عاش الشعب المصري ليلة حزينة بسبب خروج المنتخب مبكرا من بطولة كأس الأمم الأفريقية، وهذا هو المعتاد مع أية خسارة كروية، فإن كرة القدم فى مصر تعتبر مسكنا لمنغصات الحياة اليومية، ومصدرا للسعادة، ومع الخسارة تتحول إلى هم وكرب تضيق به الصدور. بالرغم من أن الرياضة مكسب وخسارة فإنها تتحول فى مصر إلى تحدي لابد من تتويجه بانتصار صاخب وإلا تعرض اللاعبون وكل من له صلة باللعبة لهجوم ضاري!! إن عاطفة الجمهور تسيطر على رد فعله تجاه اللاعبين، فلو فاز الفريق، يصبح اللاعبون أبطالا ومحل فخر، تقال عنهم أجمل الكلمات، ويقرض لهم الشعر لوصف مهارة كل منهم وبطولته ووطنيته، أما فى حالة الخسارة، فتنتفض الجماهير مهددة بالويل والثبور وعظائم الأمور!! وفى الحالتين يقف الاعلام مساندا للجمهور ويتولى تأجيج مشاعره بلا هدف سوى شغل ساعات البث، فيحمل اللاعبين الفائزين فوق الرؤوس، ويطالب بقطع رؤوس الخاسرين، ضاربا بالمعايير المهنية عرض الحائط!! لقد خسر الفريق المصري ولكن... ألا يمكن الاستفادة مما حدث لإعادة النظر في المنظومة الرياضية بمصر، واكتشاف مدى قدرة المنتخب المصرى لكرة القدم على المنافسة الحقيقية من عدمها؟ ألا يمكن التخلى عن هذا الهوس الكروى، وتوجيه ما ينفق علي كرة القدم بلا أية انجازات لدعم ألعاب أخرى – خاصة الفردية - أثبت أبطالها التفوق بحصولهم على ميداليات وألقاب عالمية؟! لقد آن الأوان لاستغلال آلة الاعلام الضخمة للتأثير في معتقدات الجماهير، وتوجيهها نحو رياضات جديرة بالتشجيع وتحتاج إلى الدعم النفسي من الجمهور المصري، بدلا من دورانها الهستيري من أجل شحذ الهمم لتشجيع كرة القدم، وما يتبع ذلك من خيبة أمل. لقد انتهى الدرس مرارا، ورغم ذلك فمازال البذخ مستمرا فى دعم كرة القدم بحجة إنها الرياضة الشعبية الأولى فى مصر!! فمتى يفيق المسئولون عن الرياضة فى مصر، ومتى يتخلى الجمهور عن التمسك بحلم يصعب تحقيقه فى ظل تلك المنظومة الرياضية التى أثبتت فشلها؟! وفى النهاية تنبغى الإشارة لذلك الاعلان المهين لكل الأعراف الترويجية، والذى تم تسريبه، حسب زعم الشركة المعلنة فى بيانها ((بالإشارة إلى النسخة غير الرسمية من إعلان منتج بيبسي التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن اعتذار بعض لاعبي المنتخب الوطني، تؤكد شركة بيبسيكو مصر أن هذه النسخة تم تحريفها وتسريبها وجارى التحقيق مع الأطراف المعنية للوصول إلى أسباب تداول هذه النسخة المحرفة على مواقع التواصل الاجتماعي. وتوضح بيبسيكو مصر أنها قامت على الفور بتشكيل لجنة من المسئولين والمختصين بالشئون القانونية للتحقيق فيما حدث، لمعرفة كيف تم نشر هذه النسخة غير الرسمية من هذا الإعلان بعد تحريف رسالتها الأساسية الإيجابية التي كانت {الكورة لسه في ملعبنا} كدعم للاعبي المنتخب وتحفيز الجماهير المصرية الوفية في حالة الأداء غير الموفق في الأدوار الأولى فقط من البطولة، وعندما تحقق الفوز لمنتخبنا والصعود كأول مجموعة تقرر عدم نشر النسخة الرسمية، إلا أنه عقب الخروج من دور ال 16 فوجئنا بتداول الإعلان بعد تحريف رسالته الأساسية إلى {الاعتذار واجب}. ومنذ تداول النسخة غير الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي قامت الشركة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحذف هذه النسخة عن طريق التواصل مع المواقع التي تداولتها. وتؤكد الشركة حرصها الدائم على الشفافية في توضيح الحقائق وأنها لن تتهاون في معاقبة كل المسئولين عن هذه الواقعة)) فى الواقع لا يهمنى كثيرا مدى صدق الشركة أو كذبها، سواء كان الاعلان حقيقيا أو محرفا، عرض فى موعده أو سرب في غير موعده، فإنه قد تم تصويره بالفعل، وتقاضى اللاعبون أجرا عن هذا الهراء. إن تصويره غرس فى عقول لاعبى مصر – بلا وعى – فكرة الخروج من البطولة، وساعد على تأهيلهم نفسيا للخسارة، والاعتذار جاهز ومصور!! من المسئول عن هذا العبث؟! وهل يحق للاعبى المنتخب تصوير اعلان دعائي كما يتراءى لهم وللشركة المعلنة بلا رقيب من مسئولى الفريق أو الجهات الرياضية المعنية بلا أدنى مراعاة للقواعد النفسية والمهنية ؟! ألا يوجد خبراء فى علم النفس يتابعون أعضاء المنتخب القومي لارشادهم لما ينبغى وما لا ينبغى حفاظا علي الصحة النفسية والروح المعنوية لهم أولا، وحرصا على السعى الجاد لتحقيق حلم ملايين الجماهير بالفوز؟! هذا العبث بأحلام المصريين البسطاء الباحثين عن فرحة صغيرة يجب ألا يمر مرور الكرام، العقاب الرادع واتخاذ التدابير لتجنب ذلك مستقبلا هو أقل اعتذار واجب للشعب المصري الذى ساند منتخبه بكل حب وثقة ولم يجن سوى المرارة.