كلما مررت بجوارهم ينتابك شعور غريب بالطاقة الروحانية عندما ترى ذلك الكائن الصغير الذى يعيش كل حياته فى عمل دؤؤب لا ينتهى منذ ظهوره على الحياة إلى أن تنتهى حياته فى الخلية التى تحمل اسم " النحل " أو جيش مصر الأصفر الذى أختصه رب البشر بسورة بأسمه فى القران تحكى عن تلك الحشرة الصغيرة النافعة التى يخرج من بطونها " طعام فيه شفاء للناس " فى حديقة الأورمان التاريخية بالجيزة كان مهرجانهم الثانى الذى ألتقينا فيه نماذج خلقت لنفسها مجالا للعمل ومن الهوايات فرصة للربح و مناحل تقوم عليها سيدات " بميت راجل " وأفكار وأبداعات وأحصاءات عن العسل فى ظل جائحة كورونا التى اعتبرها خبراء العسل " منحة " علينا أن نستغل نتائجها لتنمية صناعة متميزة لها تاريخ طويل فى مصر مهرجان العسل الذى شهدته حديقة الأورمان منذ الأربعاء الماضى وانتهت فاعلياته أمس الأحد ضم 100 عارض من مختلف أنحاء مصر ومن عدة دول عربية بمشاركة وزارة الزراعة ومراكز البحوث تحت شعار «جيش مصر الأصفر» بهدف تسليط الضوء على الدور الفعال الذي يقوم به نحل العسل لصالح البشرية من خلال إنتاجهم للعسل كواحد من أهم معززات المناعة وكذلك التعريف بالطرق السليمة لحماية النحل والتعامل معه المهندس فؤاد بدران أحد أهم النحالين على المستوى المصرى والعربى والذى يحمل على عاتقة مهمة تدريب الشباب ومحاولة الحفاظ على المهنة أكد أن الظروف التى مررنا بها وجائحة كورونا كانت بفضل الله " لها تأثير إيجابى حيث نشطت من مبيعات العسل على المستوى المحلى حيث أقبل المستهلك على شراء العسل خاصة " الموالح وحبة البركة " لدرجة أن المخزون كله نفذ من المناحل وعلى مستوى التصدير ارتفعت صادراتنا من العسل خلال الربع الأول من عام 2020 إلى 12 ألف طن بإجمالي 150 مليون دولار. وهو أمر جيد بحسب فاروق بدران عضو اتحاد النحالين العرب لأن مصر تعد من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للعسل في الوطن العربى حيث يصل حجم الإنتاج ما بين (30 إلى 35 ألف طن سنويًا) بصادرات تصل إلى 550 مليون دولار". وهى مكانة تستحقها مصر التى تمتلك ما يقرب من 2 مليون خلية نحل وتقوم بتصدير أكثر من مليون طرد نحل سنويا ونأمل فى زيادة أرقام الأنتاج والتصدير بالتعاون مع الجهات الحكومية وإتحاد النحالين العرب وتطوير قطاع الانتاج والبحث العلمى فى مجال النحل وقال فتحى بحيرى رئيس اتحاد النحالين العرب أن كل دول العالم لديها يوم مخصص للحتفال بالنحل وقد خصصت الأممالمتحدة منذ عامين يوم مخصص للنحل واعتمدته رسميا وهو ما شجعنا على أن ننظم منذالعام الماضى مهرجانا سنويا للعسل يلتقى فيها النحالة والعلماء والجهات المسئولة وتكوةن فرصة للمواطن ليقترب أكثر من عالم النحل ويعرف الكثير عن ىأهمية العسل ومنتجاته المتنوعة ويرى سامح عسلاوى أن المهرجان يفتح أسواقا جديدة للمنتجين بجانب جذب السياح والمهتمين بصناعة نحل العسل من الدول العربية والافريقية ومختلف دول العالم. جولة العسل الحديث مع رواد المجال يكون مرتبط بالأرقام والتصدير أما الحديث مع نحالات العسل فلابد أن يكون له طعم مختلف فالنحالة السيدة لها حكايات خاصة مع النحل كما تقول فيفى سامى