اكد الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح أن هذا الحوار يعد أكثر من ضروري كونه يعتبر الطريقة المثلى للتوصل إلى الصيغ التوافقية الضرورية حول الانتخابات الرئاسية، كما يعد أمرا عاجلا يتعين اللجوء إليه وفي أسرع وقت ممكن، لمواجهة التقلبات الاقتصادية والاجتماعية والتهديدات المحدقة بالأمن الوطني ضمن محيط إقليمي ودولي معقد. وقال "لهذه الاعتبارات وغيرها فقد أصبح من الضروري الآن وضع جميع الحسابات الثانوية والمطالب غير الواقعية التي من شأنها إطالة أمد الوضع الراهن ومحاولة الزج بالبلاد نحو الفراغ الدستوري، الذي هو مصدر الريبة وعدم الاستقرار". وأشار إلى أن مسار الحوار الوطني ستتم قيادته وإدارته بحرية وشفافية كاملة من قبل شخصيات وطنية مستقلة ذات مصداقية، وبلا انتماء حزبي أو طموح انتخابي شخصي وتتمتع هذه الشخصيات بسلطة معنوية مؤكدة وتحظى بشرعية تاريخية أو سياسية أو مهنية تؤهلها لتحمل هذه المسؤولية النبيلة وتساعدها على حسن قيادة هذا الحوار. وأكد أنه لإبعاد أي تأويل أو سوء فهم، فإن الدولة بجميع مكوناتها، بما فيها المؤسسة العسكرية، لن تكون طرفا في هذا الحوار وستلتزم بأقصى درجات الحياد طوال مراحل هذا المسار، وستكتفي فقط بوضع الوسائل المادية واللوجستية تحت تصرف هذا الفريق. وقال "سيكون للمشاركين في هذا الحوار حرية مناقشة كافة الشروط الواجب توفيرها لضمان مصداقية الاستحقاق الرئاسي المقبل، والتطرق إلى كل النواحي التشريعية والقانونية والتنظيمية المتعلقة به، بما فيها مجريات العملية الانتخابية، وكذا الآليات الخاصة بمراقبته والإشراف عليه". وأوضح أنه سيكون بوسع فريق الحوار دعوة أي طرف يراه مفيدا لإنجاز مهمته وتحقيق الغرض من إنشائه، خاصة الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني والتنظيمات الاجتماعية المهنية والشخصيات الوطنية، بما فيها الشخصيات المنبثقة عن الحركة الشعبية، بهدف تسجيل مواقفهم وآرائهم ومقترحاتهم. وأشار إلى أن هذا الحوار سيركز على هدفه الاستراتيجي الأوحد ألا وهو تنظيم الانتخابات، التي يتعين أن تجُرى في أقرب وقت وذلك في إطار الدستور الذي يفرض الحفاظ على الدولة واحترام مؤسساتها وإعلاء المصلحة العليا للأمة. وقال "إن السلطة أو الهيئة التي ستعهد إليها مهمة تنظيم العملية الانتخابية ومراقبتها في جميع مراحلها ستكون في صلب هذه النقاشات، كما سيدور الحوار أيضا حول كيفية تسيير هذه السلطة أو الهيئة وتحديد مهامها وصلاحياتها وطريقة تنظيمها وسيرها وتركيبتها، وفي اختيار الشخصيات التوافقية التي ستُسيرها. وأكد أن هذه الهيئة ستكون مستقلة تماما وسيكون لها ممثلين بالولايات والبلديات والمقاطعات الانتخابية للجاليات بالخارج، كما سيكون لها أن تدير بنفسها ميزانيتها الخاصة، إضافة إلى الاعتمادات الأخرى التي قد تخصصها لها الدولة. وأشار إلى أن هذه الهيئة ستقدم اقتراح مشروع قانون خاص بالموضوع، وكنتيجة لذلك، سيتم أيضا تكييف النظام التشريعي والتنظيمي القائم، لاسيما قانون الانتخابات، الذي يحتاج بالتأكيد إلى مراجعة لتوفير الضمانات الكفيلة بتأمين شروط الحياد والشفافية والنزاهة المطلوبة. وقال "سيكون من الضروري النظر في كيفية التوفيق بين هذه السلطة التي سيتم إنشاؤها مع الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات التي ينص عليها الدستور والتي يمكن أن تتم إعادة النظر في تشكيلها". وشدد على أن الدولة ستعمل على أن يتم مراعاة التوصيات والنصوص المنبثقة عن مسار كما ستعكف الدولة على توفير جميع الشروط المادية واللوجيستية التي تتيح إطلاق هذا الحوار في أقرب الآجال، فضلا عن ضمان سيره في مناخ يسوده الهدوء والسكينة. وأكد الرئيس الجزائري أن هذه المبادرة تظهر أن الدولة مصممة على المضي قدما نحو إجراء التغيير المنشود واستجماع الشروط اللازمة لتحقيق هذا الهدف بشكل ممنهج.