قريب ملّكته أمري؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا و الآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل عليّ سخطك لك العتبي حتي ترضي ولا حول ولا قوة إلي بك»، فجاءت المنحة الإلهية، والنفحة الربانية، التي تمثلت في رحلتي الإسراء والمعراج. وتابع «صفوت عمارة» أن الدروس والعبر من الإسراء والمعراج كثيرة وعظيمة، ففي كل موقف درس وفي كل كلمة من رسول الله قصة وعبرة، ومن أهم الدروس المستفادة من هذه الرحلة العظيمة: 1- تُعد رحلتي الإسراء والمعراج معجزة من أجل المعجزات، وآية من أعظم الآيات، تكريمًا وتأييدًا وتثبيتًا للنبي محمدًا صلي الله عليه وسلم في دعوته، واختبارًا وتمحيصًا لضعاف الإيمان. 2- من قلب المحن كانت المنح من الله تثبيتا لقلبه صلي الله عليه وسلم، الذي أكد أن بعد العسر يسرا وأن النور حتمًا يأتي بعد الظلام. 3- معجزة الإسراء والمعراج بينت أن مقام العبودية هو من أعلي المقامات، حيث تكسب المرء وقارًا وهيبة، وتجعل له في قلوب الناس قبولًا ومحبة، وقال العلماء في قوله تعالي "بعبده" لو كان للنبي صلي الله عليه وسلم اسم أشرف منه لسماه به في تلك الحالة العلية ففي عبادة الله عز وجل شرف الدنيا وفوز الآخرة. 4- أن الإسلام دين الفطرة فقد عرض اللبن والخمر علي النبي فشرب اللبن، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليلة أُسري بي، أُتيت بقدحين: قَدح لبنٍ، وقدح خمرٍ، فنظرت إليهما، فأخذت اللبن، فقال جبريل: الحمد لله الذي هداكَ للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك» [صحيح البخاري ومسلم]. 5- أن الصلوات الخمس شرعت في ليلة الإسراء، وشرعها الله لتكون معراجًا يرقي بالناس كلما ضعفت نفوسهم، فالصلاة صلة بين العبد وربه، وتنهاه عن الفحشاء والمنكر. 6- صلاة النبي صلي الله عليه وسلم بالأنبياء إمامًا، تدل علي وحدة الأنبياء في دعوتهم، فالكل جاء بالتوحيد الخالص من عند الله تعالي، ونلمح أواصر القربي بينهم عندما بادلوا النبي التحيات والدعوات قائلين «مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح»، وأَيضًا تدل علي أن النبوة والرسالة قد انقطعت فلا نبوة ولا رسالة بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم. 7- مكانة المسجد الأقصي في قلوب المسلمين فهو من تشد إليه الرحال وهو قبلة المسلمين الاولي، وفي معراجه رأي رسول الله صلي الله عليه وسلم من آيات ربه الكبري - فاللهم ارزقنا صلاةً في المسجد الحرام، وارزقنا سجدةً في المسجد الأقصي المبارك.