حكاية 'شوار بلدنا' أو أبوالعريف نشرتها أيام الرئيس السابق مبارك.. ويبدو أننا في حاجة إلي إعادة نشرها في عهد الريس مرسي.. وحكاية 'شوار بلدنا أو قريتنا'تقول: إن أحد بلدياتي كان عائدا من الغيط 'الأرض' ساحبًا 'عجل جاموسي''بكسر العين' أو 'فحل' شديد البنية.. وهو في طريقه لبيته لمح العجل 'زير مياه'.. ولشدة عطشه هاج وفك قيده عن صاحبه وجري مسرعا ووضع رأسه في الزير كي يروي ظمأه.. فانحشر رأسه في الزير ولم يخرج.. وعجز صاحبه عن إخراج رأسه من الزير فإستعان بأهالي قريتنا كي يحلوا هذه المعضلة.. فقال بعضهم: علينا كسر الزير إنقاذا لحياة العجل.. فرد البعض: كده هنخسر الزير.. فقال آخرون: إذن علينا بذبح العجل.. فرد آخرون: كده هنخسر العجل.. وإحتاروا في الأمر إلي أن علا صوت أحدهم قائلا: إذن علينا فورا الاستعانة ب 'شوار القرية' أو ما يطلقون عليه أيضا 'أبو عريف القرية'.. وبالفعل جاء أبو العريف ووقف يفكر ويفكر.. وفجأة قال: اذبحوا العجل !!.. فذبحوا العجل.. وبعدها حاولوا إخراج رأسه إنقاذا للزير فلم تخرج !!.. فقال: اكسروا الزير.. 'شوفتوا فكاكة شوار بلدنا.. بقرار'ذكي منه' خسرنا العجل والزير !! ' تذكرت هذه الحكاية وأنا أقرأ ملفًا خاصًا نشرته جريدة 'الوطن' عن 'شوارين الريس مرسي في مؤسسة الرئاسة' فتحت فيه ملف صناع القرارات الذين تحولوا الي صناع الازمات في الرئاسة.. وجاء الملف تحت عنوان رئيسي 'ديناميت' حول الرئيس.. وعرضت ل '6' شخصيات بحكم الموقع هم الأقرب إلي الرئيس مرسي، وبحكم التأثير هم الأكثر لفتا للانتباه يتداخلون في الاحداث بصورة مرعبة علي حد تعبير 'الوطن' حتي تحولت مناصبهم ومقاعدهم إلي أماكن قلقة بالنسبة إلي الرئيس وكأنهم ديناميت يستعد للتفجير في أي لحظة.. وهنا تكمن خطورتهم من صلتهم القوية بمن يدير البلد من ناحية وعدم إحساسهم بحقيقة ما يشغلونه فيقلبون الدنيا بنصائح وتعليمات وتصريحات في غير محلها ولا مكانها.. فالرئيس محاصر بهم ولا يخطو خطوة إلا وهم معه وعينه التي تري، وأذنه التي تسمع، وعقله الذي يفكر.. لا قرار يصدر إلا وبصمتهم تظهر، ولا تصريح يقلب الدنيا، إلا ولمستهم حاضرة.. هم رجال أحاطوا بالرئيس من كل ناحية، لاتكاد تراه إلا وهم حاضرون بقوة، حتي وإن لم يظهروا في الصورة.. فلا فارق هنا بين أيمن علي مستشار الرئيس لشئون المصريين في الخارج صاحب العلاقات المتشعبة مع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وأسعد شيحة الرجل الثاني في الديوان ورجل خيرت الشاطر الاول في القصر والذي يتولي عملية تأمين مرسي مع الحرس الجمهوري ويحضر الاجتماعات الرسمية ويلاصقه كظله في كل مكان.. ولا فارق بين عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية الذي يستشيره مرسي في كل صغيرة وكبيرة بداية من ملف الخارجية وحتي الإعلان الدستوري، وبين الاخوين مكي اللذين انتقلا من اعتصامات القضاة الي مقاعد السلطة.. كلهم شركاء في المسئولية.. مسئولية وضع الديناميت حول الرئيس. وبدأت جريدة 'الوطن' في الملف بالحديث عن السفير 'محمد رفاعة الطهطاوي' رئيس ديوان رئيس الجمهورية 'الذي اشتهر مؤخرا بقيد أنملة' وأشارت إلي أنه لم يكتف بالدفاع عن الرئيس لكنه سار علي درب زكريا عزمي مع الفارق حيث كان عزمي مدافعًا تحت قبة البرلمان بوصفه نائبًا عن الحزب الوطني لكنه لم يتحدث باعتباره رئيسا للديوان بينما راح الطهطاوي يجري مداخلات تلفونية يتحدث فيها عن الوجه الشديد للنظام بتأكيده أن الرئيس محمد مرسي لن يغير الإعلان الدستوري قيد أنملة!. أما المهندس 'أسعد شيحة' فالظل هي الكلمة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن تعرف دوره، فهو المسئول عن تأمين الرئيس محمد مرسي في كل تحركاته.. وهو