نسيم التى يلقبها النحالة بأميرة العسل والتى ورثت المهنة أبا عن جد ففى بيتهم بالسنبلاوين دقهلية تجد خلايا الطين التى ورثوها عن الأجداد وتعلموا منهم كيف تكون النحلة أوفى وأنفع صديق . كانت فيفى قبل 18 عاما ربة منزل تهتم بتربية بناتها الأربع أميرة ومارينا ومارى ونانسى وكان زوجها المدرس هو المسئول عن تربية النحل فى مناحلهم الخاصة ولكن وفاة الزوج ومسئولية البنات جعلت أم أميرة تترك كلام كل من حولها وتركز فى شىء واحد هو تربية البنات وأستكمال مشروع زوجها والعودة لمهنة الأباء والأجداد ومن النحل وبيع العسل تعلمت البنات وأصبحن فى أرقى المناصب لكن عشقهن للنحل والعسل جعل كل واحدة منهن ومعها زوجها يتابع النحل ويحمل مع أم أميرة المسئولية التى جعلت لها مكانة فى سوق العسل حيث تقوم بتوريد عسلها المميز لأشهر الشركات لأنها تعلم جيدا سر الصنعة والأمانة فى متابعة تفاصيلها تضيف أم أميرة لدي خلايا فى المنصورة لرحيق نوارة البرسيم وفى البحيرة لعسل الموالح وفى بنى سويف وفى مرسي مطروح حيث نقوم بتأجير مساحة من الأرض لوضع الخلايا فى موسم الرحيق منحل بيتى أما النحالة الأخرى فكانت مدام حنان العسقلانى والتى جاءت من المنيا لتشارك لأول مرة فى المهرجان وتبيع منتجها من عسل النحل الذى تتعامل معه بطريقة خاصة تخلق بينهم نوع من التناغم والمودة تقول حنان أعمل مدرسة لغة فرنسية وأتخذت النحل هواية منذ صغرى حيث كان والدى يعشق النحل ويقوم بتربيته فى منزلنا وكنت فى بداية تعاملى مع النحل أخاف منه لكن بمرور الوقت أصبحت أعشق الأوقات التى أقضيها مع النحل فقمت بعمل منحل فوق سطح منزلى وبعد فترة بدأ عدد الخلايا يزيد وبدأت فى توزيع أنتاجى على أصدقائى الذين شجعونى على ممارسة بيع العسل لأنى لا أدخل له السكر نهائيا ولا أقوم بفصل منتجاته بل يكون العسل كما هو " بخيره " وشمعه وصمغه وأصبحت بعد سبع سنوات أمتلك منحل يخرج لى أنتاج متميز يشاركنى في العناية به أولادى مع الاستعانة ببعض عمال المناحل للتنظيف والفرز حنان تقول " مبسوطة بالتجربة " والبيع وقمت بحجز مكان فى المعرض ووجدت إقبال كبير من الزوار لأنهم عندما يذوقون العسل الذى أنتجه يدركون أختلافه لأنه كما يقولون لى " عسل هاند ميد " التنفس بخلايا النحل النحل ليس فقط " عسل وشمع " لكن له إستخدامات متعددة جعلت العلماء يفكرون فى استخدام الخلايا بطرق مختلفة خاصة عندما حدثت جائحة كورونا كما يقول الدكتور أحمد جعفر أستاذ المناعة بالمركز القومى للبحوث فالنحل من المخلوقات التى ميزها الله بمنتجات كلها تخرج من بطن النحله فالشمع الذى يغطى الخلية له دور قوى فى مواجهة الأمراض وكذلك العسل والصمغ وحتى لدغة النحل فيها شفاء من الأمراض وعن مبادرة استخدام خلايا النحل فى تحسين الاستنشاق لدى مرضى الربو والجهاز التنفسى يحكى الدكتور أيمن غنية أستاذ النحل بمركز البحوث الزراعية عن قيام مجموعة الباحثين بالمركز بالعمل على متابعة التجارب العالمية ومنها جهاز استنشاق خلايا النحل الذى يستفيد من الخلية بكل ما فيها من حبوب اللقاح والبروبوليس وعمل مبادرة على مستوى الجمهورية لنشرها فى مراكز الأمراض الصدرية ولدى كل من يريد تحسين التنفس