أعلن الإليزيه في بيان نشر علي موقعه الرسمي أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعترف الليلة الماضية بأنّ المحامي والزعيم الوطني الجزائري علي بومنجل "تعرّض للتعذيب والقتل" علي أيدي الجيش الفرنسي خلال الحرب الجزائرية في 1957 ولم ينتحر كما حاولت باريس التغطية علي الجريمة في حينه. وذكرت الرئاسة الفرنسية في بيان إنّ ماكرون أدلي بنفسه بهذا الاعتراف "باسم فرنسا" وأمام أحفاد بومنجل الذين استقبلهم، وذلك في إطار مبادرات أوصي بها المؤرّخ بنجامان ستورا في تقريره حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر التي وضعت أوزارها في 1962 وما زالت حلقة مؤلمة للغاية في ذاكرة عائلات ملايين من الفرنسيين والجزائريين. وأضاف البيان أنّ بومنجل "اعتقله الجيش الفرنسي في خضمّ معركة الجزائر ووُضع في الحبس الانفرادي وتعرّض للتعذيب ثم قُتل في 23 مارس 1957". وتابع الإليزيه في بيانه أنّه في العام 2000 "اعترف بول أوساريس (الرئيس السابق للاستخبارات الفرنسية في الجزائر العاصمة) بنفسه بأنه أمر أحد مرؤوسيه بقتله وإخفاء الجريمة علي أنّها انتحار". ووفقاً للبيان فإن "رئيس الجمهورية استقبل اليوم في قصر الإليزيه أربعة من أحفاد علي بومنجل ليخبرهم، باسم فرنسا، بما كانت (أرملة الراحل) مليكة بومنجل تودّ أن تسمعه: علي بومنجل لم ينتحر، لقد تعرّض للتعذيب ثم قُتل". ولفت البيان إلي أنّ ماكرون "أبلغهم أيضاً باستعداده لمواصلة العمل الذي بدأ منذ سنوات عديدة لجمع الشهادات وتشجيع عمل المؤرّخين من خلال فتح الأرشيف، من أجل إعطاء عائلات جميع المفقودين علي ضفّتي البحر الأبيض المتوسّط الوسائل لمعرفة الحقيقة". وشدّد الرئيس الفرنسي في البيان علي أنّ هذه المبادرة "ليست عملاً منعزلاً"، مؤكّداً أنّه "لا يمكن التسامح أو التغطية علي أيّ جريمة أو فظاعة ارتكبها أيّ كان خلال الحرب الجزائرية". ووعد ماكرون في البيان بأنّ "هذا العمل سيتوسّع ويتعمّق خلال الأشهر المقبلة، حتّي نتمكّن من المضيّ قدماً نحو التهدئة والمصالحة"، داعياً إلي "النظر إلي التاريخ في وجهه، والاعتراف بحقيقة الوقائع" من أجل "مصالحة الذاكرة". وكان بومنجل ناشطاً سياسياً ومحامياً مشهوراً وعضواً في حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري الذي أسّسه في 1946 فرحات عباس (أول رئيس للحكومة الموقتة للجمهورية الجزائرية) وبذلك أصبح مدافعاً عن المناضلين الجزائريين متّبعاً خطي شقيقه الأكبر أحمد، وهو محام بدوره. واعتقل بومنجل خلال "معركة الجزائر" العاصمة بين يناير وأكتوبر 1957 بعد تدخّل القوات الخاصة للجيش الاستعماري لوقف هجمات جبهة التحرير الوطني. وكانت ابنة أخ علي بومنجل، فضيلة بومنجل شيتور، أستاذة الطب والناشطة في مجال حقوق الإنسان، ندّدت الشهر الماضي بمحاولة باريس التغطية علي جريمة قتل عمّها، واصفة ما جري ب"كذب الدولة (الفرنسية) الهدّام".