الذي يتابع حركة تأمينه من قبل الحرس الجمهوري بل ويبدي ملاحظاته إذا احتاج الأمر.. كما ظهر في الاجتماعات الداخلية لمرسي سواء مع رئيس الوزراء ووزراء المجموعة الاقتصادية والمحافظين.. ويشترك شيحة الذي يعد من رجال أعمال الإخوان مع أغلب مساعدي الدكتور مرسي بأنه ضمن رجال خيرت الشاطر الذين حوكموا معه فيما عرف إعلاميًا بقضية ميليشيات الازهر.. وهو الذي تطوع وأمسك الميكروفون لمرسي لمدة 10 دقائق أثناء خطبته في ميدان التحرير عقب توليه السلطة أثناء اقترابه من المتظاهرين وتركه المنصة. ويعد الدكتور 'محيي حامد' عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان الرجل الثالث في الرئاسة ومستشار الرئيس للتخطيط والمتابعة ومنسق أعمال الهيئة الاستشارية.. وهو أحد أبرز صناع القرار داخل مكتب الارشاد.. وتم تصعيده داخل الهيئة الاستشارية باختياره منسقا لأعمالها وينسق لهم اللقاءات مع الرئيس.. ولا يمر أسبوع إلا ويكون 'حامد'قد حضر اجتماع مكتب الإرشاد وهو ما اعتبره البعض همزة الوصل بين الرئاسة ومكتب الإرشاد.. اعتقل حامد نحو 12 مرة أبرزها كانت في قضية سلسبيل الشهيرة عام 1992 مع المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان.. ودعويا لحامد إسهامات في شرح 'رسائل الإمام حسن البنا' مؤسس الجماعة، ويحسبه البعض علي القطبيين داخل الجماعة. .. 'خالد القزاز'.. السكرتير الشخصي للرئيس و'كاتم الأسرار'.. ويحمل الجنسية الكندية.. ولو كان مسموحا كما ترصد 'الوطن' لمصور الرئاسة أن يلتقط صورة مكبرة للقاءات الرئيس مع ضيوفه لبرز في صدر الصورة وجه القزاز وهو يدون بيده في ورق الرئاسة أبرز ما يدور بين الرئيس وضيوفه.. ويشارك عصام الحداد أستاذ التحاليل الطبية مستشار الرئيس للشئون الخارجية في إدارة الملف الخارجي للرئيس.. خالد القزاز من عائلة إخوانية كبيرة ووالده عدلي القزاز صاحب أشهر مدارس خاصة في مصر.. وبدأت علاقة خالد القزاز برجل الإخوان القوي المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان أثناء فترة سجن الأخير في قضية 'ميليشيات الأزهر' وفي التوقيت كان 'القزاز' قد عاد من كندا بعد دراسة الهندسة ليعمل في إدارة مدارس المقطم التي يملكها والده وكان حسن ابن الشاطر كما تقول 'الوطن' أحد طلاب المدرسة، وتم إعفاؤه من مصاريف الدراسة.. وبعد خروج الشاطر من السجن توطدت العلاقة وحصل خالد القزاز علي منصب منسق العلاقات الخارجية بالحزب ثم انتقل الي مؤسسة الرئاسة.. ولم تقتصر المنح الإخوانية علي خالد فقط بل امتدت كما تشير 'الوطن' إلي 'عدلي' الأب الذي جري تعيينه مستشارا لوزير التعليم!!. .. 'أحمد عبد العاطي' مدير مكتب رئيس الجمهورية وهو الصيدلي الذي ظهر رسميا علي الساحة ليعلن عن إقالة النائب العام عبد المجيد محمود وتعيينه سفيرا لمصر لدي الفاتيكان رغم أنه ليس من مهام وظيفته ووقتها قامت الدنيا ولم تقعد حتي تم التراجع عن القرار.. وعبد العاطي كما ذكرت جريدة 'الوطن' كان قد هرب من السجن في عهد مبارك ضمن 26 قيادة إخوانية فيما عرف بقضية 'ميليشيات الأزهر' وعاد إلي مصر بعد انتهاء حكم مبارك. أما 'أيمن علي' فهو رجل لا يعرفه إلا قيادات جماعة الإخوان المسلمين وبعض قيادات التيارات الإسلامية ورشحه حزب الحرية والعدالة ليكون عضوا بالتأسيسية كممثل عن المصريين بالخارج، وبعدها بأشهر قليلة اختاره رئيس الجمهورية ضمن هيئته الاستشارية ليكون مستشاره لشئون المصريين في الخارج، ويتمتع 'علي' بعلاقات قوية مع عدد كبير من قيادات الإخوان بالتنظيم الدولي خاصة أوربا لكونه الامين العام لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا كما أنه من الأشخاص الذين يحسبون علي المهندس خيرت الشاطر وقد اشترك علي في