تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، التقرير السنوى الخامس والخمسين لمؤسسة النقد العربى السعودي، والذى يستعرض التطورات الاقتصادية والمالية فى المملكة خلال عام 2018م، حيث استقبل الملك سلمان بجدة مؤخرًا وزير المالية محمد بن عبد الله الجدعان، ومحافظ مؤسسة النقد العربى السعودى الدكتور أحمد بن عبد الكريم الخليفي، ووكلاء المحافظ. وقد أشاد خادم الحرمين الشريفين خلال اللقاء بدور مؤسسة النقد العربى السعودى المهم فى خدمة الاقتصاد الوطنى وتحقيق الأهداف المرجوة. فى السطور القادمة، نستعرض أهم ما أشار إليه التقرير، فإلى التفاصيل. وفقًا لكلمة محافظ مؤسسة النقد العربى السعودى الدكتور أحمد بن عبدالكريم الخليفى أثناء اللقاء، فإنه - بفضل اتباع الدولة سياسات اقتصادية متوازنة- حقق الإقتصاد السعودى فى عام 2018م تطورات إيجابية فى معظم قطاعاته، فقد سجل الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الثابتة نموًا نسبته (2.4%) فى مقابل انكماش نسبته (7. 0%) فى عام 2017م حيث ارتفع الناتج المحلى للقطاع النفطى بنسبة (1. 3%)، فيما نما الناتج المحلى للقطاع غير النفطى بنسبة (2. 2%)، وحافظت الأسعار على استقرارها بنسبة تضخم بلغت (5. 2%). فائض بميزان المدفوعات كما ارتفع فائض الحساب الجارى فى ميزان مدفوعات المملكة بشكل ملموس ليبلغ ( 265) مليار ريال مقارنةً بفائضٍ بلغ (39) مليار ريال فى عام 2017م. وزادت الصادرات غير النفطية بنسبة (22 %) لتبلغ (236) مليار ريال. وفى جانب المالية العامة، ارتفعت الإيرادات العامة الفعلية فى عام 2018م بنسبة (31%) ، وتراجع عجز الميزانية العامة للدولة من حوالى (238) مليار ريال إلى (174) مليار ريال ليبلغ نحو (9. 5%) من الناتج المحلى الإجمالي، مقارنة بنحو (3. 9%) فى العام السابق، وذلك على الرغم من اتباع سياسة إنفاق توسعية شملت المساندة الاجتماعية للمواطنين، وتدعيم القطاع الخاص، بالإضافة إلى التقدم فى تمويل وتنفيذ برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، ومن المتوقع أن يستمر الاقتصاد السعودى فى تحقيق نتائج إيجابية فى عام 2019م. السياسات النقدية ومن ناحية أخرى، استمرت السياسة النقدية التى تنتهجها مؤسسة النقد العربى السعودى فى المحافظة على استقرار أسعار الصرف، وتوفير السيولة اللازمة لدعم الأنشطة الاقتصادية، فقد نما عرض النقود بنسبة (2.7%) فى عام 2018م ليبلغ حوالى (1854) مليار ريال، فيما سجل القطاع المصرفى مؤشرات أداء جيدة حيث ارتفع إجمالى موجودات المصارف التجارية بنحو (2%) فى عام 2018م ليبلغ نحو( 2398) مليار ريال. كما استمرت البوادر الإيجابية للمؤشرات النقدية والمصرفية خلال العام الحالى (2019م)، حيث حقق عرض النقود خلال شهر يوليو ارتفاعًا سنويًا نسبته (3.9%) ليبلغ نحو ( 1872) مليار ريال، فيما نمت الودائع المصرفية بمعدل (3.7%) لتبلغ نحو ( 1679) مليار ريال، كما ارتفع الائتمان المصرفى بنسبة (3.8%) ليبلغ نحو ( 1489) مليار ريال. النقد الأجنبي وقد واصلت مؤسسة النقد العربى السعودى إدارة أصولها