منذ قيام ثورة 25 يناير وصعود التيار الاسلامي الي سدة الحكم في مصر والمرأة المصرية تواجه العديد من الضغوط والتحديات لابعادها عن ساحة المشاركة السياسية والمطالبة بحقوقها وكأن الثورة قد قامت فقط من أجل اقصائها عن الساحة السياسية وارغامها علي الالتزام بجدران بيتها الأربعة واخضاعها لسيطرة وتعصب الرجال . ولأحكام قبضتهم علي المرأة ومحاصرتها ومحاولة ارجاعها الي عصر الحرملك أتبع التيار الاسلامي عدة خطوات كانت أولها تلك القوانين التي تم مناقشتها أثناء جلسات البرلمان المنحل في أول جلساته والتي تختص بسقوط قوانين الأحوال الشخصية 'وعلي رأسها: الحضانة- الرؤية والإستضافة- الخلع-الولاية التعليمية' بدعوي أنها غير قانونية، أو غير دستورية، أو بحجة أنها مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية , كما خرجت من أروقة اجتماعات مجلس الشعب مشروعات قوانين لتنظيم الزواج وتحديد حد أدني للعروس وما تقدم النائب السلفي ناصر مصطفي شاكر عضو مجلس الشعب عن حزب "النور"، بمشروع لتخفيض سن الزواج من 18 إلي 16 عاماً بدعوي احترام رغبة الفئة الأفقر في المجتمع ،كالريف والأماكن النائية، في تزويج البنات في سن صغير بالاضافة الي بعض الفتاوي التي تزيد من قهر المرأة ومنها أن المرأة غير المختونة ناقصة الإيمان، وأن المرأة لا يحق لها أن تتولي منصب القاضي ومناصب أخري . ولكن لم يكتب لهم النجاح في اصدار تلك القوانين عبر مجلس الشعب المنحل حيث تم حله ولم يؤخذ بما تم مناقشته من مشروعات قوانين كانت تريد أن تنال من حرية المرأة وتسلبها حقوقها المكتسبة علي مدار مائة عام , ولكن يبدوا أنهم لم يصيبهم اليأس بعد فعاودوا الكره مرة اخري ولكن عن طريق مواد الدستور الجديدة فتم وضع مادة خاصة بحقوق النساء في مسودة الدستور وهي المادة '68' وجاء نصها كالتالي: " تلتزم الدولة باتخاذ التدابير التي ترسخ مساواة المرأة مع الرجل في مجالات الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية وسائر المجالات الأخري دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية، وتوفر الدولة خدمات الأمومة والطفولة بالمجان، وتكفل للمرأة الرعاية الصحية والاجتماعية والاقتصادية وحق الإرث، والتوفيق بين واجباتها نحو الأسرة وعملها في المجتمع، وتولي الدولة رعاية خاصة للمرأة المعيلة والمطلقة والأرملة وغيرهن من النساء الأكثر احتياجا". ولم يتوقف الصراع مع النساء عند هذا الحد بل وصل الي حد التحكم في أجسادهن حيث تم الطعن علي قانون الطفل في المادة الخاصة بختان الإناث أمام المحكمة الدستورية وطالب فيها حامد صديق الباحث القانوني من المحكمة الاستناد إلي القانون رقم 24 لسنة 2012والخاص بعرض الأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية علي المجلس الأعلي للبحوث الإسلامية، وتأكيده علي أن قانون تجريم الختان صدر بعوار دستوري ومخالف لنص القانون رقم 24 وبهدف غير مبرر, كل هذا من أجل تقليل مشقة الرجل في الجماع مع زوجته ولم يهتموا بالأضرار الجسدية والنفسية التي تتعرض لها الفتيات المختنات جراء هذا الفعل الذي أكد الأطباء أنه تعد علي جسد المرأة وانقاص من أحساسها كأنثي ,وأنه يصيبها بالبرود الجنسي و تؤدي الي مشاكل زوجية و سلوكية . وأخيرا ماورد في النص الخاص بها في قانون انتخاب مجلس النواب الذي ينص علي أن تضم القائمة - التي يزيد عدد المرشحين فيها علي أربعة – مرشحة امرأة في النصف الأول منها والذي يعتبر استمرار لمسلسل تهميش المرأة في الدستور الجديد، والذي بدأ بحذف المواد الخاصة