نتفق جميعا ان تركيا تريد التأكيد على أنها قوة عظمى في المتوسط وربما يعتقد الكثيرين أنه صراع على الغاز في المتوسط بين تركيا من جهة، واليونان وقبرص و حلفاء آخرين لهما من جهة أخرى ، لكن النزاع الظاهر يخفي وراءه أهدافا أخرى خبيثة لأنقرة ، و تظهر من خلال "فرد عضلاتها" عسكريا في مياه المتوسط على نحو غير مسبوق وغير مقبول أيضا . ويبدو ان "هدف الغاز" بات واضحا للجميع، أما ما يختفي خلفه فهو أن " أردوغان " هذا الأهوج المتغطرس ، مازال يختبر قوة بلاده العسكرية البحرية في المتوسط، للتأكيد على قدرة أنقرة على حماية مصالحها، وأنها قوة إقليمية لا يمكن أن يستهان بها في مجال الدفاع البحري . لكن الحظ السيىء لتركيا، وهي تستعرض عضلاتها الوهنه في عرض المتوسط، تصطدم مرة أخرى مع أعدائها التاريخيين في الغرب، الأمر الذي قد يجعل طموحها في بناء قوة عسكرية بحرية في المنطقة في قلب العاصفة . ويكشف نمو قدرات البحرية التركية في الآونة الأخيرة عن حجم الطموح التوسعي لدى أردوغان، الذي يسعى دوما للتأكيد على أن أنقرة بإمكانها مجابهة أوروبا وروسيا والولايات المتحدة، علما أن لديها قوات أو نفوذ عسكري في عدد كبير من بلاد المنطقة. ويستند هذا الأردوغان في استعراض قوة تركيا البحرية في البحر المتوسط إلى عدد من السفن الحربية والغواصات والفرقاطات وحاملات الطائرات الخفيفة محلية الصنع. وقد أدى نشر تركيا لبعض هذه القطع مؤخرا، إلى إثارة القلق لدى الدول الساحلية، الأمر الذي أشعل نذر مواجهة حقيقية في البحر المتوسط، في ظل وجود أكثر من قوة تتشارك الساحل نفسه. وقد أكد عدد من الخبراء المتخصصين في إدارة شؤون الأمن القومي البحري ، إن "تركيا تريد أن تثبت أنها القوة الأكبر في شرق المتوسط، وإنه يجب التعامل معها على هذا النحو" الأمر الذى لا تتقبله معظم دول العالم كما تركيا ترى نفسها محاطة بمنافسين وخصوم كثيرين ما جعلها تستخدم القوة لتأكيد نفسها أمام العالم وانها تستطيع ذلك " فضلا عن النشاط الذي تشهده أحواض بناء السفن الحربية التركية الذى يعد جزءا من توسع أكبر في صناعة الأسلحة المحلية، ويشمل ذلك المروحيات الهجومية والطائرات بدون طيار". حيث أن الهدف من ذلك هو "الحصول على ما يسميه المسؤولون الأتراك الإستقلال الاستراتيجي عن الغرب، الذي أصبحت تنظر إليه أنقرة على أنه منافس لا شريك، على الأقل في مجال استيراد الأسلحة". الأمر الذى أوهم أردوغان بتحديد هدفا بحلول عام 2023، الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية، لكي تتمكن تركيا من تصنيع جميع أسلحتها الخاصة بنفسها. لكن هناك شكوكا في تحقيق هذا الهدف الزائف في ظل الوضع الاقتصادي المضطرب والمنهار لتركيا ، الأمر الذي يشكل عائقا كبيرا في الحفاظ على طموحات المدعو "أردوغان" والحلم الزائف بالظهور كقوة عظمى . ويبد ان فى سياق مواجهة السياسات التركية المستفزة فى المنطقة توالت الانتقادات الدولية لسياسات تركيا حيث شنت عدد من دول العالم خلال اجتماع الجمعية العامة للأمن المتحدة حربا ضروس على تركيا وسياستها ، حيث أشارت فرنسا ، إلى أن التدخلات الأجنبية في ليبيا فاقمت الأزمة وطالب تركيا بضرورة احترام حظر السلاح وتوضيح تصرفاتها هناك ، ينما قال رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، إن التحركات التركية تهدد الأمن في المنطقة وأنها تخالف القانون الدولي في المتوسط ولذا فإن اللجوء إلى المحكمة الدولية من بين الخيارات. أما الرئيس القبرصي، نيكوس أناستاسيادس، فقد اتهم تركيا بأنها استولت على حقوق قبرص في شرق المتوسط وأن انقسام قبرص سببه تعنت تركيا، داعيا إلى تطبيق القانون الدولي. وفى نفس السياق اتهم وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، تركيا بأنها أحد الرعاة الرئيسيين للإرهاب في بلاده والمنطقة، واتهمها بارتكاب جريمة ضد الإنسانية لقطعها المياه عن عشرات المدن، واصفا إياها بالدولة المارقة والخارجة عن القانون. أما سفير إسرائيل لدى الأممالمتحدة، غلعاد أردان، فقد قدم شكوى رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة في مضمونها أن أردوغان ينتهج سياسة الازدواجية وينشر التحريض والتعابير المعادية للسامية. وأخيرا رفض مندوب الهند في الأممالمتحدة التدخلات التركية في شؤونها الداخلية وتحديدا في إقليم جامو وكشمير واصفا ذلك بغير مقبول ومطالبا أنقرة أن تتعلم احترام سيادة الدول. بينما عزز الباحث السياسي التركي غوك على أقوال قادة الدول قائلا: "سياسات تركيا أتت بالعزل لتركيا في المنطقة، وبالنتيجة فشل السياسة الخارجية بات واضح جدا. وأكد غوك أن "تركيا تدخلت في شؤون الدول العربية، ووقفت أمام العرب في القضايا العربية، بدءا من سوريا إلى ليبيا، فتبدأ الأزمات بالظهور واحدة تلو الأخرى". وبهذا تكون تركيا قد استقطبت سيلا عارما من الانتقادات بسبب سياستها وانتهاكاتها في عدد من دول المنطقة ولتمسكها بحقها غير الشرعي للتنقيب عن النفط والغاز في المتوسط