له وللمخنين وغيرهم وهى فكرة موجودة فى أوريا وعدد من الدول ونسعى لتطبيقها فى مصر لتوفير جهاز " لتحسين التنفس " من خلايا النحل بسعر بسيط تطوير مهنة العسل كيف نطور مهنة النحالة فى مصر سؤال كان يجب أن نتوجه به للمهندس إبراهيم ماضى رئيس جمعية مربى النحل بالغربية وأمين عام إتحاد النحالين العرب والذى يشرح لنا بعض تفاصيل أستراتيجية النحل التى يسعى مجتمع النحالة لتطبيقها والتى تعتمد على تعاون المسئولين والمستهلكين والنحالين وهى ثلاثة محاور رئيسية تكتمل بالتشريعات التى تشجع على زيادة الأنتاج وتحسين أجواء المنافسة داخل وخارج مصر يقول ماضى أن التفكير فى الاستراتيجية بدأ منذ عام 1998 بعد تعرض النحل لأسوأ فترة فى حياته وموت أعداد كبيرة منه بعد قرار إلغاء الدورة الزراعية عام 1996 حيث دمرت أعداد كبيرة من الخلايا وهجر النحالون المهرة المهنة " وللأسف " هذا هو الجزء الذى لم يعوض حتى الان فى السوق ونسعى بزيادة التدريب لتعويضه وبدأنا العمل على تعظيم الاستفادة من منتجات خلايا النحل حيث كان الانتاج فى البداية يهتم فقط بإنتاج العسل ولكن مع التجربة والتدريب تعلم النحال كيف يستفيد من المنتجات الأخرى مثل " البروبوليس والشمع وحبوب اللقاح وغيرها من المنتجات التى رفعت مكسب النحال من 10 جنيه إلى 150 جنيه ولكن بقيت المشكلة قائمة مع تفتيت المساحات الزراعية وزيادة إستخدام المبيدات والتلوث البيئى وغيرها من العوامل التى سببت خسائر كبيرة لقطاع النحل حتى عام 2000 ولكن مع زيادة التدريب بدأ النحالة يخرجون لأماكن بعيدة وبدأت جمعيات النحالة بالتعاون مع العلماء والخبراء فى المجال فى محاولة حل المشكلات خاصة مع السماح بخروج النحل من الدلتا والوادى إلى الساحل الشمالى والصحراء ووضعنا أول خلية نحل فى محمية " العميد " بالساحل الشمالى منذ عام 2000 حيث بدأنا فى ترويج المنتجات وتم عقد أول مؤتمر دولى للنحل عام 2003وحددنا فيه أسس تنمية صناعة النحل والارتفاع بمستوى المنتجات وبدأت تنتشر فكرة الطب البديل والاستشفاء بالنحل ومنتجاته وأصبح النحالون فى مصر هم نواة أهم سوق عربية مشتركة متماسكة بالفعل ومتعاونة وتسعى لمواجهة الغول الصينى الذى يسعى للسيطرة على السوق العالمى وهو بالفعل سوق جبار وانتاجه ضخم مشكلات مشكلات عددية تواجه الجيش الأصفر لو نجحنا فى مواجتها يمكننا أن نحقق طفرة فى انتاج عسل النحل والخلايا وهو ما اتفق عليه الكقير من خبراء النحل حيث أجمعوا على أن تنظيم القطاع هو أول خطوة مطلوبة وأقترحوا أن يتم ذلك عن طريق الجمعيات الزراعية وأن يكون النحال عضو جمعية عمومية فى الجمعية الزراعية " والقانون ينص على ذلك " وبهذه الطريقة يمكننا حصر النحالين وعددهم الفعلى فى مصر ومحاسبة من يخرج عن القواعد التى تحكم العمل وبالتالى نمنع الغش ولكن للأسف وكما يشكو النحالون تقدمنا للدولة بهذا المقترح فتم ادخال النحال تحت بند " الأنتاج الداجنى " ومع ذلك رفض المسئولون عن الانتاج الداجنى ضم النحالة وإقترحوا عمل تصاريح فقط ممارسة مهنة تربية النحل" لتظل تلك المهنة حائرة مثل النحلة الشغالة التى تعمل لتفيد الجميع وعندما نمتص رحيقها تموت بعد أن تشبعنا من العسل