«لا تكبر، إنه فخ».. مقولة الأديب الروسى الشهير «دوستوفيسكي» الخالدة.. والتى تنطبق تمامًا على الروائى الكبير بهاء طاهر الذى نحتفى هذه الأيام بالذكرى الخامسة والثمانين لميلاده (13 يناير 1935م)، وهى مناسبة تستحق منا الاحتفال، والتفكر فى تجربة هذا العظيم الممتدة. فأن تعيش فى زمن عاش فيه مبدع كبير ك»بهاء طاهر»، لهو كفيل أن يجعل الحياة أكثر «بهاءً» وأكثر «طهرًا».. فأعماله باتت سجلاً صادقًا لحياة أمة كاملة، بإشراقاتها وإخفاقاتها.. بانتصاراتها وانكساراتها.. مُشرحًا مواطن الخلل فى «مسيرة الحلم»، ومنبهًا إلى ما يجب أن نتجنبه من أجل مستقبل أفضل. ورغم أن أعمال هذا ال«بهىَ الطلعة، طاهر السيرة والمسيرة» قليلة، قياسًا بمجايليه من مبدعى جيل الستينيات (جيل الحلم)، إلا أن كل عمل منها يمثل فى ذاته بصمةً خاصة، ليس فقط فى مسيرته كمبدع عظيم شهدت له الركبان، ولكن فى مسيرة الأدب المصرى خصوصًا والعربى عمومًا، ويكفى أن كل عمل جديد يصدر له يصبح على الفور هو عمل العام الصادر فيه، وكأن القارئ على موعد كل عدة أعوام- طالت أم قصرت- مع «وعد جديد» بعمل فذ من أعمال مبدعنا الكبير، وهو ما حدا بالناقد الكبير الراحل د.على الراعى أن يقول عن روايتي.. «قالت ضحّي» (1985م)، و»خالتى صفيّة والدير» (1991م)، واللتين تم اختيارهما كأفضل عملين أدبيين فى سنتى صدورهما: «إنهما أصدق محاولة لتضمين التراث المصرى القديم فى الأدب الحديث». والأمر اللافت للنظر فى أدب بهاء طاهر منذ أن خطّ بواكير أعماله، أنه حين تبدأ فى قراءته من السطر الأول فإنك لا تستطيع التوقف إلا مع السطر الأخير. وذلك نابع من عنصر التشويق الذى يُعد مكونًا أساسيًا فى رواياته حيث إن أديبنا الكبير ممن يؤمنون بأن الرواية إذا لم تكن ممتعة للقارئ فالأفضل عدم كتابتها. وإذا لم يشعر القارئ أنه يريد مواصلة القراءة لأنه يتوقع جيدًا ما ستؤول إليه الأحداث، فالأفضل أيضًا عدم كتابتها. ودائمًا ما تنتصر كتابات بهاء طاهر للحرية التى هى خبز الحياة، ولذا لم يستسغ يومًا قوى التسلط، سياسية كانت أم ثقافية أم جتماعية، بل جاهر بالعداء لها ورفضها وربما مواجهتها (كما حدث مثلًا حين قرر الرحيل عن مصر الساداتية متجهًا إلى سويسرا). جدير بالذكر أن طاهر قد أتحفنا بمجموعة من الأعمال الروائية والقصصية التى تمثل علامات مضيئة فى مسيرة الأدب، ومنها: روايات (الحب فى المنفى- شرق النخيل- خالتى صفية والدير- قالت ضحى- نقطة النور- واحة الغروب)، والمجموعات القصصية ( بالأمس حلمت بك- الخطوبة - أنا الملك جئت - ذهبت إلى شلال)، فضلًا عن كتابي: أبناء رفاعة- فى مديح الرواية. عمنا بهاء طاهر: كل عام وأنت بألف خير.