انصهرت قلوبنا في بوتقة عشق الوطن، وطربت أفئدتنا لكلمات وضاءة.. نقية.. متطهرة.. صاغتها مشاعر نبيلة، دفقت بها أحاسيس الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي، فلامست شغاف القلوب، وحدقات العيون، التي ذرفت دموع الفرح المفقود، والثقة الغائبة، خاصة، حين اقتحم 'السيسي' شعاب القلوب، وأوردتها، وضخ في 'شرايين القلق علي حال مصر' بعض ما يبعث النبض فيها، ويرسم لتعرجاتها طريقًا للأمل، ومخرجًا للحياة. هي واحدة من مناسبات مصر الوطنية.. احتفال أقامته جامعة المستقبل في ذكري 'عودة سيناء الغالية'.. والمكان 'مسرح الجلاء' التابع للقوات المسلحة المصرية.. والحضور، رجال أوفياء من أبناء جيش مصر العظيم، وطلبة الكليات العسكرية، يتقدمهم ابن مصر المخلص، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، أما الشهود، فكوكبة ممن يعشقون الوطن، ويتمرغون في ترابه.. ساسة، وإعلاميين، وعسكريين سابقين. لم تكن احتفالية وطنية، وحسب.. بل كانت درسًا في حب الوطن، وبرهانًا علي عشق مصر.. فحين شدا طلاب الجامعة بالأغاني والأناشيد التي تحض علي التمسك بحب مصر، كانوا يعبرون عن العشق الحقيقي لوطن تتقافز عليه 'الغربان الشاردة' و'البوم الجانحة'.. وحين تغني الفنانون والمطربون بأوبريت 'وطني حبيبي' الذي أبدع في تأليفه الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، كانت كل الكلمات تخاطب المعاني الدفينة في نفوس المصريين تجاه بلدهم، وتبرهن علي أن 'مصر الوطن' أبدًا لن يتغيب. وعند الختام.. وبعد نحو 4 ساعات كاملة من الاحتفال الوطني الكبير، تحدث القائد العسكري، والإنسان الوطني الأصيل 'الفريق أول عبد الفتاح السيسي'. لم يبحث عن 'نص مكتوب' أو يفتش عن كلمات منمقة.. بل أطلق لفؤاده، وعقله، العنان، ليطلق من الزفرات، ما يتلاقي مع مواجع كل المصريين. كم كان صادقًا، حين تجلت نبرات صوته، ردًا علي المصفقين، والمهللين لكلماته النابعة من القلب، حين قال 'أنا عايز زمايلي، وولادي يوجهوا التحية لمصر'.. وكم كانت كلماته ضاغطة علي أحاسيس المشاعر عند الحاضرين، حين راح يقدم 'تحية وفاء للجيش لرسالته الوطنية قائلاً: 'الجيش المصري، جيش وطني.. جيش شريف.. وطني.. قوي وصلب'.. معلقًا وسط التصفيق والهتاف 'وصلابته.. جاية من شرفه'. بمشاعر فياضة، وروح إيمانية تجلت في كلمات الفريق أول عبد الفتاح السيسي، واصل تعبيره عن جيش مصر العظيم، ورسالته النبيلة حين قال 'أنا مش عايز أقول إنه جيش جامد، وكبير، وقوي.. بس عاوز أقولكم.. متقلقوش أبدًا علي مصر'. وكأنه حطم حاجز القلق، ومشاعر الاضطراب علي مصر عند كل الحاضرين.. إذ انفجرت الدموع من المطربين والمشاركين.. فيما مضي هو، وسط خلجات نفسه المشبعة بعشق الوطن ليقول 'فرصة، وأنتم موجودين أقولكم حاجة.. المصريين لما أرادوا التغيير، غيروا الدنيا كلها.. عايز أقولكم لما جيش مصر نزل، نزل حماكم، وقعد 18 شهر.. إيده متمدتش علي مصري'. ووسط هتافات الحضور في القاعة 'الجيش والشعب إيد واحدة' والتي زلزلت بدويها 'مسرح الجلاء' استطرد القائد العام للقوات المسلحة قائلاً: 'خلوا بالكم من الكلام ده كويس.. أنا بأقوله، ودي فرصة إن الكلام ده بقوله لزمايلي الضباط الموجودين.. لكن في فرصة انكم موجودين كلكم.. علشان تبقوا عارفين.. إحنا إيدينا تتقطع قبل ما تمسكم'. هنا، قوبل كلام الفريق أول بعاصفة من التصفيق، والهتاف، ووقف الحاضرون تقديرًا لما ورد علي لسانه.. وفيما رانت لحظات من الصمت علي السيسي تأثرًا بالمشاعر والانفعالات التي تصاعدت في قاعة المسرح، واصل كلامه قائلاً: 'أنا من ثلاثة أسابيع، أقسمت قسم، وأرجو انكوا كلكم تكونوا سمعتوه، أنا عايز أقولكم، القسم ده أنا قلته بجد، علشان كل مصري قاعد في بيته يكون مطمن، ورغم كل الشوشرة الموجودة، يكون عارف إن ال18 شهر دول، كان في 150 ألف جندي في الشارع، 18 شهر، يعني حوالي 500 يوم.. إحنا كنا بنناضل.. بنناضل، وبنحارب علشان منأذيش أي مصري.. قعدنا ال18 شهر دول علشان مصر تفضل مصر'.. وفي رسالة ذات مغزي كرر وزير الدفاع مقولته 'وهتفضل مصر'. وبلغته الساحرة، والتي جعلت الجميع يصمت انتظارًا لكل شاردة، وواردة تصدر عنه قال السيسي: 'أنا مش عايز أقول كلام جميل زي اللي انتو قلتوه.. بصراحة.. نعم.. أنا عايز أقولكم خلي بالكم.. مصر محفوظة بالمصريين.. بالمصريين' وراح يردد للمرة الثالثة 'أيوه بالمصريين'.. ومضي يقول موجهًا كلامه للحضور جميعهم 'أيوه لازم تكونوا عارفين كده، واحنا جزء من المصريين'. وبلغه العاشق بصدق لوطنه، قال الفريق أول 'عايز أقولكم إن الضباط اللي انتوا شايفينهم دول، والطلبة اللي فوق دول، الدم اللي في عروقهم بيحب مصر'.. ثم صمت برهة وقال 'أيوه.. الدم اللي في عروقهم بيحب مصر'. في هذه اللحظات، انطلق صوت كابتن النادي الأهلي السابق مصطفي يونس من وسط القاعة مخاطبًا الفريق أول السيسي بالقول 'شهداء رفح.. مش عاوزين ننسي شهداء رفح؟'. وهنا، بادر السيسي بالرد الفوري: 'نحن لا ننسي.. ولن ننسي'. ومضي يخاطب الشباب المحتشدين بالقاعة من طلاب جامعة المستقبل: 'أنا هقول للشباب كلمة، علشان تبقوا لازم يكون عندكم أمل، وثقة كبيرة جدًا في بكرة.. وبكرة تشوفوا مصر.. هي أم الدنيا.. وهتبقي قد الدنيا'. كلمات مؤثرة، وبليغة، أطلقها ابن مصر الحر، وقائد جيشها العظيم الفريق أول عبد الفتاح السيسي، لينعش بها آمال كل الحالمين بعودة 'مصر أم الدنيا' لتتصدر من جديد 'كل الدنيا'.. وليزرع الثقة من جديد في نفوس كل الحياري، والعاشقين لتراب هذا الوطن الخالد 'خلود التاريخ'.