جاك شيراك.. وداعاً

غادرنا يوم 26 سبتمبر المنقضي الرئيس الفرنسي الأسبق "جاك شيراك"، وهو أحد السياسيين العظام في زمن ضنّ بمثله حيث اشتهر بصداقته لمصر والعرب، لاسيما الفلسطينيين، وبمواقفه الحادة تجاه الدولة العبرية.
في عام 1996م، زار "شيراك" الضفة الغربية وغزة إبان حياة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وقال لأبي عمار عبارته الشهيرة: "إذا واجهت أي صعوبة مع إسرائيل، عليك أن تلجأ لي كما يلجأ المريض للدكتور".
وفي الزيارة نفسها، توجه " شيراك" إلى القدس حيث تجمع المقدسيون لتحيته، وحاولوا الدخول لمقر القنصلية الفرنسية بها، فقام حارس إسرائيلي بطرد الفلسطينيين، وهنا صرخ "شيراك" بوجهه: "أنت هنا على أرض فرنسية، وأنا من يقرر من يدخل القنصلية أم لا، وأنا أريد أن يدخل هؤلاء الفلسطينيون".
وبعد عودته إلى باريس، توجه "نتنياهو" للقائه بقصر الإليزيه، فجلس "شيراك" واستمع له وهو يتحدث عن أمن إسرائيل وضرورة الحفاظ عليه، فقام "شيراك" بعد عشر دقائق فقط بإنهاء الاجتماع بما يشبه الطرد، وقال ل "نتنياهو": "يبدو أنك لن تتغير أبداً، وهذه الاسطوانة المشروخة عن أمن إسرائيل سمعتها كثيراً" ؟!.
وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية في عام 2000م، توجه "إيهود باراك" وزير الدفاع الإسرائيلي وقتئذٍ إلى فرنسا، وهنا طلب " شيراك" من مسئولي مراسم قصر الإليزيه بعدم تقديم حتى كوب ماء ل "باراك"، وقدم له أوراقاً وقلم رصاص في إهانة بالغة له بأن كلامه يُمحى، وهو ما أثار غضب الأخير بشدة حتى أنه تحدث ع تلك الإهانة حين عاد لإسرائيل؟!.

وكلنا نذكر أنه خلال انتفاضة الأقصى أيضاً، قام مصور فرنسي بالتقاط صور قتل الطفل الشهيد محمد الدرة، وحين شاهد "شيراك" هذه الصور، طلب توزيعها مع الفيديو مجاناً لكافة محطات التلفزيون ووسائل الإعلام في العالم كله.
كما لا ننسى ل "شيراك" كذلك أنه استقبل في عام 2004م ياسر عرفات في باريس بعد التدهور المفاجئ في حالته الصحية، فضلاً عن استقباله مؤتمر المانحين الدولي للدولة الفلسطينية في باريس عام 2007م.
تجدر الإشارة إلى أن "شيراك" وُلد في باريس عام 1932م، وانخرط في العمل السياسي متأثراً بالزعيم الفرنسي الشهير "شار ديجول"، وكوّن حزب "التجمع من أجل الجمهورية"، والذي تحول فيما بعد إلى حزب " الإتحاد من أجل حركة شعبية".
وقد شغل منصب رئيس الوزراء في الفترة الممتدة بين عامي 1974- 1976م، وأيضاً خلال الفترة الممتدة بين عامي 1986-1988م. وكان قد انتُخب عام 1975م كعمدة لمدينة باريس، وبقي في هذا المنصب لمدة 18 عاماً متصلة.
فاز "شيراك" بانتخابات الرئاسية الفرنسية في عام 1995م، وبقي رئيسًا لفرنسا لمدتين متتاليتين حتى عام 2007م.