اصبح رمضان منذ سنوات ليست بالقليلة هو موسم عرض الاعمال الدارمية التي تجذب جميع نجوم مصر الذين انحصرت نجوميتهم في السينما النظيفة بعدما سيطرت السينما التجارية بمفرداتها التي ساهمت في تراجع الذوق العام وتغييب الوعي ،واعطاء صورة مسئية للشعب المصري رافعة شعار سينما الواقع والجمهور عايز كدا رمضان هذا العام رغم الانخفاض الملحوظ في عدد المسلسلات المصرية مقارنة بالأعوام الماضية والتي يمكن ان تضمن متابعة جيدة للاعمال كلها، الا ان انصراف المشاهد عن المتابعة كان العنوان الابرز لدراما رمضان طبعة2019 ،وجاءت دراما باهتة الاداء ضعيفة المستوي تميزت بفجاجة الالفاظ.. لم يشفع الصمت الاجباري للرقيب ولا التصنيف العمري لكل حلقة ان يحجبها و يمنع الحرج العائلي عن المشاهدين الدراما المصرية دخلت في مرحلة الخطر .. لاخطوط عريضة للمشهد الدرامي الرمضاني المصري سوي الارتجال .. الافتعال والتطويل لبلوغ الثلااثين حلقة .. فتغلب الكم علي جودة الكيف. افتقدنا البريق المشع للدراما المصرية ليس هذا العام فقط وانما منذ سنوات ليست بالقليلة ونحن نعاني ازمات كبيرة في الابداع ، ويكفي ضعف مستوي السيناريوهات التي اصبحت تعتمد علي فورمات اجنبية لم يكلف اصحابها عناء تمصيرها اضافة الي اللجوء لورش التاليف واكثر من مؤلف للعمل الواحد مما افقد الفكرة وحدتها، وتسلسلها ، وتماسكها وتاه المشاهد بين اكثر من وجهة نظر للفكرة الواحدة .. فاصبحنا امام اعمال ليس لها خط واضح افتقدت الوحدة او بالاحرى افتقدت الموهبة. وجاء خروج النجم عادل امام من السباق الرمضاني هذا العام لاول مرة منذ سنوات طويلة كاشفا، فترك فراغا كبيرا على ساحة الكوميديا رغم عرض 6 مسلسلات يفترض انها كوميدية الا انها جاءت ثقيلة الظل اعتمدت علي افيهات معادة، ومط وتطويل، وحركات جسدية مبالغ فيها، وارتجال غاب عنه الابداع وتماسك النص، وكوميديا الموقف .. واخشي ان نكون امام كبوة ومرحلة جديدة لكوميديا مصرية غير مضحكة رغم اننا شعب معروف بخفة دمه، وقفشاتة . وتغيير في شكل الكوميديا قد لا يكون مجرد كبوة بل بداية مرحلة جديدة .. الحاح الفواصل الاعلانية وسط المسلسلات صنع حالة من التشتت البصري والذهني افقدت المشاهد المتابعة، والتسلسل الدارمي المفقود اساسا، بل واتي بنتيجة عكسية، وجعل المشاهد يتنقل من قناة لاخري، او ينجز عملا اخر ينسيه ما كان يتابعه.. فقد اصبح الفاصل الدرامي 5 دقائق يعقبها فاصل اعلاني 15 دقيقة. الفقر الابداعي امتد لصناعة الاعلان والذي شهد انفلاتا ملحوظا ، وكم فوضوي من الاعلانات المنفرة التي حملت اما قيما مسيئة للأسرة المصرية وهي لم تختلف في ذلك كثيرا عن محتوي المسلسلات الدرامية ، واما تركت انطباعا سيئا عن المجتمع كاعلانات جمع التبرعات للمستشفيات، والجمعيات الخيرية بالرغم من بعدها الاجتماعي الا انها اظهرت بسطاء المصريين وكانهم يعيشون على التبرعات واعمال الخير من زكاة وصدقات ، ووصلنا الي حالة قبح ينسب فيه تراجع القيم للدراما المصرية، والتي كانت في يوم من الايام فنا يشكل قاعدة ابداعية قوية ، والقوة الناعمة التي يجتمع عليها الوجدان العربي من المحيط للخليج مرسخا للقيم والجمال والانتماء ، مشكلا للوعي الجمعي، ناشرا للعلم والمعرفة، حافظا للتراث كاحد الروافد التنويرية ، فكان امتداد للبعد الثقافي والحضاري وركيزة اساسية من ركائز الامن القومي للدولة المصرية.. افتقادنا هذا العام للتميز والرقي جعلنا امام سؤال يطرح نفسه بقوة متي نرفع شعار عودة زمن الفن الجميل وتبقي ماسبيرو زمان هي النقطة الوحيدة المضئية، واتمني ان تبقي بعيدة عن حزب اعداء النجاح