جاءت مبادرة إعلان القاهرة من أجل إحلال الأمن والسلام ووقف الاقتتال بين الأطراف المتصارعة في ليبيا، تلك المبادرة التي أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالقاهرة يوم السبت الموافق السادس من يونيو الجاري خلال مؤتمر صحفي حضره كل من المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، والسيد عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي، لتعلن المبادرة لكافة الدول الإقليمية والدولية أن مصر عبر تاريخها كانت دولة داعية للسلام وإحقاق الحق والوقوف مع الدول في محنها وأزماتها ومساندة حقوقها المشروعة، دون مطمع أو نفوذ أو تدخل في شئون الدول، أو عاملة على نشر الفتن والمؤامرات والطمع في حقوق وثروات الآخرين، راعية لحق الجار والجوار ومازالت الأمالحنون والقلب النابض لكافة قضايا الأمة العربية والأفريقية وغيرها من الدول، أبية قوية وجسورة وقادرة على التصدي والوقوف في وجه كل ظالم ومعتدٍ على حقوقها وحقوق أمتها العربية. وتأتي تلك المبادرة برسالتها السمحة وقيمها وبنودها الثماني الراقية كدعوة مخلصة وبمشاعر عربية وطنية صادقة للعمل على وقف الاقتتال بين الأطراف الليبية المتقاتلة وللعمل على إنهاء الصراع من خلال الحل السياسي واستعادة المفاوضات من أجل عودة الأمن والاستقرار لدولة ليبيا الشقيقة؛ ولحفظ دماء وكرامة شعبها، ولقطع الطريق على الغزاة والإرهابيين الطامعين في ثروات ليبيا وإضاعة هيبتها وعروبتها من خلال هذا المشروع الإخوانيالأردوغاني الشيطاني الذي يستهدف بلداننا العربية والسيطرة على مقدراتها وسفك الدماء بها والتنكيل بأبنائها دون مراعاة للقيم والأعراف الدولية. ولقد لاقت تلك المبادرة ترحيبا عربيا ودوليا منقطع النظير، فقد أيدها المشير خليفة حفتر، والسيد عقيلة صالح كما أيدتها القبائل والعشائر الليبية وحكماؤها الذين دعوا مصر لمساندة ليبيا وتخليصها من مكائد المخطط التركي الذي يستهدف غزو واحتلال وسرقة ثروات ليبيا كما حدث في شمال سوريا، كما أيدتها وبقوة دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين والأردن، كما لاقت ترحيبا ودعما من جامعة الدول العربية على لسان رئيسها السيد أحمد أبو الغيط الذي ثمن غاليا تلك المبادرة، وأيضا على لسان الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام ذكي الذي أمل في موافقة حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، وعلى المستوى الغربي رحبت السفارة الروسية بالقاهرة ووزارة الخارجية الروسية بالمبادرة واعتبرتها مرجعية قوية يمكن الاعتماد عليها بكافة بنودها الثمانية لحل الأزمة الليبية، وهو الأمر الذي أكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إثر اتصال هاتفي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أشار خلاله إلى تماشي المبادرة مع الأهداف الدولية ومخرجات برلين، ولقاء موسكو، وقمة أبوظبي وغيرها من الجهود الدولية والتوصيات الأممية السابقة، كما رحبت وزارة الخارجية الفرنسية من خلال جان إيف لودريان وزير الخارجية عبر اتصال هاتفي مع وزير الخارجية المصري سامح شكري مؤكدا له تأييد فرنسا لتلك المبادرة ومؤكدا دعم باريس لاستئناف العملية السياسية في ليبيا، ولوقف إطلاق النار بين الأطراف المتصارعة، كما وجدت المبادرة المصرية ترحيبا من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فعبر اتصال هاتفي للرئيس السيسي أعربت المستشارة ميركل يوم الاثنين الماضي الموافق للثامن من شهر يونيو الجاري ترحيبها ودعمها للمبادرة، واعتبرت إعلان القاهرة بمثابة امتداد لمسار مؤتمر برلين الذي أجري خلال شهر يناير الماضي 2020، مع إضافة عناصر وأبعاد جديدة هامة في تلك المبادرة، ومشيدة بالجهود المصرية البناءة لتسوية الأزمة الليبية، وفي ليبيا أكدت السفارة الأمريكية تأييدها للمبادرة المصرية وهو الأمر الذي أكدته وزارة الخارجية الأمريكية التي أثنت على المبادرة وعلى الجهود المصرية الخلاقة لحل الأزمة الليبية عبر مسار سياسي، وهو ما أشاد به أيضا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال اتصال هاتف مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعرب له عن ترحيبه بالجهود المصرية لتحقيق التسوية السياسية الليبية وحلها عبر الحوار والطرق السلمية ودعم وقف إطلاق النار، كما أشاد الرئيس ترامب بجهود الرئيس السيسي لدفع المصالحة السياسية في ليبيا وبحث سبل استئناف محادثات الأممالمتحدة لوقف إطلاق النار، والعمل على رحيل القوات التركية والمرتزقة إلى حيث أتتوا. وبالرغم من أن المبادرة لاقت ترحيبا عربيا ودوليا كبيرا، وبالرغم من أنها كشفت مساعي مصر من أجل إحلال السلام في ليبيا وليس الدفع للحرب والانحياز لطرف كما يروج البعض، فإن قوى الشر والخيانة في ليبيا وبمساندة ضمنية من بعض الدول الإقليمية ذات الأفق الضيق والمصالح الشخصية ومع وجود خفافيش الظلام من الإرهابيين والمرتزقة والمصالح الشخصية ومع وجود القوات التركية الغاشمة يبدو أن كل تلك القوى مجتمعة وبعد المكاسب الأخيرة التي حققتها حكومة الوفاق بالمدن والمواقع الليبية لن تستجيب لمبادرة السلام المصرية مقابل المضي قدما في تحقيق المشروع الاستعماري التركي في ليبيا وذلك بعد أن أعلنت حكومة الوفاق رفضها للمبادرة والانخراط مع جبهة الشر متوهمة السيطرة على كل التراب الليبي وأخذ ليبيا مرة أخرى إلى الخراب والفوضى والإرهاب والمجهول ، ومع إمكانية حدوث هذا السيناريو البغيض فإن مصر قد قالت كلمتها بإخلاص تجاه الشقيقة ليبيا وسوف يسجل لها التاريخ ذلك.