'في إطار برامجنا مع فلسطينيين وإسرائيليين، غرسنا زيتونًا في قرية شمال القدس، وكنا نشعر بالغضب الشديد عندما نسمع عن تسلل أحد الفلسطينيين عبر الحدود لمهاجمة الإسرائيليين.. '، إنه مبارك عوض، الفلسطيني الأصل 'والمولد'، الأمريكي الجنسية، مؤسس منظمة 'حركة اللاعنف الدولية' بمباركة وزارة الخارجية الأمريكية. ولمن لا يعرف فإن 'عوض' هو الشخص الأهم بين مجموعة المشاركين الدوليين في وضع 'دليل النضال اللاعنفي' علي مستوي العالم، الذي يري مراقبون أنه بمثابة الترجمة الواقعية لما يُعرف بمسودة مشروع 'الفوضي الخلاقة'. وبحسب المعلومات، يشارك 'عوض' الفريق الدولي الذي يتولي تدريب عناصر شبابية عربية علي تفكيك المؤسسات والثورة علي أنظمة الحكم في المنطقة، وفتح جبهات جديدة للاضطرابات الشعبية في مناطق أخري: الخليج، المغرب العربي –تحديدًا الجزائر- بحجة: مواجهة التضييق السياسي والأمني.. ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان.. العمل علي إصلاح الأوضاع الاجتماعية والأحوال المَعيشية! وبحسب المصادر فقد لعب 'عوض' دورًا مهمًا في وضع 'الدليل التعليمي' للاحتجاجات الشعبية والشبابية التي يجري تنفيذها حرفيًا في عدد من البلدان العربية 'تونس.. مصر.. اليمن' لإجهاض ثوراتها، وسط اتجاه لنقل الاحتجاجات لمناطق ودول عربية أخري، عبر توظيف الغضب الشعبي المكبوت لأسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية في تفكيك المؤسسات الوطنية ونشر الفوضي. يرسخ 'عوض' بين التجمعات الشبابية والشعبية التي تتعاطي مع أفكاره أن 'الانتفاضة الشعبية في البلدان العربية يجب ألا تكون لها زعامة محددة، حتي تنجح في تفكيك السلطة'. ويؤكد أن 'البطل اللاعنفي –الشباب الفوضوي- يجب أن يقدم نفسه شهيدًا، وأن يعزِّز ملكوت الخير بالقوة وحدها التي يطلقها'. ينصح التجمعات الفوضوية العربية بالاستعداد لمقاومة السلطة حتي النهاية وأن 'اللاعنفي في حال تجبُّر الخصم ذاهب إلي حتفه لا محالة، لذا يجب عليه أن يتسلح، وأن يقاتل، وإذا لم يكن ثمة خيار بين العنف والجبن فأنا أنصح بالعنف'. يعترف 'عوض' بأن عددًا من الفِرَق المسيحية 'الكويكرز.. المنونيين.. الأميش.. المورمون.. الدخوبور'، مارسوا النضال اللاعنفي في مواجهة الأنظمة ونجحوا في الانتصار عليها! تسويق سياسي ومنذ عقود شرع الإعلام الغربي في تسويق اسم مبارك عوض، باعتباره أسطورة النضال والكفاح من أجل تحرير الشعوب ودعم حقوق الإنسان، واستغل 'عوض' فترة اعتقاله التي لم تتعد ال40 يومًا في سجون الاحتلال ليصنع منها تاريخًا سياسيًا، ويروِّج أن عداءه لإسرائيل ومناهضته لسياساتها، هما السبب في اعتقاله وتعرضه للتعذيب الممنهج! لكن إطلالة علي مسيرة 'عوض' تكشف الكثير من الغموض بشأن الدور الذي يلعبه في الداخل الفلسطيني وفي المنطقة علي السواء. وقد بدأت قصته الواقعية في حرب 1948، حيث قُتل والده علي يد العصابات الصهيونية، تاركًا نجله في الخامسة من العمر، حيث قررت والدته 'التي وجدت نفسها وحيدةً مع سبعة أولاد'، وضع خمسة من أبنائها في ملجأ للأيتام، بعدما حرصت في فترة سابقة علي تلقينهم تعاليم جماعة الكويكرز 'مجموعة مسيحية بروتستانتية، يقطن معظم معتنقيها في الولاياتالمتحدةالأمريكية'. يقول 'عوض' علَّمتنا الأم 'ألا نطلب الثأر أبدًا'!'