تقاطر قلبي حزناً وألماً اليوم ، وأحد الأصدقاء يطلبني هاتفياً و يسألني وهو يبكي هل رأيت ما حدث في المنصورة اليوم ؟ وقفت على الفور سائلاً ما الذي حدث ؟ قال لي من يموتون لأجلنا نرفض دفنهم ، قلت له من فضلك ما الموضوع ؟ قال طبيبة أصيبت بفيروس كورونا وتوفت وذهبت الأسعاف برفقة أهلها لدفنها بقريتها ،حيث اعترض عدد من أهالي قرية شبرا البهو فريك التابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية، على دفن جثمان طبيبة توفيت متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا داخل مقابر القرية، بعد أن وصلت بسيارة إسعاف قادمة من مستشفى العزل في الإسماعيلية، أغلق الرجل وهو يبكي وأصبت بالوجوم والذهول وتذكرت فوراً حديث أشرف من وطئت قدماه الأرض ،الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول (ومن أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه» . أهكذا نكافئ من قدم لنا معروفاً ؟ أهكذا نكافئ من وقفت لهم فرنسا وإيطاليا وأمريكا وبقية دول العالم تشريفا ًوتكريماً وإجلالاً لأعمالهم العظيمة في الوقوف ضد الموت، وصرنا نطلق عليهم الجيش الابيض ؟. أين أنتم من المصطفى صلى الله عيه وسلم عندما وقف لجنازة يهودي مرت عليه فتعجب الصحابة لصنيع نبيهم الكريم ، فقالوا إنها ليهودي يا رسول الله ، فرد عليهم المعصوم أوليست نفساً بشرية ، كان الصحابة يظنون أنه بعث رحمة بهم وبالمسلمين فقط ، لكن هاكم الرسول الأعظم خير ولد أدم يضرب المثل تلو المثل للبشرية جميعاً حاضرها وغائبها أن التكريم يجب أن ينال كل نفس على وجه الأرض حتى ولو كان حيوانا ، فيخبرنا المعصوم عليه الصلاة والسلام ان امرأة دخلت النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها ، وأخر دخل الجنة في كلب سقاه ، حتى الحيوانات لها حقوق . أين أنتم من قول أهل العلم أن الشخص الذي لا دين له ولا يُعرف أهله وتوفى، في أنه يجب على المسلمين دفنه ولا يُترك هكذا تكريما للنفس البشرية . نعم هم آثمون ومغيبون وهي الطبيبة التي فقدت حياتها من أجل مجتمع بأكمله . من قال لهم أن المتوفىَ ينقل المرض وقد اُتخذت معه جميع الاحتياطات ، لم يكن يوماً هذه طِباعُنا وليس هذا ديننا الذي تربينا عليه ، إن ملائكة الرحمة الذين يفقدون حياتهم كل يوم من أجلنا حريٌ بنا أن نقدرهم ونُجِلهم ونقوم على أمرهم ، حري بكم أن تتوبوا إلى الله تعالى من هذا الصنيع وقد أذيتم مشاعر عائلتها بل مشاعر المسلمين جميعاً . كنت أعتقد أن القرية وقفت بأكملها و شيعوا جنازة الطبيبة في مشهد مهيب يدل على تكريمهم وتقديرهم لها ،فلتتوبوا إلى بارئكم ولتعتذروا للطبيبة وأهلها