وزير الري: الدولة المصرية تنفذ استثمارات ضخمة لتحديث المنظومة المائية    خلال ساعات.. رابط نتيجة تنسيق رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي لطلاب الأزهر الشريف    العدس ب60 جنيهًا.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    ارتفاع حجم الصادرات الزراعية المصرية إلى 6.8 مليون طن    غدًا.. لقاء "وزير الصناعة" بالمستثمرين الصناعيين بمقر محافظة الإسكندرية بحضور المحافظ    30 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر اليوم    رئيس الوزراء يشارك في فعاليات الجلسة الختامية لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية «تيكاد 9»    روسيا تعتقل عميلين للاستخبارات الأوكرانية وتجري مناورات فى بحر البلطيق    إنذار تحسبًا ل تسونامي بعد الزلزال المدمر في «ممر دريك»    كاتس: وافقنا على خطط الجيش للقضاء على حماس وإخلاء السكان فى غزة    جاهزية كومان، آخر استعدادات النصر لمواجهة أهلي جدة بكأس السوبر السعودي    إيفان توني: تدربنا على أرضية ملعب سيئة.. وشعرنا أننا غير مرغوب بنا    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 22-8-2025 والقنوات الناقلة    مصرع 3 أشخاص «من أسرة واحدة» وإصابة 4 آخرين إثر انهيار منزل ب«الطوب اللبن» في سوهاج    النيابة تأمر بدفن رضيعة لقيت مصرعها في حريق شقة بالمقطم    حار رطب نهارًا.. تعرف على حالة الطقس اليوم الجمعة بشمال سيناء    تامر حسني يحقق رقما قياسيا لأغنيته "حبك لو غلطة"    عاصي الحلاني عن صعود المعجبات للمسرح: «نحن كفنانين دائمًا نحافظ على مسافة احترام متبادل»    للرزق وتيسير الأمور.. دعاء يوم الجمعة مستجاب (ردده الآن)    دون الحاجة لعقاقير أو عمليات.. حُبيبات من الشاي الأخضر تُساعدك على إنقاص وزنك (دراسة)    وزير الزراعة: الصادرات الزراعية تحقق 6.8 مليون طن حتى الآن    13 شهيدًا في غزة اليوم وقصف متواصل على نازحين ومرافق مدنية    بسبب خلافات سابقة.. اعتداء 4 أشخاص على شاب بالأسلحة البيضاء في الحوامدية    بوتين يطالب كييف بالتخلي عن دونباس وزيلينسكي يرفض التنازل عن أي جزء من الأراضي    أيمن يونس: تغييرات فيريرا حافظت على الفوز أمام مودرن    وزير الثقافة يستقبل وفدًا من الموهوبين ببرنامج "اكتشاف الأبطال" بقرى "حياة كريمة"    ريال بيتيس يترقب قرار مانشستر يونايتد بشأن أنتوني.. الجناح البرازيلي على رادار الليجا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 22-8-2025 في محافظة قنا    إيران: عراقجي سيجري محادثات هاتفية مع نظرائه من الترويكا الأوروبية لبحث الملف النووي    تسجيل مركز قصر العينى KCCR بالمجلس الأعلى لمراجعة أخلاقيات البحوث الإكلينيكية    ليس دائمًا عدوًّا للصحة، كيف يؤثر ارتفاع الكوليسترول على أعضاء الجسم؟    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    معجزة جديدة ل أطباء مصر.. طفلة جزائرية تقف على قدميها مجددًا بعد علاج 5 أشهر (فيديو)    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 22 أغسطس 2025    مواعيد مباريات منتخب مصر للناشئين في كأس الخليج    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    شراكة حضارية جديدة بين مصر والصين في مجال التراث الثقافي «المغمور بالمياه»    لو بطلت قهوة.. 4 تغييرات تحدث لجسمك    مقتل شاب في الأقصر إثر مشاجرة بسبب المخدرات    الإيجار القديم.. محمود فوزي: تسوية أوضاع الفئات الأولى بالرعاية قبل تحرير العلاقة الإيجارية    حرق الكنائس.. جريمة طائفية ودعوة للتدخل الأجنبي    هل يمكن تحديد ساعة استجابة دعاء يوم الجمعة ؟ دار الإفتاء توضح    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    بيان «المحامين» يكشف الحقيقة في اجتماعات المحامين العرب بتونس    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    إذاعة القرآن الكريم| هاجر سعد الدين أول سيدة بمتحف الأصوات الخالدة    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة محليا وعالميا    نصر وشاكر ضمن قائمة أقوى قيادات البنية التحتية الرقمية في إفريقيا    المندوه يكشف آخر تطورات أزمة سحب أرض أكتوبر ويكشف حقيقة المول    تنفيذ حكم الإعدام في مغتصب سيدة الإسماعيلية داخل المقابر    تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل زوجين في «مجزرة سرابيوم» بالإسماعيلية    لاعب الأهلي الأسبق: ديانج لا غنى عنه.. وبن رمضان الصفقة الأفضل    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفي بكري يكتب: الجيش رفض الوقوع في فخ بورسعيد

قال الاعلامي مصطفي بكري في الحلقات التي يكتبها لبوابة الوطن انه مع تصاعد موجة الغضب داخل أوساط ضباط وجنود الشرطة، يزداد الموقف صعوبة أمام مؤسسة الرئاسة، فالإضرابات تتسع، واليوم 'السبت' هو يوم حاسم في تاريخ البلاد، كل الخيارات مفتوحة، وردود الأفعال قد لا تقتصر علي بورسعيد وحدها حال تأييد الحكم بإعدام المتهمين بارتكاب مذبحة بورسعيد، بل قد تتسع موجات التظاهر وأعمال العنف في العديد من المناطق الأخري، وربما لا يقتصر الأمر فقط علي المحتجين لهذا السبب أو غيره، بل إن الألتراس الأهلاوي يتوعد بفوضي عارمة، ما لم تأتِ الأحكام الأخري خاصة في مواجهة رجال الشرطة المتهمين في الحادث، بما يمكن أن يشفي غليلهم!!
لقد عرض وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، ومعه العديد من قيادات الشرطة الموقف علي الرئيس مرسي صباح الأربعاء الماضي، علي الوجه التالي:
- إن وزارة الداخلية تتوقع تصاعد أعمال العنف والاضطرابات وقطع الطرق والاعتداء علي المؤسسات في مناطق مختلفة من البلاد في أعقاب صدور الحكم النهائي في قضية مذبحة بورسعيد، وأن ذلك قد يمثل نقطة تحول في مسار الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ شهر نوفمبر الماضي.
- إن هناك تصعيداً من قبل بعض ضباط وجنود الشرطة، الرافضين لمواجهة المظاهرات والمعترضين علي عدم تسليحهم وسقوط ضحايا من بين صفوفهم، وأن الوزارة تتوقع رفض الكثيرين منهم مواجهة أعمال العنف والاضطرابات المتوقع أن تشهدها البلاد.
السيسي
- إن لدي الوزارة معلومات تشير إلي أن هناك نوايا لدي بعض ضباط وأفراد الشرطة بإغلاق أقسام الشرطة خلال الساعات المقبلة اعتراضاً علي ما يجري ولممارسة الضغط بهدف إقالة وزير الداخلية.
- إنه أمام هذه الأوضاع التي تعيشها البلاد والتصعيد المتوقع، يتوجب نزول الجيش إلي مناطق الاضطرابات لحماية المؤسسات ومساعدة الشرطة في التصدي لأعمال العنف المتوقعة.
وقد أبلغ وزير الداخلية، الرئيس مرسي بقراره بعزل مدير أمن بورسعيد، اللواء محسن راضي، من موقعه بسبب رفضه تنفيذ تعليمات الوزير، وأيضاً بسبب تطاوله ومطالبة الوزير بتغيير سياساته التي أدت إلي تفاقم الأوضاع في البلاد ومطالبته بحل سياسي للأزمة بعيداً عن الحلول الأمنية والصدامية، وقال إنه قرر تعيين اللواء سيد جاد الحق بدلاً منه.
الإخوان يدرسون الموقف.. ومخاوف من الإقدام علي عزل الفريق أول السيسي
كانت تعليمات الرئيس واضحة، يجب التصدي للمحرضين والمتظاهرين والحيلولة دون انتشار الاضطرابات وأعمال العنف في البلاد، كما طالب الوزير بالحوار مع ضباط وأفراد الشرطة المضربين، لإقناعهم بالعودة إلي ممارسة عملهم وحماية أمن البلاد.