، وأن نعمل ما في وسعنا حتي لا تعاني أمَّهاتٌ أخريات'. وبحسب روايته فقد تبنته وشقيقه 'إليكس'، عائلة مسيحية ميسورة، وألحقتهما بمدرسة 'القديس جورج' الخاصة بمدينة القدس، وبينما أصبح شقيقه 'إليكس' أكاديميًا بكلية الكتاب المقدس 'معهد لاهوتي لتدريس المسيحية'، فقد فضل هو بعد مرحلة التعليم الثانوي أن يصبح قسًا، قبل أن يحصل علي منحة للدراسة في معهد 'Lee College' الأمريكي عام 1959، غير أنه لم يستكمل الدراسة، وعاد إلي مسقط رأسه 'القدس' حيث عمل في دار لرعاية الأيتام. منحة جديدة سافر 'عوض' مجددًا إلي الولاياتالمتحدة عام 1970 للدراسة في معهد بلافتون 'Bluffton College' بولاية أوهايو، نجح خلالها في توثيق علاقاته بجماعات 'الكويكرز' المسيحية، ثم حصل علي درجة الماجستير في علم النفس من جامعة القديس 'فرنسيس' بولاية إنديانا. وفي عام 1983 عاد إلي مدينة القدس بعد حصوله علي الجنسية الأمريكية 'إلي جانب جنسيته الأردنية التي حصل عليها في وقت سابق'، ليفتتح عيادةً للطب النفسي، وانخرط في مجال حقوق الإنسان. آنذاك، حدث التحول الحقيقي في حياة 'عوض' لدرجة أنه ألَّف كتابًا بعنوان 'أطفال الحجارة' سجل فيه شجاعة الشباب الفلسطيني في مواجهة إسرائيل، قبل أن يسارع 'لأسباب مجهولة!' إلي إبداء أسفه علي الأفكار التي تضمنها الكتاب ومواقف أخري مماثلة، منتقدًا لجوء الفلسطينيين إلي أي وسيلة للعنف في مواجهة الاحتلال'!'، حتي أنه أدان أعمال الكفاح المسلح التي تبنَّتْها منظمة التحرير الفلسطينية ضد إسرائيل!! وراح 'عوض' يروِّج لما يُعرف بأساليب 'النضال اللاعنفي' 'استنزاف وتشويه الأنظمة بدون قتال'، وهي الأساليب التي تعلمها 'كما يقول' أثناء دراسته التكميلية في الهند مطلع الثمانينيات, وفي عام 1985 بدأ بإلقاء محاضرات في العلوم الاجتماعية في جمعية الشبان المسيحية، ثم أسس مركزًا للدراسات بدعم من الأكاديمي الفلسطيني في جامعة جورج تاون، الدكتور هشام شرابي، قبل أن يتوقف نشاط المركز 'مؤقتًا' نتيجة إبعاده من المدينة عام 1988علي خلفية زعم الاحتلال أن 'عوض' يدعم عناصر فلسطينية خلال الانتفاضة الأولي. صديق أم عدو؟ وتشير مصادر إلي أن فشل 'عوض' في إقناع قيادات منظمة التحرير الفلسطينية بأفكاره، كانت السبب المباشر وراء اللجوء إلي قصة إبعاده عن مدينة القدس، وهي القصة التي شارك في حملة ترويجها صحف وكتَّاب إسرائيليون، خاصة المحلل الإسرائيلي زئيف شيف، بزعم أن الأفكار التي يطرحها 'عوض' حول ما يسمي ب'المقاومة السلمية للاحتلال' هي التي دفعت مَنْ يتبنون الكفاح المسلح من القيادات الفلسطينية إلي تشويه أفكاره الرافضة ل'المغامرات العسكرية وإطلاق الصواريخ ضد إسرائيل'! وقد تعاملت قيادات منظمة التحرير الفلسطينية مع الأفكار التي يطرحها 'عوض' باستخفاف واضح، خاصة عندما دعا عقب شهور من اندلاع الانتفاضة الأولي إلي ضرورة التوقف عن الكفاح المسلح ضد الإسرائيليين، وقيام المنظمات والشعب الفلسطيني بحملات تنظيف ومسيرات صامتة من أجل لفت نظر العالم إلي ما يحدث في الأراضي المحتلة! في المقابل اتهمه قادة الانتفاضة ب'العمالة لصالح المخابرات الأمريكية وإسرائيل'، مؤكدين أن 'الأفكار الغريبة التي يتبناها تعتبر تآمرًا علي الشعب الفلسطيني ومحاولة لإجهاض مشواره الكفاحي في مواجهة الاحتلال'. ولم يجد 'عوض' أي دعم أو مساندة سوي من عدد محدود من الشخصيات الأكاديمية الفلسطينية، يتصدرهم البروفيسور سرّي نسيبة 'رئيس جامعة القدس منذ عام 1995، حتي الآن'. ويتلاقي 'عوض' و'نسيبة' في عدد من الأفكار والأطروحات التي تتناغم مع الطرح الغربي لحل قضية الصراع العربي-الإسرائيلي، رغم تعارض ما يطرحونه مع الحقوق التاريخية الفلسطينية، حيث يدعمان ما يسمي ب'حل الدولتين' ودعوة الشعب الفلسطيني إلي 'تقديم تنازلات لإسرائيل إذا كان راغبًا في سلام حقيقي، لاسيما تفكيك سلاح المقاومة.. تطبيع العلاقات مع إسرائيل.. إسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين! مستشار الفوضي وقد عاد 'عوض' مجددًا إلي واجهة المشهد السياسي في المنطقة من باب دعم حق الشعوب في الكفاح ضد الديكتاتوريات، زاعمًا أنه مستشار 'غير رسمي'، لأعلي المستويات في الإدارة الأمريكية، بعدما أسس 'مع آخرين' منظمة اللاعنف الدولية Nonviolence International، ل'تقديم المشورة للحكومات والمؤسَّسات التي تهتم بالنضال اللاعنفي'! وهو يوضح أن 'النضال اللاعنفي' أصبح أداة نضال ذات قوة هائلة.. تستفزُّ الحكام.. تبحث عن الفضيحة.. تخلق الحدث، كما أنه يطلق طاقةً روحيةً ترغم الخصم السياسي 'الأنظمة.. الحكومات.. التيارات المستهدفة' علي رفع الراية البيضاء. ومؤخرًا، أنشأ 'عوض' صناديق ل'دعم النشطاء العرب وضحايا الصراعات اللاعنفية' تحت إشراف المركز اللاعنفي الدولي الذي يترأسه لتقديم المساعدة للنشطاء الذين يبذلون الجهود في تفكيك المجتمعات العربية، كما يشرف بنفسه علي 'اللجنة الأمريكية لتقصي الحقائق في السجون البحرينية'، بحجة السعي لإيقاف الاعتقالات العشوائية ومنع التعذيب في السجون هناك. وتؤكد المصادر أن ما يجري تنفيذه في المنطقة بحجج وشعارات متعددة يشبه الخطة التي وضعتها المخابرات الأمريكية 'CIA' قبل عقود، عندما وظَّفت مؤسسات أهلية 'فورد.. روكفلر.. '، في الحرب السياسية ضد النفوذ الشيوعي، حيث جري ضخ ملايين الدولارات لتفكيك قبضة الاتحاد السوفيتي في دول أوربا الشرقية، وأن ما يجري حاليًا يستهدف إجهاض تجربة الحكم الإسلامي في المنطقة.