يبدو أن «الكاوبوي» الأمريكى يريد أن يسيّر العالم أجمع على هواه، وكأنه لم يلاحظ أن المتغيرات الدولية المتسارعة جعلت نظرية «القطب الواحد» المهيمن على العالم باتت أمرًا من الماضي، والصين وروسيا خير دليل باتساع نفوذهما الدولي.. اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا. ما مناسبة ذلك الكلام؟.. إنها التحذيرات «الشفوية» الأمريكية - والتى تحمل صفة السخونة- لمصر بعدم شراء طائرات «سوخوى 35» الروسية، ملوحةً بإمكانية فرض عقوبات على القاهرة إذا أتمت صفقة السوخوي، وفقًا لقانون «كاتسا» الأمريكي، الذى يفرض عقوبات على الدول التى تقوم بعمل صفقات عسكرية مع روسيا أو إيران أو كوريا الشمالية. بالطبع، الرد المصرى كان حازمًا بالسير فى إتمام الصفقة مع روسيا حيث من المنتظر استلام أول طائرتين مطلع العام القادم، مع الاستمرار فى تسلم العشرين طائرة المتفق عليها حتى أواسط عام 2023م، بقيمة إجمالية بلغت نحو مليارى دولار. وفيما يبدو أن «الكاوبوي»- المعدل بعقلية الملياردير ترامب- لم يدرك حتى الآن أن مصر ما بعد ثورة 30 يونيو 2013م، قد خرجت من «بيت الطاعة الأمريكي» بلا رجعة، وأن التليفون الذى كان يأتى من واشنطن إلى القاهرة بأن تفعل كذا وكذا، قد تم قطع حرارته نهائيًا- على حد وصف الرئيس عبد الفتاح السيسى نفسه – فالعلاقات لم تعد «مركزا، وتابعا» بل «الند للند»، وهناك بدلًا من الدليل على ذلك عدة دلائل: الأول.. الوضع فى سيناء، حيث بسطت مصر نفوذها العسكرى كاملًا عليها ضاربةً عرض الحائط ب«اتفاقية السلام» الموقعة مع إسرائيل، فلم تعد هناك المناطق (ج، د، وغيرها) لأن أمن مصر القومى خط أحمر فى مواجهة الإرهاب. والثاني.. تلك الإتفاقيات الاستراتيجية المتكاملة مع كل من روسيا، والصين. والثالث.. أن مصر ليست عضوًا فى أى حلف عسكري، وهى متحررة تمامًا ولها كل الحق فى تنويع مصادر السلاح، وهو ما يؤدى بالضرورة إلى استقرار منطقة الشرق الوسط برمتها، لأن مصر- باختصار- مستقرة. إذًا.. سياسة التحذيرات والتلميحات الأمريكية لمصر بالتراجع عن صفقة السوخوى لن تجدي، وكان من الأجدر ب«الكاوبوي» أن يعاقب - بحق وحقيق – تركيا شريكته فى حلف الأطلنطى حين تسلمت من روسيا منظومة «إس 400» الدفاعية! وأخيرًا.. مصر فقط هى من تحدد أولوياتها العسكرية والسياسية، ومن أراد أن يتعامل معها على هذا الأساس، فأهلًا وسهلًا به، ومن لم يعجبه ذلك فعليه العودة إلى تصريح الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر الشهير: «اللى سلوكنا مش عاجبه يشرب من مية البحر، واللى ما يكفهوش البحر الأبيض ياخد البحر الأحمر معاه».