التصريحات التي أعلنت أن الرئيس لن يتراجع عن الإعلان الدستوري.. ويؤمن بالمشروع الإسلامي والعمل الدعوي ومنذ توليه منصبه في الرئاسة حاول 'علي' حل مشاك - لات المعتقلين المصريين في السعودية والكويت. ويعد 'عصام الحداد' الذراع اليمني للرئيس محمد مرسي ومن قبله الذراع اليمني لخيرت الشاطر نائب المرشد.. فلا يمكن أن يتخذ مرسي قرارا من قراراته – كما تؤكد 'الوطن' – إلا ويكون استشار 'الحداد' فيه، ومن بينها الإعلان الدستوري الأخير.. وبعد تولي الحداد منصب مساعد الرئيس للشئون الخارجية أصبح الملف الخارجي لمصر بين يديه بل وتتناثر أحاديث في وزارة الخارجية عن تهميشه لمحمد كامل عمرو وزير الخارجية، وإطلاعه علي جميع المذكرات التي تعرض علي وزير الخارجية، بل قيامه بلقاءات كثيرة مع دبلوماسيين لا يعرف عنها كامل عمرو شيئا.. تنظيميا دخل الحداد مكتب الارشاد في فبراير الماضي بالتعيين، إضافة لتقلده منصب رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة التي مهدت إلي لقاءات جمعت مكتب الإرشاد بالقيادة الأمريكية.. وهو صاحب البيان الصدمة الصادر عن مكتبه باللغة الإنجليزية ووجهه إلي وسائل الإعلام الأجنبية والذي تعدي فيه علي المحكمة الدستورية واتهمها بأنها من المؤسسات المناهضة للثورة وهو ما جعل المحكمة تصدر بيانا شديد اللهجة اتهمت فيه رئاسة الجمهورية بارتكاب جريمة إشاعة أنباء كاذبة ومغرضة خارج البلاد تضعف الثقة بهيبة الدولة وتضر بالمصالح القومية بالبلاد. ولم تنس الصحيفة الحديث عن الأخوين أحمد ومحمود مكي تحت عنوان 'للسلطة حسابات أخري'.. وقد لمع أسماهما وعلا نجماهما، بفضل مواقفهما المناهضة لتغول السلطة التنفيذية في شئون القضاة.. لكن الزخم الذي راكمه المستشاران الجليلان 'الإخوان مكي' طوال سنوات عملهما ونضالهما مدافعين عن استقلال القضاء بدأ يتأثر بالطبع بأدائهما المدافع عن 'مؤسسة الرئاسة والحكومة' في ظل حكم الرئيس مرسي بل الانحياز إليه في بعض المواقف، فالمتابع الجيد لمواقف نائب الرئيس يندهش من صمته علي ما يتعرض له الثوار من قتل وملاحقة في عهد الرئيس المنتخب محمد مرسي علي أحداث أبرزها اعتصام الاتحادية.. وإعلانه أنه لم يستشر في إعلان مرسي الديكتاتوري!!.. وقد صمت وهو الرجل الثاني في الرئاسة بحكم منصبه - عن اتخاذ أي موقف تجاه الإعلان الديكتاتوري رغم إعلانه أنه لم يشارك في كتابته لأنه – علي حد قوله – من الصعب أن يكتب غير ما يعتقد.. كما تجاهل الأخوان إقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود بالمخالفة لقانون السلطة القضائية.. بل وممارسة الضغوط علي النائب العام الحالي للتراجع عن استقالته من منصبه رغم إعلان وزير العدل أحمد مكي أن النائب العام كان يرغب في تقديم استقالته لأنه يعرف أن تعيينه في هذ ا المنصب غير قانوني. هذا ملخص الملف الذي نشرته جريدة 'الوطن' والذي شارك في إنجازه الزملاء 'أحمد البهنساوي - رجب المرشدي– طارق صبري– هاني الوزيري'.. ويبقي السؤال: أين باقي مساعدي الرئيس أو مستشاريه من قراراته؟.. والإجابة وضحت أكثر من مرة فما عدا هذه الأسماء فالباقي أسماء علي الورق فقط وهو ما أكده الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في حواره مع لميس الحديدي: أن الرئيس مرسي يواجه ضغوطاً كبيرة من مساعديه، واصفاً إياهم إنهم جاءوا عن طريق 'المقطم' في إشارة إلي مكان المقر الرئيس لجماعة الإخوان المسلمين!!. لكن الجديد هو ما خرج به علينا المستشار محمود مكي عشية استفتاء المرحلة الثانية للدستور من أنه قدم استقالته لأنه أدرك منذ فترة أن طبيعة العمل السياسي لا تناسب تكوينه المهني كقاضٍ!!.. ونسي أن إقرار الدستور يعني إقالته من منصبه لأنه خلا من هذا الموقع !!