تتميز مدينة سمنود التاريخية بواحدة من أهم المهن التراثية عبر التاريخ المصري التليد وهي صناعة الفخار المحارق تمتد بين القرى والمدن لتؤرخ لحياة إنسانية فريدة لوجوه وأشخاص أحبوا صناعات مهارية تقوم على النار والحطب ومداخن تتجاوز الثماني أمتار تنبعث منها أبخرة شديدة لدرجات حرارة تصل إلى 600درجة مئوية تقليب مستمر للجمر حتى تسوية الطين الصلصال وصنع إبداعات فخارية تجد رواجا شعبيا في بيت مصري. العمال رغم قسوة الحرارة ولهيب النيران فرحون بعملهم لا يتركونه رغم تقدم عجلات الحياة وانتشار التقنية الحديثة للمبردات وحفظ المياه إلا أن "القلل الفخارية" تراثا شعبيا لا ينفك مطلقا عن الشعب المصري. عم علي الشاذلي، واحد من أقدم صناع الفخار واحد أمهر صناع الطمي النيلي منذ طفولته في منتصف القرن المنصرم وهو يصنع الأواني الفخارية وتشمل القلة والزير والطواجن، فضلا على أنه يجوب القرى لترويج بضاعته بعربة كارو قاصدا باب كريم. ويضيف العم على: "بنشتغل المهنة دي من 50 سنة علَمت ولادي حتى حصلوا على أعلى الشهادات لكن بقت صعبة ومافيش وظائف مما اضطرهم إلى العمل معي في صناعة الفواخير وهى مهنة توارثناها عن أجدادنا وكانت ومازالت مصدر رزقنا لكنها تحتاج إلى إحساس ومهارة لا تتوفر سوى بالخبرة الطويلة ورشاقة الصنايعي واستخدامه للطين، مؤكدًا أن بضاعته تشمل أيضا الخزف والمباخر وأدوات ومطافئ الزينة وأحجار التدخين، مشيرًا إلى أن المهنة لم ولن تنقرض لأنها مرتبطة بتراث شعبي وعادات لن تنقرض بمرور الزمن. من أخطر المشاكل التي تواجه المهنة ضعف أجور العمال رغم متاعب ومشاق المهنة ومخاطر الإصابة بالأمراض الصدرية بسبب التواجد بين الطمي والأدخنة المستمرة وعدم تأمين صحي للعمال المهمشين رغم إبداعاتهم وحفاظهم على تراث شعبي خالد مما يعرضهم لضغوط نفسية ويدعوهم لترك العمل والبحث عن مصدر رزق اخر يستطيعون سد احتياجات أسرهم. أما أصحاب ورش تصنيع الفخار فيؤكدون أنهم يتعرضون لخسائر مادية متواصلة منذ سنوات بسبب نقص وجود طمى بسبب أعمال تجريف الأراضي الزراعية للبناء عليها وار تفاع الأسعار ليرتفع سعر النقلة إلى 700 جنيه، وزيادة أسعار نشاره الخشب التي تستخدم في إشعال المواقد وجشع النجارين الذين يفضلون بيع النشارة لأصحاب مزارع الدواجن بأسعار مرتفعة جدا مستغلين حاجتهم . وأشاروا إلى ارتفاع تكلفة النقل فضلا عن انخفاض سعر المنتج وضعف الإقبال وهروب تجار التسويق وكثرة شكاوى البيئة والمواطنين وعدم توافر مناطق صناعية تسهل عمل الإنتاج مما سلبا على الصناعة التي مازالت تقاوم بشراسة من أجل البقاء.