كشفت دراسة إعلامية قام بها الدكتور صابرحارص أستاذ الإعلام بجامعة سوهاج ومستشار الجماعة الإسلامية عن عدم مناسبة الوقت للحديث عن الإصلاحات الجذرية للصحافة القومية ومؤسساتها لأن ذلك مرتبط بملفات عديدة مزمنة من قبل ثورة يناير من أهمها: نمط الملكية المناسب وشكل ومرجعية التنظيم الذاتي لهذه المؤسسات والديون التي تثقل عاتقها وإشكالية الحرية التي تتعارض مع المسئولية الوطنية أو الاجتماعية وكذلك التشريعات المناسبة وعلاقة الإدارة بالملكية وبالتحرير وعلاقة الصحافة القومية بالسلطة ومجلس الشوري وغيرها. وقال حارص عبر عرضه لنتائج دراسته ظهر اليوم الاثنين بمؤتمر 'المهنية الإعلامية والتحول الديمقراطي' الذي تنظمه كلية الإعلام بجامعة الأزهر أن الوقت الآن مناسب لحسم ستة إشكاليات خلقتها ثورة يناير يمكن التعامل معها كأساس أو مدخل لإصلاح الصحافة القومية، يأتي في مقدمتها حسم إشكالية تعيين مجلس الشوري لرؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير التي رفضها '81%' من الصحفيين المصريين الذين اتجه '38%' منهم إلي اختيار القيادات بالانتخاب المباشر من الصحفيين والعاملين بالمؤسسة، و '43%' لفكرة الاسترشاد بلجنة من داخل المؤسسة، أو مجلس دائم من الحكماء. وأضاف حارص الذي اعتمد في نتائج دراسته إلي استقصاء 260 صحفيا بالإصدارات الرئيسية في المؤسسات القومية السبعة 'الأهرام وأخبار اليوم ودار التحرير وروزاليوسف ودار الهلال ودار المعارف ووكالة أنباء الشرق الأوسط' أن حسم صورة الصحافة والصحفيين بهذه المؤسسات بعد ثورة يناير باتت أيضا انطلاقة للإصلاح خاصة وأن ' 73%' من الصحفيين دافعوا عن هذه الصورة واعترضوا علي أنها صورة مشوهة، واعتبروا ذلك ضربا من التعميم، وأن الذين باعوا ضمائرهم في العهد السابق قلة كانت تتصدر المشهد، كما أن المؤسسات القومية ذات تاريخ عريق وغنية بالمهارات والشرفاء الذين ظلوا علي قيمهم ومبادئهم. بينما أظهرت الدراسة أن '27%' فقط يرون صورة الصحافة القومية مشوهة بالفعل لأنها كانت تابعة قبل الثورة للسلطة وأن الصحفيين بعد الثورة غالبا ما يعملون بلا مبادئ وبلا أخلاقيات، كما دافع '59%' من الصحفيين عن أداء الصحافة القومية بعد ثورة يناير ووصفوه بأنه تطور إيجابي باتجاه التحول الديمقراطي والشفافية والمصداقية والجرأة وأن ما يجري الآن هو خطوة طبيعية علي طريق حرية الرأي والتعبير، بينما اعترض علي ذلك '41%' واعتبروه تحولا غير أخلاقي وغير مقبول. وأبرزت الدراسة التي جاءت بعنوان 'أسس إصلاح الصحافة القومية بعد ثورة يناير كما تعكسها اتجاهات المضمون والصحفيين' أن غالبية كبيرة '74%' من الصحفيين أصرت علي ضرورة رد الاعتبار لزملائهم الذين تعرضوا للظلم والتهميش إبان النظام السابق باعتبار ذلك نوع من التقدير للصحفيين الذين تمسكوا بمبادئ المهنة في مواجهة النظام وأمن الدولة والأجندات الخاصة لرؤساء التحرير وتعويضا لهم عن كافة أشكال الظلم المادي والمعنوي التي وقعت عليهم، في حين طالب '24%' فقط زملائهم بالتنازل عن رد اعتبارهم والتجاوز عن هذا الأمر تفاديا لتصفية الحسابات التي يمكن أن يختلط فيها الشخصي بالموضوعي. وقمت الدراسة ثلاثة طرق لإصلاح الأوضاع المادية، أولها وضع لائحة جديدة للأجور لتحقيق العدالة بين الصحفيين والقيادات وحظيت بموافقة '55%' ثم خيار الإصلاح الشامل للأوضاع المادية بنسبة '35%' باعتباره حلا جذريا يسمح بإعادة النظر في منظومة المؤسسات القومية ككل وليس حلا جزئيا يترك الخلل المتراكم منذ عقود وينهي إشكالية السلطات المطلقة لرئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة في توزيع الدخول والمكافآت والحوافز وبدلات السفر وإنفاذ عمليات الشراء بالأمر المباشر، بينما يطالب '10%' فقط إلي تأجيل ملف الأوضاع المادية برمته لما بعد المرحلة الانتقالية نتيجة للأوضاع الاقتصادية التي تمر بها الدولة. كما أكدت الدراسة علي ضرورة تجاوز محاسبة زملائهم الذين تورطوا في مناهضة الثورة والتشكيك في شبابها وتشويه صورة الثوار بنسبة '60%' باعتبار أن المناخ العام وعامل الزمن قد تجاوزا مبدأ المحاسبة نتيجة غياب قيادات النظام السابق من المشهد، وأن المحاسبة مكانها القضاء وليس داخل المؤسسات، كما أن غلق صفحة الماضي أمر حتمي الآن لإخماد الفتنة والانطلاق نحو المستقبل والبناء لأن مصر الثورة بحاجة إلي العمل أكثر من الكلام والي الاجتهاد أكثر من الشقة والخلاف. وحصرت الدراسة ثمانية معايير وضوابط للترشح لمنصب رئيس التحرير أورئيس مجلس الإدارة، شملت بالترتيب من حيث أهميتها لدي الصحفيين: الكفاءة المهنية، الخبرة 'والاتجاه الغالب فيها أنها تتراوح من 15-20 سنة كحد أدني'، وأن يكون من داخل المؤسسة، ويتسم بالنزاهة، والقبول عند الزملاء والجماعة الصحفية، والاستقلالية، وقوة انتمائه للمهنة والجماعة الصحفية، وألا تكون له صلة بالنظام السابق، ولايكون قد سبق له التورط في جلب إعلانات أو حصل علي عمولات منها.