من النقد الأجنبى وفق سياسات استثمارية مدروسة حيث يتم الاستثمار من خلال محافظ استثمارية متنوعة تدار بشكل احترافى لتحقيق التوزيع الأمثل للأصول واستفادة من الفرص الاستثمارية، وتحرص المؤسسة فى ذلك على تبنى أفضل الممارسات والمعايير الدولية وتطبيق أحدث الأنظمة فى إدارة المخاطر وقياس الأداء الاستثمارى مما أسهم فى تعزيز مركزها المالي، حيث حققت الأصول الاحتياطية فى النصف الأول من عام 2019م نموًا بمقدار (3.3%) لتبلغ نحو ( 1923) مليار ريال. الإشراف والرقابة وأشار محافظ مؤسسة النقد إلى أن المؤسسة تستمر فى الرقابة والإشراف على النظام المصرفى وضمان سلامته من خلال الإشراف الفعال على القطاع المالى لتعزيز الثقة وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة، حيث بلغ متوسط معدل كفاية رأس المال (معيار بازل) نحو (20.6%) فى نهاية الربع الثانى من عام 2019م، مما يعزز متانة القطاع المالى ويجعله أكثر قدرة على دعم الاقتصاد المحلى ومواجهة متطلبات التمويل. كما تسعى المؤسسة إلى تحقيق المهام المنوطة بها على نحو ينسجم مع متطلبات الاقتصاد السعودى ورؤية المملكة 2030، ومن ذلك تعزيز البيئة التمويلية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز دور المصرفية الإسلامية، ودعم التمويل العقارى مع تطبيق الرقابة الفعالة بما يحافظ على استقرار القطاع المالي. وكذلك تعمل المؤسسة - بالشراكة مع وزارة المالية، وهيئة السوق المالية - على تنفيذ مبادرات برنامج تطوير القطاع المالى الذى يهدف إلى بناء قطاع مالى متطور وفاعل لدعم نمو الاقتصاد الوطنى وتحفيز الادخار والتمويل والاستثمار من خلال تطوير مؤسسات القطاع المالي. وختم محافظ مؤسسة النقد بالتأكيد على أن المؤسسة ستواصل نهجها الداعم لعملية الإصلاح الاقتصادى مع المساهمة الفاعلة فى تأدية دورها المأمول فى دعم التنمية الاقتصادية والمحافظة على الاستقرار النقدى والمالي. رؤية 2030 وتأتى تلك التطورات الإيجابية للاقتصاد السعودي- عبر تقرير مؤسسة النقد-، كترجمة ل «رؤية المملكة العربية السعودية2030» التى أطلقها صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية فى أبريل 2016م، ووقتها قال الأمير نصًا: « يسرنى أن أقدم لكم رؤية الحاضر للمستقبل، التى نريد أن نبدأ العمل بها اليوم للغد، بحيث تعبّر عن طموحاتنا جميعًا وتعكس قدرات بلدنا». وقد اعتبر بعض المراقبين الدوليين أن «رؤية 2030» تمثل الحدث الأبرز اقتصاديًا فى تاريخ المملكة منذ اكتشاف النفط فى عام 1938م، وهى باختصار عبارة عن خطة ما بعد النفط للمملكة، والتى تتضمن خططًا واسعة لقطاعات مختلفة: اقتصادية، واجتماعية، وتنموية، وذلك عبر تنفيذ إصلاح اقتصادى وفق خطط مدروسة، وذلك عبر 3 محاور رئيسية: الاقتصاد المزدهر- المجتمع الحيوي- الوطن الطموح، استنادًا إلى 3 مرتكزات تعكس قوة المملكة، وهي: أنها بلد الحرمين الشريفين وقلب العالم العربى والإسلامى - الموقع الجغرافى الإستراتيجى المميز الرابط بين القارات الثلاث (آسيا، وأفريقيا، وأوروبا)- القوة الاستثمارية والاقتصادية الضخمة.