رحب فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بولادة لجنة الشئون الإفريقية بمجلس الشوري التي وجدت للمرة الأولي في تاريخ البرلمان المصري، وذلك بعد إهمال للقارة السمراء علي مدار العقود السابقة، وتمني فضيلته أن تتوائم هذه اللجنة بلجنةٍ مناظرةٍ في مجلس النواب القادم من أجل دعم العلاقات المصرية الأفريقية في عصر ما بعد الثورة. جاء ذلك خلال استقبال فضيلته بعد ظهر الاثنين بمقر مشيخة الأزهر وفدًا من لجنة الشئون الإفريقية بمجلس الشوري برئاسة الأستاذ علي فتح الباب، رئيس اللجنة. وأشار الإمام الأكبر في مفتتح حديثه إلي الصورة السلبية التي تمثلت في تراجع دور الأزهر تجاه القارة الإفريقية في السنوات الستين التي سبقت ثورة يناير البيضاء، وأن سبب هذا التراجع هو خضوع مؤسسة الأزهر لسيطرة السياسة العامة للدولة آنذاك، وكان المخلصون في الأزهر ينادون باستقلاله، وهذا ما تحقق بفضل الله بعد الثورة،ونُصَّ عليه في الدستور الجديد ليتفرغ لدوره العلمي والدعوي ليس في مصر وحدها بل في العالم أجمع. وأكد الإمام الأكبر أن رسالة الأزهر كهيئة إسلامية دعوية غير معنية بالتبشير بالإسلام بالمفهوم الغربي كما يفعل الغرب في تبشيره مستغلًا حاجة الفقراء بالأغذية والأدوية، فالأزهر يبلِّغ رسالةً دعوية تهدف إلي كسر العوائق التي تحول دون تعريف الناس بالحق وتعريف الناس بالإسلام؛ فالإسلام لا يحتاج إلا إلي تقديمه إلي الناس، وتبقي بعدها الإرادة لصاحبها في اعتناق ما يشاء، واختلاف العقائد سنة ربانية في الخلق؛ فنحن نعتقد أن الاختلاف أزليٌّ أبديٌّ، والقرآن قد حسم المسألة في قول الله تعالي: 'وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُوْنَ مُخْتَلِفِيْنَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ' فما دام هذا الاختلاف مستمرًا ، فإن كل ما تفعله العولمة وحملات التنصير إنما هو في اتجاه مضاد لمشيئة الله تعالي، ومحكوم عليه بالبطلان. وقد عرض الإمام الأكبر الجهود التي يقوم بها الأزهر في إفريقيا لنشر الفكر الإسلامي بين مسلمي إفريقيا بعد تمدد التيارات المذهبية غير الوسطية هناك مستغلة فترة تراجع الأزهر، مؤكدًا أن ما يحدث بين المسلمين والمسيحيين من عنف في نيجيريا، وما يحدث من تناحر بين المسلمين في الصومال سببه غياب الثقافة الإسلامية الوسطية التي يتبناها الأزهر هناك، فأينما حلَّت الثقافة الأزهرية حلَّ السلام. ودلّل فضيلته علي الدور الرائد للأزهر بالدول الإفريقية في خلال السنتين الأخيرتين بأن من يدرس بالأزهر من القارة الإفريقية ثلاثة آلاف طالب، منهم ألف وثلاثمائة طالب فقط هم من يقدم لهم الأزهر منحة الدراسة المجانية، أما الألف وسَبعمائة طالب الباقين فيتمسكون بالأزهر حبًا فيه ورغبة في وسطيته برغم تحمّلهم نفقات الدراسة، مشيدًا بإنشاء الرابطة العالمية لخريجي الأزهر، وبالبرلمان الإفريقي التابع لها، والذي يناقش فيه الطلاب الأفارقة مشاكلهم، مضيفًا أن الأزهر قد أنشأ بأفريقيا سبعة وعشرين معهدًا، كما يقوم الأزهر بإرسال بعثات من المعلمين الأزهريين إلي دول إفريقيا، والذين يتم اختيارهم وتأهيلهم بنظام جديد قائم علي الكفاءة والإجادة، وقد تم إرسال قوافل طبية وإغاثية إلي بلاد النيجر والسودان والصومال وغيرها ومعها كميات هائلة من الأدوية لمساعدة المسلمين هناك. كما أكد الإمام الأكبر علي تخطيط الأزهر لفتح مراكز لتعليم اللغة العربية بهذه الدول، ولكن ما يعوقه في الوقت الحالي هو ضعف المخصصات المالية للأزهر، بالإضافة إلي عدم التعاون الإيجابي من بعض الجهات المعنية بتلك الدول الإفريقية، وطلب من اللجنة المشاركة في تحمل هذه الأعباء بإنشاء صندوق لدعم الأزهر في إفريقيا، وزيادة المخصصات المالية للأزهر في الموازنة، وكذلك الدعم الأدبي والمعنوي؛ كزيادة الاهتمام بالأزهر إعلاميًا، فمن العيب أن نتعرف علي أخبار الأزهر من الإعلام الأجنبي.