وقًّع المجلس السيادي اتفاقا لإعادة الثقة مع الحركات المسلحة بوساطة سلفا كير رئيس جنوب السودان والتقى زعيم المعارضة بالجنوب، رياك مشار، مع رئيس دولة الجنوب سلفاكير، بوساطة المجلس السيادي، حيث اصطحب نائب رئبس المجلس الفريق أول محمد حمدان دقلو الملقب ب«حميدتي»، الزعيم المعارض إلى جوبا الاسبوع الماضى. الرئيس سلفا كير، نجح فيما فشلت فيه حكومة البشير، طوال الثلاثين سنة الماضية، حيث رفضت الحركات المسلحة طوال هذه السنوات الدخول في حوار جاد وعقد اتفاق سلام يجنب البلاد ويلات الحرب ويوقف نزيف الدم وتدمير اقتصاد البلاد. سلفاكير، إذن كان بيده حل الأزمة في السودان لانه يتمتع بتأثير كبير على قادة التمرد خاصة عبدالعزيز الحلو زمالك عقلر وياسر عرمان الذين حاربوا معه ضد شمال السودان من عام 1983 وحتى توقيع اتفاق السلام مع الجنوب عام 2005 كما أن قادة التمرد في دارفور، اتخذوا من الجنوب ملاذات آمنة وتحركوا من الجنوب ضد الشمال، لذلك كانت قبضة سلفا على قادة التمرد قوية وكانت استراتيجية الجنوب أن يبقى الشمال مشتعلا حتى يتفرغوا لبناء دولتهم. الحرب استمرت في الشمال والحرب اشتعلت في الجنوب واقتربت حكومة البشير، من زعيم المعارضة رياك مشار، بل وقامت استخباراتها في إنقاذه من الموت بأعجوبة، عندما نجحت في التقاطه من ادغال غابات دولة الكنغو المجاورة للجنوب والتي هرب اليها بعدما كان سلفاكير، قاب قوسين من قتله. أجواء الثقة بين الحركات المسلحة وحكومة الشمال لم تكن جيدة رغم انهم كانواشركاء في النضال ضد البشير، وإسقاطه وأجواء الثقة لم تكن جيدة بين سلفا كير، ورياك مشار رغم توقيع اتفاق سلام بينهما منذ أكثر من عام. ومن المفارقات التي سيقف عندها المراقبون للشأن السوداني والمؤرخون ايضا هذا التزامن العجيب في المصالحات الجنوبية الجنوبية والشمالية الشمالية وتبادل الوساطة بين الطرفين وبشكل مباشر وعلني وكان كل منهما يقول للاخر الان وقد رفعت يدك عني ارفع يدي عنك، الان أمنحك السلام كما تمنحني. سلفا كير، التقى رياك مشار، واتفقا على تشكيل الحكومة في نوفمبر المقبل وكان التأجيل استمر عاما كاملا بسبب خوف كل من الرجلين من الآخر، فلم يلتقيا منذ توقيع اتفاق السلام العام الماضي وتعطل تنفيذ الاتفاق والحركات المسلحة اتفقت مع الحكومة السودانية على بدء التفاوض في منتصف اكتوبر المقبل مع البدء الفوري في اطلاق سراح المسجونين والاسرى وفتح ممرات امنة للمساعدات الانسانية في مناطق الاشتباك. ويبقى أن الوقت قد حان الآن لبدء حكومات الجنوب والشمال في الاستفادة من موارد بلديهما الهائلة والتي اهدرت وتعطلت طوال السنوات الماضية والتفكير جديا في إيجاد صيغة تكاملية مشتركة لإدارة السودان الكبير، الذي اثبتت الوقائع انه لايزال بلدا واحدا رغم كل تلك الحروب والمؤامرات التي فصلت جنوبه عن شماله.