إن السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا عن موقف الجيش المصري في حال تدهور الأوضاع، وانتشار أعمال الشغب اليوم؟!
في هذا الإطار، درست القيادة العسكرية الوضع بكافة أبعاده وخلصت إلي عدة سيناريوهات:
- السيناريو الأول: إنه في حال تدهور الأوضاع، يمكن للجيش المصري أن ينزل إلي المناطق المشتعلة بهدف حماية المنشآت العامة، ولكن دون التورط في أي مواجهة مع جمهور الغاضبين والمتظاهرين، ولن تسمح القيادة بجر الجيش إلي مواجهة ظل يتفاداها منذ نزوله إلي الميدان في 28 يناير 2011، ولذلك اعترض وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي علي سحب رجال الشرطة من بورسعيد وتولي الجيش هذه المهمة لسببين اثنين:
- الأول: إن تولي الجيش وحده مهمة حفظ الأمن في بورسعيد دون وجود حلول سياسية لأسباب الأزمات التي تشهدها المحافظة، يعني أن الجيش سيجد نفسه في صدام مع المتظاهرين أو بعض المعتدين علي المؤسسات العامة، وهذا يعني دخول الجيش إلي 'الفخ' الذي حاول تفاديه طيلة الفترة الماضية، وبذلك يمكن أن ينجر إلي مواجهات عنيفة يدفع الجيش ثمنها، ويتحقق بذلك هدف القوي التي سعت إلي توريط الجيش في هذا المستنقع في أوقات سابقة.
- الثاني: إن رفض الجيش حماية المؤسسات والمنشآت العامة دون مواجهة حال انفراده بمهمة حفظ الأمن، يفتح الطريق أمام اتهامات متوقعة، ستوجه سهامها إلي وزير الدفاع، باعتبار أنه تراخي عن القيام بمسئوليته في حماية المنشآت العامة في غيبة الشرطة، مما يعطي مبرراً لاتخاذ قرار بعزله من موقعه، وهي الفرصة التي تنتظرها جماعة الإخوان، والتي تري أن الخطر الأكبر الذي يهدد حكمها الآن هو الجيش المصري، الذي لن يسكت طويلاً حال استمرار تدهور الأوضاع في البلاد.
من هنا كان قرار المؤسسة العسكرية برفض تحمل الجيش وحده مسئولية الأمن في بورسعيد، في ظل غياب الشرطة، وهو الموقف الذي سبق أن عبر عنه أعضاء المجلس العسكري خلال اجتماعهم بالرئيس مرسي، في فبراير الماضي، عندما أبلغوه أن الجيش لن يتورط أبداً في الصدام مع المتظاهرين.
إذن، الجيش المصري أمام اختبار جديد غداً، فهل يظل علي موقفه حتي يعلن أنه لن يسمح بسقوط الدولة وانتشار الفوضي، بينما الأوضاع تزداد تدهوراً إلي درجة تهدد كيان المجتمع بأسره، أم أنه قد يتحرك لإنقاذ البلاد من خطر أصبح يتصدر المشهد، فيشعل الحرائق، وينشر الفوضي، ويحدث الانهيار الكبير، الذي وصل إلي حد إغلاق بعض أقسام الشرطة، ورفض تنفيذ الأوامر، واختطاف السياح، وانهيار الأوضاع الاقتصادية وحرق المؤسسات وإغلاق المصانع؟
لقد رفعت جماعة الإخوان المسلمين تقريراً إلي الرئيس عن أسس التعامل مع انتشار الفوضي المتوقع حدوثها علي نطاق واسع، وكانت النقطة الأبرز في ذلك، هي المطالبة بإصدار الأحكام العرفية في مناطق الأحداث، واستخدام كافة الأساليب لمواجهة الانهيارات المتوقعة وما يرافقها من أعمال عنف دامية.
مستشارو الرئيس أكدوا أن إعلان الأحكام العرفية هو الخيار المر، غير أنه لن يحل الأزمة وتداعياتها، فالشارع المصري لم يعد يعبأ بأي عقوبات أو إجراءات، ولم يعد يرضخ للتهديدات، وأن إعلان هذه الأحكام ممكن أن يلقي معارضة شعبية ودولية واسعة، قد تتسبب في خلق المزيد من الأزمات مع الولايات المتحدة وغيرها من بلدان الغرب علي وجه التحديد.