بالتمكين السياسي للمرأة، والذي كانت تحميه المادة 62 بدستور 1971. كل هذه الهجمات الشرسة التي تعرضت لها المرأة خلال العامين الماضيين لم تكسرها بل أشعلت فيها طاقة للنضال أكبر بكثير مما كانت عليه , فلم تثنيها عن موقفها والمطالبه بحقها في الحرية مثلها مثل الرجال , لكنها زادتها قوة وعزيمة واصرار فاستمرت في طريقها وتمسكت بحقها في التعبير عن رأيها والمشاركة في الاعتصامات والاحتجاجات بكل ميادين مصر , ولكن يبدوا أن موقفها اثار عناد بعض أعدائها فبحثوا عن عقابا أقوي يردعها وكان هذا العقاب سيفا سلط علي رقاب الرجال قبل النساء حيث توجهت الضربة مباشرة نحو أهدار خصوصية وبراءة وطهارة أجسادهن متنزعة بكل قسوة أعراضهم تحت تهديد السلاح أمام سمع وبصر المتظاهرين في الميدان , وهو نفسه الميدان الذي طالما رددت فيه النساء بأعلي أصواتها شعار الثورة 'عيش , حرية , عدالة اجتماعية '. فدعوني أترحم علي الرجولة والنخوة التي أصبحت مجرد ذكري يتم تدوينها علي صفحات الزمن , فقد تغيرت النفوس وطفي الشر علي سطح الأرض فلم يعد هناك خيرا يذكر , وأصبحت أعراض النساء مجرد ورقة سياسية رابحة يتم التلاعب بها للتأثير علي دور المرأة في المجتمع , ومحاولة اقصائها عن الاشتراك في الحياة السياسية وتقليص حجم مشاركتها في المسيرات والتظاهرات بميدان التحرير , فاصبحت تتعرض للتحرش بشكل منظم وممنهج اينما ذهبت لتعبر عن رأيها فلم يعد التحرش بالنساء تحرشا جنسيا من قبل بعض الرجال ضعاف النفوس وعديمي الاخلاق ومتعاطي المخدرات والبلطجية , والذين يعانون من الحرمان العاطفي والكبت الجنسي كما كان يحدث قبل حدوث ثورة 25 يناير في بعض الاعياد والمناسبات والتجمعات المختلفة في الشوارع والحدائق العامة والمتنزهات , بل اصبح التحرش الان تحرشا انتقاميا ممنهجا يهدف ترهيب النساء . وبعد ماتعرضت له حوالي 23 فتاة من اعتداء جنسي يصل الي مرحلة الاغتصاب الجنسي الوحشي بالأسلحة البيضاء والأدوات الحادة أثناء مشاركتهن في تظاهرات الذكري الثانية للثورة في ميدان التحرير أصبح هناك يقين أن المرأة ودورها في المجتمع أصبح يثير الرعب في نفوس بعض الطامعين في السلطة مما جعلهم يتعاملون معها بهذه الوحشية في محاولة منهم لأجبارها علي التقوقع في منازلها وارهابها حتي تمتنع عن المشاركة في التظاهرات . والغريب أنه مازال هناك عقولا لاتعي خطورة مايحدث ومازالت تحمل المرأة أسباب مايحدث وتشن عليها حملات شرسة كانت آخر هذه الحملات قسوة تلك التي شنها الشيخ ابو اسلام الذي يقدم برنامجا علي احدي القنوات الدينية حيث برر حالات الاغتصاب التي تعرضت لها متظاهرات بان "كثير من هذه الحالات حصلت مع نساء صليبيات وارامل وقال إنهن نساء عاريات سافرات "رايحين علشان يُغتصبوا"، ووصفهن حين يتكلمن بأنهن يصبحن كال"الغول"، يتكلمن "من دون حياء أو أدب أو خوف ولا حتي أنوثة". وأضاف قائلاً إن المرأة منهن دائماً تكون "ناكشة شعرها مثل الشيطانة"، ووصفهن بأنهن "شياطين اسمهن نساء". أتسائل هنا هل هذا هو ما وصاكم به الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يامعشر الرجال بالنساء فاستمعوا لقول رسولنا الكريم 'ص'حين قال : 'استوصوا بالنساء خيرا ' ونفذوا ماأمر به بالاحسان اليهن والا تظلموهن وتعطوهن حقوقهن غير منقوصة , فرفقا بالقوارير ايها الرجال ولاتضيعوا سنة رسولنا الكريم 'ص' الحقة وتكتفوا بالنقاب وطاعة الزوج وطول اللحية وقصر الثوب والنظر الي المرأة علي أنها كائن دوني عورة من السهل اغواؤها وأنها سبب كل المصائب والفتن ماظهر منها ومابطن .