أثار فيروس "كورونا" المستجد الهلع في العالم كله، ودفع عديداً من الدول لإعلان حالة الطوارئ واتخاذ خطوات استثنائية بإجراءات صارمة؛ لمنع انتشار الوباء. فيروس كوفيد 19، مع كل أزمة تصيب العالم، يعود النقاش مجددا حول طرق تعامل الحكومات والمجتمعات معها خصوصا في حالات الأوبئة. وهنا الحديث بالطبع عن جائحة فيروس كورونا التي أصابت العالم نلاحظ في الآونة الأخيرة انتشار مظاهر الخوف والتوتر الشديدين بين فئة كبيرة من الناس حول العالم، وذلك استجابةً لتفشّي وباء "الكورونا" عالميا (كوفيد 19)ً. وبالتزامن مع نزوع عديد من الدول إلى إجراء الحجر الصحي القسري وتركيز وسائل الإعلام بشكل كبير على هذا الوباء، نلاحظ انعكاسات جليّة على الجانب النفسي للإنسان. لكن الخطير في الموضوع، أن العديد يستسلم للتوتر والخوف دون أن يُدرك أنّه بهذا يعرّض نفسه لخطر مضاعف للإصابة بفيروس الكورونا. إذا ما عُدنا إلى ابن سينا، وخصوصاً في كتابه الشهير "الشفاء"، نلاحظ أنه من أوائل الذين ركزوا على أهمية الجانب النفسي وعلاقته بالجانب الفيسيولوجي لدى الإنسان، وهو أمرٌ أثبتته الدراسات الغربية لاحقاً بشكل تجريبي مخبري. يذكر ابن سينا أن "وباءاً ما كان ذاهباً إلى إحدى المدن، فشاهده رجل وسأله: إلى أين أنت ذاهب أيها الوباء؟، فردّ الوباء: أُمرتُ أن أذهب إلى هذه المدينة لأقتل ألفاً من أهلها. وعندما خرج الوباء من المدينة، شاهده الرجل، فقال له: ما أقساك!! لقد قتلتَ عشرين ألفاً من أهل المدينة. فردّ الوباء: أنا قتلتُ ألفاً فقط، أمّا الباقي فقد قتلهم الوهم. والصبر على البلاء أول خطوات الشفاء".واتباع الاجراءات الاحترازية هام جدا ففي بدايات ثمانينيات القرن الماضي، لاحظ العالمان جانكي جلاسر ورولاند جلاسر أن الطلاب الذين يتوترون في فترة الامتحانات النهائية، تقل لديهم المناعة الجسمية بشكل ملحوظ. ومنذ ذلك الحين توالت الدراسات في هذا المضمار خارجةً باستنتاجات تجريبية دامغة على العلاقة العكسية ما بين منسوب التوتر والخوف لدى الفرد وأداء جهازه المناعي بشكل عام. واليوم، هنالك فرع خاص ضمن علم النفس العصبي يُدعى (Psychoneuroimmunology) والذي يختص بدراسة العلاقة ما بين الجوانب النفس-عصبية وجهاز المناعة عند الإنسان. ومن جانب آخر، تُركّز دراسات أخرى على أن التوتر مرتبط بزيادة (الكورتيزول) والذي بدوره يؤدي إلى إضعاف الاستجابات المناعية في جسم الإنسان. أثناء فترات التوتر القصيرة، يساهم إفراز الكورتيزول في بعض العمليات الجسمية المفيدة، لكن المشكلة تظهر في فترات التوتر الطويلة، إذ أنّ زيادة منسوب الكورتيزول في الجسم لفترات ممتدّة يؤثر سلباً على عمل كل من (T-cells) وكريات الدم البيضاء، الأمر الذي ينعكس سلباً على مناعة الجسم بشكل عام. ومن هنا، فإن الدراسات تُثبت أنه إذا ما تعرّض جسم الإنسان إلى فيروسات مُعدية أثناء الشعور بالتوتر المُزمن، فإن الجسم لن يتمكن من محاربة الأجسام الدخيلة بسبب نقص الخلايا والإفرازات المسؤولة عن تنظيم الجهاز المناعي بشكل عام (Morey et al., 2015). و أختم ببعض التوصيات والإرشادات العامة التي قد نستفيد منها في هذه الفترة. فلا ريب بأن المشاهدة المكثّفة للأخبار بخصوص وباء الكورونا تتسبّب بنوبات من الهلع والتوتر لعديد من الأفراد. وبالتالي، يمكننا عموماً أن نقلّل من ساعات جلوسنا أمام التلفاز أو الوسائل الأخرى، وربّما من الأفضل أن نخصّص أوقات محددة في النهار لمتابعة الأخبار وليس على مدار اليوم. إضافة إلى ما سبق، -اغسل يديك، وارتدى القناع الواقى و من الواجب العناية بغسل اليدين جيدا وبشكل متكرر واتباع كافة التعليمات الصحية،من الممارسات من إجراءات وقائية. والمسافات الاجتماعية بين الأفراد وبعضها البعض من أجل الوقاية . - التواصل من خلال وسائل التواصل المختلفة المتاحة في وقتنا هذا.الانترنيت. -الحفاظ على نظام صحي متوازن من أجل المحافظة على توازن نفسي سليم أثناء هذه الأزمة، من المهم أيضاً الحفاظ على نظام صحي سليم، يتمثّل في الغذاء المتوازن قدر الإمكان، ممارسة النشاطات البدنية.