واشنطن تدرس الموقف.. والخبراء الأمريكيون يتحدثون عن تحرك عسكري وشيك لإنقاذ البلاد
وأكد بعض المقربين إلي الرئيس أن هناك أيضاً مخاوف من عدم التزام الشرطة أو الجيش بتنفيذ الأحكام العرفية والالتزام بها، خاصة في ظل حالة الاحتقان التي تسود قطاعات الشرطة من جراء ممارسات النظام ورفض الاستمرار في المواجهة أو استخدام العنف ضد المتظاهرين، مما يرجح أن تلقي الأحكام العرفية هنا، نفس المصير الذي لقيته قرارات حظر التجول وإعلان حالة الطوارئ في محافظات القنال.
وهكذا يجد الرئيس نفسه في موقف صعب، فالأحوال تتردي، والأمن لم يعد له وجود، والمخاطر تزحف، والعصيان المدني ينتشر، وحرق المؤسسات مستمر، وإضرابات الشرطة تتزايد، والجيش اتخذ قراراً بعدم الصدام.
من هنا سيكون أمام الرئيس أحد خيارين:
- الأول: إما إصدار قرار لقيادة الجيش بالنزول إلي الشارع لحماية النظام والحيلولة دون انتشار خطر الفوضي، حتي ولو عارضت قيادته ذلك.
- الثاني: إصدار قرارات سياسية وإصلاحية كبيرة قد تهدئ من اشتعال الشارع وتعيد الأمن والاستقرار إلي البلاد.
الخيار الأول ليس سهلاً، فالجيش المصري يدرك خطورة نزوله إلي الشارع بقرار من رئيس الجمهورية، الذي يتحمل هو نفسه مسئولية تردي الأوضاع وتفاقمها بسبب عناده وإصراره علي أخونة الدولة وتجاوز الدستور والقانون، ومن ثم فهو سيكون بالتبعية مطلوباً منه الصدام مع المتظاهرين، وهنا ستزداد الأزمة تعقيداً، وقد يفضي الأمر إلي فرض الجيش لشروطه التي لا أحد يعرف حدودها حتي الآن، خاصة أن نزول الجيش في ظل الحالة السياسية السائدة وبقرار من الرئيس مرسي يعني أنه يدخل الجيش في صدام أكيد مع الشعب المصري بكافة فئاته المختلفة، ومن ثم فهو يدرك معني الخطر المحدق بهذا القرار داخلياً ودولياً.
لقد قدم أعضاء بالكونجرس الأمريكي مشروع قانون جديداً للرئيس أوباما في 4 مارس الماضي، يطالب الإدارة الأمريكية بعدم إرسال أسلحة ومعونات عسكرية إلي مصر، إلا بعد إلزام الجيش المصري بعدم استخدامها في مواجهة المتظاهرين.
ويقضي مشروع القانون الذي حمل رقم '87' بوضع شروط معينة للموافقة علي استئناف إرسال الشحنات العسكرية إلي الجيش المصري، ومنها اعتماد الرئيس الأمريكي أن مصر دولة مستقرة سياسياً وإلزامها بإنهاء استخدام الأسلحة ضد الشعب المصري، والتأكيد علي أن مصر لا تزال شريكاً وحليفاً استراتيجياً لأمريكا مع التأكيد مجدداً علي احترامها الكامل للاتفاقات الموقعة مع إسرائيل.
وطالب الأعضاء بتعليق شحنة الطائرات الأمريكية الجديدة 'إف 16' ودبابات 'إم 1' وجميع المعدات العسكرية التي جري الاتفاق مع مصر علي إرسالها في أوقات سابقة.
لقد ذكرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية تعليقاً علي هذا المشروع المقدم للكونجرس بالقول: 'إن مشرعي القوانين الأمريكيين يشعرون بالقلق إزاء عدم الاستقرار السياسي في مصر، والذي يأتي بالتزامن مع أزمة الميزانية الأمريكية، مما دفع أعضاء بالكونجرس إلي القول بأن سياسة تقديم 1٫3 مليار دولار سنوياً من المساعدات الأمريكية إلي مصر تحتاج إلي مراجعة بالجملة.
من هنا يمكن القول إن القيادة العسكرية المصرية تدرك تماماً أن توريطها في أي صدام مقبل، لن تكون تداعياته مقصورة فقط علي الجيش وعلاقته بالشعب، وإنما أيضاً سيكون الجيش هدفاً لقوي خارجية تسعي إلي تفكيكه والقضاء عليه، باعتباره الجيش الوحيد الذي لا يزال صامداً في المنطقة.
