هم من جلدتنا, يعيشون بيننا, يعرفون همومنا, يدركون معاناتنا وآلامنا, يعايشون مطالبنا وآمالنا يعرفون ذلك كله ويلعبون علي أوتار أحلامنا. يحدثوننا عن الأمانة والنزاهة ونظافة ذات اليد, ويطالبوننا بها وهم أبعد ما يكونون عنها, يحدثوننا عن الشرف والكرامة وهم متمرغون في أوحال العار والخسة. وبيننا من يأمروننا باتباع منهج الحق والامتناع عما يغضب الله ويحذروننا من عاقبة النفاق وطاعة المخلوق في معصية الخالق , ويلعنون من يتاجر بالدين, ويشتري الرخيص بالثمين, وهم يلقون بنا في طريق التهلكة جبنا وطمعا في دنيا زائلة. كثيرون هم من يفرشون لنا الطريق بالورود والوعود, ويمنوننا بالأحلام ويشترون حياتنا بالأماني في الوجود, كلهم يكذبون, نعم يكذبون ولكن بمنتهي الصدق, بمنتهي البراءة بمنتهي الاخلاص في الكذب, حتي أننا من فرط صدقهم وبراءتهم واخلاصهم, نشك في الحقيقة والواقع الذي نلمسه ونراه ونصدقهم, فلا أحد يتخيل أن يصل انسان لهذه الدرجة من البراعة في الكذب حتي علي نفسه, وحتي ان وصل كيف يصدق نفسه, كيف يراها؟ كيف يحتمل وجودها؟وبماذا يشعر وهو يكلم الناس عن المباديء ويطالبهم بها وسوءآته عارية وأكاذيبه مفضوحة ان لم يكن أمام الناس فأمام الله وأمام نفسه.