ولا تتوقع قيادة الجيش أن يتراجع الرئيس مرسي عن عناده السياسي، وأن يبحث عن حل سريع للأزمة الراهنة في البلاد، وأنه سيظل يصم آذانه عن الأصوات التي تناشده، وسيعمل علي الاستمرار في سياسة تجاهل الأحداث التي تشهدها البلاد، خاصة أن لديه ثقة بأن عناصر الجماعة وميليشياتها سوف تحمي نظامه حال حدوث تطورات كبيرة في البلاد.
الرئيس محمد مرسي
إذن، يبقي السؤال المطروح: إلي متي سيبقي الجيش ملتزماً بسياسة ضبط النفس؟!
من المؤكد هنا أن الجيش سيجد نفسه في ضوء التطورات الراهنة والتوقعات المستقبلية بين خيار من اثنين:
1- إما النزول إلي الشارع، وتولي إدارة الحكم لفترة محددة، يعيد فيها الأمن والاستقرار إلي البلاد، لحين إجراء انتخابات رئاسية جديدة، ويسعي خلال هذه الفترة إلي توحيد المصريين وإنقاذ البلاد من الانفلات الأمني والانهيار الاقتصادي.
وهنا حتماً سيجد الجيش: 1 - معارضة داخلية وتحديداً من جماعة الإخوان، إلا أن هذه المعارضة لن تصل إلي حد إعلان الحرب الأهلية، وإنما السعي إلي التفاهم في أبعاد المرحلة القادمة، فالإخوان عمليون، ولديهم تكتيكات تسعي دائماً إلي تجاوز الصدام حتي في ظل التهديدات الراهنة، خاصة أنه قد نزع منهم الآن الغطاء الشعبي علي نطاق واسع.
2- سيجد موقفاً عربياً إقليمياً قد يكون مرحباً إلي حد ما بأي تغييرات تنهي حكم الجماعة التي باتت تشكل خطراً علي الأنظمة العربية، تحديداً الخليجية منها وسوف تعمل هذه البلدان علي دعم الاقتصاد المصري سريعاً لضمان نجاح الفترة الانتقالية التي يمكن للجيش أن يتولي فيها حكم البلاد.
3- هناك توقع بانقسام الموقف الغربي تجاه مصر حال تولي الجيش السلطة لإنقاذ البلاد من الفوضي، ففي الوقت الذي سوف تلتزم فيه العديد من البلدان الصمت، وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا، وتطرح شروطاً علي القادة الجدد لتسليم السلطة سريعاً، فإن هناك توقعاً بمعارضة أمريكية لفترة من الوقت، لكنها لن تصل إلي حد الصدام والعداء للقادة الجدد، بل ستسعي إلي الحصول علي ضمانات فيما يتعلق باحترام اتفاقية السلام مع إسرائيل، وكذلك المصالح الأمريكية في المنطقة.
وتعزز التحليلات الأمريكية التي تكتظ بها الصحافة الأمريكية هذه الأيام من خيار نزول الجيش وإمساكه بالسلطة حال تدهور الأوضاع في البلاد كخيار وحيد، إلا أن أياً منها لم يعكس حدود الموقف الأمريكي سلباً أو إيجاباً إلا بالحديث عن 'صياح الديكة' الذي سرعان ما سينتهي، ليعود الحديث إلي المصالح المشتركة، خاصة حال نجاح القادة الجدد في تحقيق الاستقرار في البلاد.
- أما الخيار الثاني أمام الجيش، فهو أن يقبل بالنزول إلي الشارع، شريطة أن يجمع الفرقاء للتوصل إلي حل عاجل وسريع يقضي بإجراء انتخابات رئاسية جديدة، تنهي الأزمة المشتعلة في الشارع، وتضع القوي السياسية جميعاً أمام خياراتها الأساسية، وفي حال عدم الالتزام بهذا الخيار، يتولي الجيش مهمة إدارة البلاد لفترة انتقالية جديدة.
وفي هذه الحالة، قد يقبل الإخوان بقواعد اللعبة الجديدة للمحافظة علي وجودهم الشرعي، بعد فشلهم الكبير في إدارة شئون البلاد ووضعها أمام نذر الحرب الأهلية.
صحيح أن الإخوان يروجون الآن أنهم لن يبقوا صامتين أمام حدوث أي تدخل للجيش يفضي إلي عزل الرئيس، غير أن ذلك علي أرض الواقع لن يكون سهلاً، حيث تشير كافة المصادر إلي أن عدد كوادر الجماعة لا يزيد علي 850 ألفاً من الأعضاء، يقودهم 150 من القيادات الأساسية صاحبة الحل والعقد في شئون التنظيم والإرشاد.
لقد كتب دانييل نيزمان، مسئول الشرق الأوسط بمؤسسة 'ماكس سيكيورتي' الاستخباراتية الأمريكية، مقالاً في صحيفة 'وول ستريت جورنال'، رسم فيه ملامح وتوقعات المرحلة المقبلة بقوله: 'إن تحدي قادة المجلس العسكري ربما يمهد لعودة مصر إلي الحكم العسكري'.
وقال المحلل الأمريكي: 'إن شائعات تعاطف السيسي مع الإخوان هي أمر غير منطقي، فأولي خطوات السيسي الناجحة كانت عبارة عن تراجع تكتيكي وانسحاب للجيش من السياسة وسعيه لاسترداد الهيبة التي فقدها أثناء الفترة الانتقالية، انتظاراً لانهيار شعبية الإخوان، ولم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتي دفع مرسي البلاد إلي حافة الاضطرابات بقراراته'.
لقد أصبح المجتمع الدولي، وأيضاً الداخلي ينتظر تطوراً مفاجئاً للأحداث في مصر، قد يقضي إلي أحد الخيارين السابقين..
وعندما تحدث جون كيري، وزير الخارجية الأمريكية خلال زيارته الأخيرة إلي القاهرة، عن الخيار الثالث الذي يضمن الخروج من الأزمة بتنازلات مشتركة من الجانبين السلطة والمعارضة، أدرك بعد الحوارات التي أجراها والتقارير التي اطلع عليها أن الأزمة المصرية أصبحت بالغة التعقيد، وأن الجمهور الغاضب في الشوارع لا يخضع لأي قوي سياسية محددة، وإنما هو تحرك شعبي، لعبت فيه الفئات الاجتماعية المختلفة الدور الأساسي، كما لعبت فيه الفترة التي حكم فيها الإخوان مصر دور المحرض في إشعال الاضطرابات، لما يجعل القطيعة نهائية بين الجماهير الشعبية الرافضة وبين حكم جماعة الإخوان.
وهكذا أصبح الخيار الوحيد في ظل الحالة الراهنة وفقاً للتحليلات الأمريكية والغربية هو تدخل الجيش، وسواء حدث هذا التدخل أم لم يحدث، فسوف يتم وفق حسابات الجيش نفسه وليس حسابات المعارضة أو غيرها.
لقد تعهد وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي أكثر من مرة بأن الجيش لن يسمح بسقوط الدولة وانتشار الفوضي، كما أكد ذلك رئيس الأركان، الفريق صدقي صبحي، والذي قال إن الجيش جاهز لتلبية نداء الشعب بعد ثانية واحدة، وكل ذلك، يجعل الشارع المصري والدوائر الإقليمية والغربية تترقب الموقف، وتتابعه، وتستعد له..
أما عن جماعة الإخوان، فإنها تتابع الموقف عن كثب، تعقد الاجتماعات، تطرح الخيارات وليس أمامها سوي خيار من اثنين:
- إما أن يصدر قرار بعزل الفريق أول السيسي من موقعه، وهو أمر محفوف بالمخاطر، ولن يسمح الجيش بتكرار سيناريو المشير والفريق سامي عنان، كما تعهد قبل ذلك.
أما الخيار الثاني، فهو الانتظار لمتابعة الأحداث والرهان علي تراجع حركة الجماهير وإشغالها بأحداث أخري، وهو أمر لن يؤدي أيضاً إلا إلي مزيد من تفاقم المشاكل والأزمات والاضطرابات.
بقي القول أخيراً.. إن مصر باتت أمام نقطة تحول خطيرة، قد تدفع البلاد إلي الفوضي التي تهدد الكيان وتشعل الحروب، وتدفع إلي العصيان المدني الواسع في البلاد، ومن ثم يبقي السؤال.. من ينقذ مصر؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.